طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2.. (الكبير أوى) هبوط اضطرارى فى منسوب الضحك
أتابع مسلسل (الكبير أوى) فى جزئه السابع، وعندما وجدت بعض السكاكين تحاول فى بداية رمضان النيل منه ومن رحمة أحمد الشهيرة بـ(مربوحة)، كان تفسيرى أنها حملة معصوبة العينين، ليست بالضرورة مغرضة أو ممنهجة، طبيعة الوسائط الاجتماعية هى المبالغة، الرأى الصاخب يحقق (التريند)، وتابعت الحلقات، رغم هبوط منسوب الضحك، ولكنى عصرت ليمونة وأكملت، تحفظت ونفرت من بعض (الإفيهات) وزادت كمية الليمون المعصور، وواصلت المشاهدة برغم كل هذه المخاطر التي تهدد محصولنا القومى من الليمون ب النفاد.
لم تعننى أبدًا (السوشيال ميديا) التي تندلع فيها الحرائق بمستصغر الشرر، يكفى أن يبدأ أحدهم قائلاً: (فشل هذا العمل الفنى)، ويحصل على خمسة (لايك)، تجد الثانى يكتب (نهاية زمن الكبير أوى)، ويرتفع الرقم إلى 05 (لايك)، يلتقطها الثالث (ارحمونا من رحمة) تزداد الحصيلة إلى 5 ملايين، وهكذا ندخل فى سباق أشبه باختراق الحواجز، كل مرة يجب أن تزيد من مساحة القفزة، كلما ازداد التعقيب قسوة زاد عدد المعجبين والمتابعين، وبرغم أننى أستقبل كل الأعمال الكوميدية بقدر كبير من الرحابة والتسامح، فأنا أقف على الجانب الآخر من المقولة الشهيرة (الضحك من غير سبب قلة أدب)، أرى الضحك بسبب أو بدون هو منتهى الأدب، وهو هدف أسمى لا ينبغى أن نضيع الوقت فى البحث عن سبب، فقط (اضحك وأنت ساكت).
هناك قدر من نضوب الخيال، الضحك يعتمد على زاوية الرؤية كما قال الفيلسوف الفرنسى بيرجسون (الحياة مأساة تراجيدية لمن يشعرون وملهاة كوميدية لمن يفكرون)، صانع العمل الفنى يمتلك زاوية الرؤية فى استخدام مؤشر الضحك، وأنت أيضًا كمتلقى تملك أن تحدد زاوية قراءتك للشاشة، هل ترى بالقلب أم بالمخ، تعودت أن أتابع الكوميديا بالعقل حتى لا أضيع على نفسى فرصة عزيزة المنال، بالبهجة وإنعاش المزاج فى هذا الزمن الشحيح.
تراجعت الكثير من العناصر الفنية بداية من فريق الكتابة، حيث تميزت العديد من المواقف العام الماضى بالطرافة والطزاجة خاصة مع مهرجان (المزاريطة) الذي كان أشبه بالوجه الساخر لمهرجان (الجونة)، الذاكرة الجمعية تعتبره مهرجانًا للملابس (الجريئة)، وعندما يقام فى الصعيد تزداد المفارقة وتصبح الفرصة مواتية للضحك، هذه المرة وحتى كتابة هذه السطور، لم يعثروا على اللمحة القادرة على خلق الضحك، كلها ضحكات قديمة من الصندوق انتهى عمرها الافتراضى.
يأخذون من بقايا الإفيهات السابقة، الورقة التي يلعب بها المخرج أحمد الجندى وهو الدفع بأحد النجوم كضيف شرف، هى قطعًا تزيد الأمل فى إمكانية العثور على ضحكة، ولكنها ليست بالضرورة قادرة على تحقيق هذا الهدف، العمل الفنى دخل فى صراع بين الواقع الذي تراه على الشاشة وبين التوقع المسبق والذي كان يشى بالكثير، كما أن مجموعة الممثلين الذين تألقوا فى الجزء السادس وعلى رأسهم محمد سلام، لم تجد ما تقدمه هذه المرة، النص المكتوب غلب عليه الافتعال، فصار عصيًا على الضحك، والمخرج أحمد الجندى الذي كان قادرًا على توظيف كل العناصر الإبداعية، مثل التكوين وحركة الكاميرا والمونتاج والإضاءة والموسيقى لخلق الضحك، هذه المرة تعامل بكسل شديد مع كل هذه الأسلحة، وبطل الحلقات أحمد مكى يبدو على ملامحه أن (الغزالة لم تكن رايقة)، وتراجع منسوب الضحك كثيرًا كثيرًا، ولم يعد الليمون كافيًا، وبرغم ذلك فلا أزال صامدًا أحاول العثور على أى بصيص من الضحك!