الإثنين 15 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حين يجتمع النصاب والمريض أمام الشازلونج

يا عزيزى كلنا معالجون

فى بداية شهر يوليو الماضى، تمكنت وزارة الداخلية من ضبط عاطل حاصل على دبلوم معهد دراسات بيئية يدير عيادة للطب والعلاج النفسى بمدينة المنصورة فى محافظة الدقهلية، الواقعة ليست الأولى فى ظل وجود جلسات تتم أون لاين من معالجين غير محترفين، الأخطر من ذلك، اتجاه العديد من الناس لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى، كبديل للمعالج النفسى.



 

«روزاليوسف» تفتح ملف مهنة المعالج النفسى،وما تواجهه من مشكلات، رغم الأهمية الكبيرة للمعالج النفسى، بوصفه مكملًا لعمل الطبيب النفسى، حيث يكون المسئول عن تنفيذ الخطة العلاجية الموضوعة له، لاسيما مع قلة أعداد الأطباء النفسيين.

وفى ظل  تصاعد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، تزايدت الحاجة إلى خدمات الصحة النفسية فى مصر، إلا أن غياب التنظيم القانونى لمهنة العلاج النفسى، فتح الباب أمام الممارسات العشوائية والخطرة، بدأت بدخول العديد من الدخلاء على المهنة، معالجون دون تدريب كافٍ، مراكز تعمل دون رقابة واضحة، باتوا يشكلون تهديدًا مباشرًا لسلامة المرضى وثقة المجتمع.

 هذا التحقيق «يغوص» فى كواليس مهنة تعانى من الفوضى التشريعية والتنظيمية، يكشف كيف يمكن لغياب الضوابط، أن يُحوّل العلاج النفسى من مساحة أمان إلى بيئة محتملة للاستغلال والضرر.

غياب نقابى

«أصبحت مهنة من لا مهنة له»، بهذه العبارة بدأ دكتور أيمن عامر رئيس رابطة الإخصائيين النفسيين، حديثه لـ«روزاليوسف»، تابع قائلا : «إن ممارسى مهنة العلاج النفسى من الإخصائيين، موجودة منذ ما يقرب من 60 عامًا وهم يسعون لتثبيت التخصص؛ وهو علم النفس لكى يكون راسخًا فى المجتمع، واعتبرنا إجراء المطالبة بتأسيس نقابة إنها الإجراء الرسمى لتثبيت هذه المهنة، والأزمة حاليا تعكس عدة أمور، أولها تاريخية متمثلة فى وجود من يتعاملون مع مهنة علم النفس إنها مرتبطة بالفلسفة أو علم الاجتماع؛ لأن قديمًا كانوا «تخصص دراسى واحد»، إلى أن تمت المطالبة بفصل التخصصين عن بعض، وهو أمر له دلالات معينة، أن عدم وعى الناس بالعلوم الاجتماعية، أحد الأسباب الكبرى لتمييع عدد كبير من العلوم رغم احتياج المجتمعات لها.

 فوضى وعشوائية

تحدث محمد خطاب أستاذ علم النفس الإكلينيكى والتحليل النفسى بقسم علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس لـ«روزاليوسف»، قائلًا: «إن  مهنة العلاج النفسى فى الوطن العربى بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة تتسم بالفوضى والعشوائية، خاصة فى ظل عدم وجود نقابة لخريجى علم النفس، سواء من كليات الآداب أو كليات تربية، تخصص علم نفس أو  صحة نفسية؛ ومن ثم لا يوجد أى نوع من أنواع المتابعة أو الإشراف أو الرقابة أو المحاسبة القانونية، لا يوجد قانون منظم حاكم لعمل الإخصائيين النفسيين، سواء فى الهيئات الحكومية أو حتى فى المدارس، حيث يعمل السيكولوجى تحت مسمى إخصائى اجتماعى.

 الدخلاء

قالت منال بدر، إخصائى نفسى إكلينيكى، إن عدم وجود نقابة نتج عنه عدم تطبيق القوانين لحماية العميل أو المريض؛ نظرًا لعدم وجود رقابة، ونتج عنه أيضًا دخول غير الدارسين لعلم النفس الإكلينيكى فى المجال الإرشادى والعلاجى، كما نتج عنه القوانين غير المفعلة، أكملت حديثها: «للأسف وزارتى التضامن والاستثمار، يصدران تصاريح لمراكز علاجية دون مراجعة التخصصات العلمية..أعربت عن تمنيها تحول رابطة الإخصائيين النفسيين لنقابة».

كوارث

أضاف «خطاب» مدير مركز الخدمة النفسية بكلية الآداب جامعة عين شمس: «هذا أدى بدوره إلى قيام عدد كبير من المحتالين ومدعى العلاج النفسى إلى ممارسة المهنة، خاصة ممن حصلوا على دبلومات مهنية أو ماجستير ودكتوراه مهنية غير معتمدة فى علم النفس، هم فى الأساس خريجو كليات مختلفة، بعيدة كل البعد عن علم النفس، حتى أنه يوجد منهم حاملو شهادة الثانوية العامة فقط أو مؤهل متوسط، يفتح مراكز ويخصص صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى للعلاج.

 يكمل حديثه قائلًا: «اكتشفت أن من بينهم من ادعى أنه يطبق الاختبارات النفسية واختبارات الذكاء الوهمية، معتمدًا على جهل العملاء، الضحايا غالبًا هم الأطفال؛ أذكر موقفًا قابلنى فى عملى، حين كُتبت تقارير تشير إلى أن الطفل يعانى من إعاقة ذهنية، تشير إلى أن الطفل يتمتع بقدرات عقلية ومعرفية مرتفعة للغاية.. وواقعة أخرى أحد المعالجين غير المحترفين، قال للمريضة لما ذكرت له رغبتها فى الانتحار.. طالما دى رغبتك فى الانتحار اذهبى وانتحرى!.. وللأسف البنت انتحرت».

 

كشف أنه يوجد العديد من المراكز الوهمية، تخصص دورات تدريبية وهمية فى العلاج النفسى.. يطلق على نفسه لقب «اللايف كوتشنج» لمجرد أنه حصل على كورس بسيط يقوم بعلاج كل الاضطرابات والانحرافات والأمراض النفسية والسلوكية، الضحايا فى الآخر هم المرضى وذووهم، بعدما زادت المعاناة والألم، استنزاف الأهل ماديًا وخاصة أنهم غير مؤهلين تمامًا للعمل فى هذا المجال.

موقف آخر تحدث عنه الدكتور أيمن عامر رئيس رابطة الإخصائيين النفسيين: «أذكر أننى تلقيت اتصالًا من خريجة كلية التجارة، حصلت على دبلومة فى علم النفس، كانت تسألنى عن مرض الفصام، حيث إن لديها مركزًا علاجيًا وقابلتها حالة ترغب فى معرفة كيفية التعامل معها، هو ما يبرز خطورة فتحها لمركز علاجى وهى غير متخصصة».

 وهم العلاج 

أوضح دكتور محمد خطاب نائب رئيس مجلس الجمعية المصرية   للتحليل النفسى، أن بعض المعالجين الوهميين، يعملون تحت مسمى العلاج الإيحائى أو التنويمى أو الروحى، والبعض الآخر من المرضى ومن المضطربين نفسيًا، يخصصون مواقع يعالجون فيها بشكل جماعى لعدد من المرضى؛ ما يزيد من حدة الأمراض والاضطرابات، بل إن بعضهم يصف دواء وهو ما أدى إلى وقوع بعض المرضى فى فخ الإدمان، بل يقدمون نصائح كارثية سواء للفرد أو للأسرة.

فوضى علاج الإدمان

بدوره حذر دكتور محمد خطاب، مما يحدث فى مجال علاج الإدمان ويقول: بعض المدمنين بعد تعافيهم يقوم بتأجير فيلا فى أحد الأماكن النائية لعلاج المدمنين، بدون وجود طبيب نفسى أو معالج نفسى؛ ويتم حبس المدمن فى هذه الفيلا بالشهور يتم استنزافه ماديا ونفسيا، حيث للأسف تحدث داخل بعض هذه الأماكن العديد من الجرائم والانحرافات الجنسية بين المرضى، فهذه الأماكن يحدث بها كوارث لا حصر لها، لدرجة أن بعض الشباب يتعاطى المخدرات عمدًا ويذهب للعلاج حتى يتسنى له فتح مشفى خاص به، خاصة فى ظل الأرباح الطائلة التى يتم تحقيقها فى فترة وجيزة للغاية والضحايا هم المجتمع والأسرة والفرد.

بالإضافة لما سبق، توجد صراعات غير مبررة بين الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين، هو الأمر الذى يزيد من ارتباك وتشوش المريض؛ فالمريض فى أشد الحاجة لمن ينصت له ويهتم به لأن مثل هذه الأشياء مهمة جدًا فى العلاج؛ فالألم النفسى أشد وطأة وألمًا من الألم العضوى وإذا لم يعالج قد يؤدى بالمريض إلى الانتحار، مثل الاكتئاب أو قد يؤدى إلى مزيد من الاضطرابات «السيكوسوماتك» وهى أمراض جسدية مثل القولون العصبى والصداع وبعض الأعراض الجلدية التى ترجع لأسباب نفسية بحتة؛ ولذا يجب الاهتمام بالإعداد الجيد للعاملين فى مجال الطب والعلاج النفسى.

وقالت منال بدر إخصائى نفسى إن المدمن المتعافى له دور  مساند فى العلاج ولكنه ليس علاجيًا ولا إرشاديًا.

 العمل وفقًا للقانون

أكثر من 200 ألف إخصائى نفسى، يبحثون عن كيان نقابى يضمهم وهو ما ينتظر من البرلمان القادم أن يقره بحسب دكتور أيمن عامر رئيس رابطة الإخصائيين النفسيين، موضحًا أنهم فى السابق قيل لهم إنهم تابعون  للأخصائيين الاجتماعيين، وبفضل جهود أعضاء من البرلمان تضامنوا معهم تم الفصل عن الاجتماعيين، لكن تم حل البرلمان قبل أن يتم التقديم لكى يكون للأخصائيين النفسيين نقابة.

فيما يتعلق بالمعالج النفسى الذى يعمل تحت إشراف وبشكل رسمى بحسب القانون، قال دكتور محمد خطاب، إنه يجب أن يكون المعالج النفسى من خريجى كليات الآداب قسم علم النفس الإكلينيكى، تم تدريبه لمدة لا تقل عن سنتين فى أحد المستشفيات والعيادات النفسية، تحت إشراف مع حصوله على دبلوم علم النفس الإكلينيكى على الأقل، بالإضافة لحصوله على عدد ست دورات متخصصة فى العلاج النفسى ثم التقدم لوزارة الصحة للحصول على رخصة مزاولة مهنة العلاج النفسى، لكن لا يحق له كتابة أدوية ولا يحق له فتح مكان ويكتب عليه عيادة نفسية، بل يفضل أن يعمل تحت إشراف طبيب نفسى وأن يضع شهادة مزاولة المهنة فى العيادة لكى يتمكن المرضى من رؤيتها، ويعلق قائلًا: «لكن للأسف هذا لا يحدث إلا نادرًا».

أشار الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع فى الجامعة الأمريكية، إلى أن التطبيقات أو المواقع الإلكترونية التى يمكن من خلالها معرفة معلومات وتقييم للمعالجين النفسيين، مضيفًا أن الأساس فى وجود قاعدة بيانات للمعالجين النفسيين المرخص لهم العمل، حتى ولو قامت نقابة الأطباء بهذا الدور بشكل مؤقت، لحين الفصل فى إشكالية وجود نقابة للمعالجين النفسيين، وأن النقابات المهنية يجب أن تطور من نفسها.

كما لفت صادق إلى أن المواقع الإلكترونية التى تقدم الخدمة العلاجية النفسية، لا بد أن تقوم بعمل توثيق للمعالجين النفسيين لضمان العلاج مع المحترفين منهم، علاوة على ضرورة التوعية بشأن الفارق بين المعالج والطبيب واللايف كوتش.

 التقاطع مع تخصصات أخرى

أضاف «عامر» أن النقطة الثانية لعدم وجود كيان نقابى، كانت فى الإخصائى الاجتماعى فى المدارس، كان يتم التعامل معه فى المشاكل النفسية، كان علم النفس تحت مظلة الإرشاد الاجتماعي؛ حتى قام أساتذة علم النفس ومنهم دكتور فؤاد أبو حطب ودكتور أحمد عكاشة فكوا هذا الالتحام وأعادوا القيمة للتخصص النفسى.

ولفت رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين، إلى أن التقاطع مع عدة تخصصات منها التخصص التربوي؛ واستدرك قائلًا: «وإن كان الإخصائى النفسى فى المدارس، عادة ما يتولى مسئولية  بيع المأكولات والمشروبات أو تنظيم الدورات الرياضية، عندما تحدث مشكلة نفسية يبدأون فى البحث عن التربوى المتخصص».

ولفتت منال بدر إخصائى نفسى، إلى أن مهنة الإخصائى النفسى لها ميثاق أخلاقى بحسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس،  ووفقًا  لرابطة الإخصائيين النفسيين، وهو أمر غير شامل لباقى التخصصات؛  والميثاق قائم على خمسة مبادئ وهي: المنفعة ومنع الضرر والإخلاص والمسئولية والنزاهة والعدالة واحترام حقوق الناس وكرامتهم.

  جائحة «كوفيد 19»

علق محمد خطاب نائب رئيس الجمعية المصرية للتحليل النفسى، على الأمر قائلًا: «إن جائحة «كوفيد 19» ساهمت فى ظهور عدد كبير من المحتالين فى المجال السيكولوجى، تحت مسميات مختلفة.. وعلق بقوله «للأسف الشديد أغلبهم من المرضى.. فالأمر أدى إلى مرضى يعالجون مرضى.. أو يستغلون المرضى أسوأ استغلال مثل الاستغلال المادى والعاطفى والجسدى».

 دورات العلاج النفسى

حددت منال بدر إخصائى نفسى، أربع جهات هى الأمانة العامة للصحة النفسية، الجمعية المصرية للمعالجين النفسيين، مركز البحوث النفسية والجمعية المصرية للعلاج المعرفى السلوكى، هم الأربع جهات المنوطة بالتدريب من خلال وزارة الصحة.

أضافت «بدر» أن الجهات  السابق ذكرها، هى المعنية بالتدريب فقط للإخصائى النفسى الإكلينيكى أو المعالج النفسى، لكى يتلقى الدارس الدورات فيها، يتم تقديم شهادة الليسانس والدبلومة؛ وهى الجهات المعتمدة من وزارة الصحة فقط، التدريب قاصر على الحاصلين على ليسانس علم النفس ودبلوم إكلينيكى أو تطبيقى.

وقالت: «قبل 30 سنة فى فترة دراستى، لم يكن خريج علم النفس يعمل فى العلاج أو القياس النفسى، إلا بعد الحصول على دبلومة الإكلينيكى أو التطبيقي؛ حين درست هذه الدبلومة كان عددنا 17  على مستوى الجمهورية، تدربنا لمدة 9 شهور فى 3 مستشفيات، كل مستشفى منها لمدة 3 شهور على الأقل وليس لمدة 3 أيام فى الأسبوع، تحت إشراف طبيب  متخصص فى علم النفس ما بين نفسى وعقلى وإدمان وأعصاب؛ لذلك أتعجب كيف يمكن لشخص حصل على كورس أن يصبح معالجًا نفسيًا؟».

من الأمور المؤثرة فى المجال، بحسب تصريحات منال بدر الإخصائى النفسى، أن الحصول على تصريح مزاولة المهنة لغير الأطباء، أى الإخصائى النفسى الإكلينيكى، له تدريب نظرى فى الجهات المذكورة سابقًا، بمعدل 7 دورات تدريبية إلزامية، تدريب عملى للأسف التدريب العملى سنتان على أربعة  تخصصات فى مستشفى حكومى، تابع للأمانة العامة للصحة النفسية أصبح من المستحيل؛ وهى3 مستشفيات فى القاهرة  للأسف يدربون كل 6 أشهر 16 متدربًا مختلفين وقائمة انتظار ممكن توصل سنتين وثلاثة سنوات، منها مستشفيات تطلب من المتدرب أن تكون لديه خبرة لكى يعمل بالمجان مقابل دفع  مبلغ مالى بسيط 600 جنيه «يعنى يشتغل ويدفع» والتدريب مدته سنتان مع التفرغ التام 3 أيام أسبوعيًا؛ بالتالى نظرًا للشروط التعجيزية، أصبح حتى الإخصائى النفسى يعمل بدون ترخيص ولا رقابة.

 الربح الأساس 

يرى دكتور محمد خطاب أستاذ علم النفس، أن غالبية الجمعيات والمراكز التى تقدم كورسات فى العلاج النفسى، أغلبها يعتمد على تحقيق الربح، خاصة أن الخريجين يبحثون عن أى شهادة معتمدة، لكى يعمل فى المجال الإكلينيكى، أغلب هذه الكورسات تعتمد على المحاضرات النظرية فقط لا غير.

وعن جلسات العلاج النفسى عبر شبكات التواصل الاجتماعى، قال دكتور محمد خطاب، إنه لا يخضع للمراقبة أو المحاسبة القانونية، غالبية المعالجين من المرضى النفسيين، ينبغى إجراء فحص سيكولوجى للطلاب المتقدمين لدراسة الطب النفسى وعلم النفس، مطالبا بضرورة إنشاء نقابة للأخصائيين النفسيين، مع تجديد الرخصة لمدة سنتين يخضع فيها المعالج أو الطبيب للاختبار حتى يتم التأكد من فعاليته المهنية وتطوير أدائه، موضحا أنه يتم التداخل بين علم النفس والعلاج النفسى بمهنة الدجل والشعوذة، خاصة لحالات الهستيريا والتحول الهستيرى وتعدد الشخصيات الهستيرية والضحية هو المريض.

 التعليم المفتوح

قال دكتور أيمن عامر رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين، إن التعليم المفتوح أو التعليم المدمج أثر بالسلب على الوضع، كان الهدف منه هو رفع مستوى الوعى والتعليم، فتحول للعدد الكبير  وخرج عن مساره، أصبح الهدف تحويل المسار المهنى من خلال التعليم المدمج؛ وهو المسار الذى ينتهجه بعض المدمنين المتعافين، حيث إن نهج علاج الإدمان يأخذ 9 خطوات معترف بها، ومنها استخدام المدمن المتعافى ليرشد الآخرين والمتعافين منهم لكى يفتحوا مراكز دخلوا التعليم المفتوح.

تحويل مسار آخر تحدث عنه رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين متمثلًا فى الدبلومات المهنية، وقال: «ليس من الضرورى كل متخصص يحصل على درجة الماجستير، نحتاج فقط 30 أصبحت الدفعات فيها 200 طالب، وظهرت الدبلومات المهنية منها مثلًا دبلومة الإبداع يدرس فيها أحيانًا أساتذة من كليات مختلفة وسفراء لأنها شبه تحويل مسار، فى المجمل المنظومة عشوائية وغير منظمة ووصلت حتى التفكير فى إلغاء كلية الآداب كل تخصص علمى له أهميته».

فى السياق ذاته تحدثت منال بدر عن خطورة الجامعات المفتوحة والتعليم المدمج والذين يدرسون علم النفس ويقدمون شهادة غير مهنية للأسف يتم التشغيل بها، الأمر الثانى المهم فى الإخصائى الاجتماعى له دور ولكن مختلفًا عن الدور الذى يقوم به الإخصائى النفسى لأنه مختلف عن دارس الصحة النفسية، وقالت: «يؤسفنى أن خريجى كليات الخدمة الاجتماعية يديرون مراكز دعم وإرشاد نفسى».

 تطبيقات الذكاء الاصطناعى

شدد محمد خطاب عضو الجمعية المصرية للتحليل النفسى، على خطورة ما يلجأ إليه عدد كبير من المرضى النفسيين الآن بالتعامل مع الذكاء الاصطناعى للهروب من الوصمة الاجتماعية للمرض النفسى ويصف أدوية كما يقدم خطة علاجية ودوائية وبعضها يكون مدرجًا على جدول المخدرات.

دكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى فى الجامعة الأمريكية، قال إن عددًا غير قليل من المرضى يبدأ الآن بالتعامل مع الذكاء الاصطناعى وهو ما يرد عادة بتفاصيل من الممكن أن تكون خاصة بثقافة أخرى، لاسيما وأن المشاكل الزوجية فى أمريكا مختلفة عنها السويد ومختلفة عن الدول العربية، كل مجتمع له طبيعته ولو تم التعامل معه لابد من ذكر كل التفاصيل، مضيفًا:»ليست كل نصيحة منه قابلة للتطبيق».

 اللايف كوتش

من جانبه، يصف الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى فى الجامعة الأمريكية، ظهور اللايف كوتش فى المجتمع بالظاهرة  الجديدة لأسباب عديدة منها أزمات الحياة، من الممكن أن يكون شخص ما متفوقًا فى عمله لكنه غير ماهر  فى حياته الاجتماعية وعلاقاته مع أسرته وأولاده وزملاء العمل، اللايف كوتش هنا يقدم استشاراته بناء على تجربته الشخصية والكتب التى قرأها، لكن إذا امتد الأمر لأعراض جسدية، لا بد أن يكون هناك إدراك للحاجة للعلاج النفسى.

قالت منال بدر الإخصائية النفسية: «من وجهة نظرى لا يوجد علم اسمه التنمية البشرية، وهو ما أفرز مسمى لايف كوتش»، وأضافت أن العلم قائم على المنهج التجريبي؛ بالتالى لا يوجد ما يسمى علم التنمية البشرية، الدارس لها يكون لايف كوتش من الممكن أن يكون صديقك أو معلمك أو أخاك الكبير لكن ليس معالجًا؛ لأنه غير دارس تكنيكات العلاج.

إن استمرار غياب التنظيم المهنى الفعّال للعلاج النفسى فى مصر لا يهدد فقط مستقبل المهنة، بل يعرّض حياة المرضى للخطر، ويؤدى إلى تآكل الثقة المجتمعية فى الدعم النفسى ككل ما بين دخلاء على المجال، نقص فى التدريب والإشراف، غياب الرقابة، أصبح لزامًا على الدولة والمجتمع المدنى والأوساط الأكاديمية أن يتحركوا بشكل عاجل نحو تقنين المهنة، وحماية من يحتاجونها، وضمان بيئة علاجية آمنة وإنسانية.

فالصحة النفسية ليست رفاهية، بل هى حق أصيل، ومقوّم رئيسى من مقومات الصحة العامة والكرامة الإنسانية.