الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. سفارات وسفراء افتراضيون للخارجية.. على طريق الدبلوماسية الرقمية المصرية!

مصر أولا.. سفارات وسفراء افتراضيون للخارجية.. على طريق الدبلوماسية الرقمية المصرية!

من أهم أشكال «الدبلوماسية الرقمية» مبادرة «اسأل الرئيس».. تلك المبادرة التى اعتمدت التكنولوجيا الرقمية فى التواصل بين الشباب والرئيس بشكل فعال ومباشر وسريع. ويتواكب مع تلك المبادرة ما تم ويتم فى غالبية مجالات عمل الحكومة المصرية لرقمنة خدماتها على كافة المستويات.



 

فهل يمكن أن نرى قريباً.. سفارات وسفراء افتراضيين.. دون أن يكون لهم مكان وعنوان محدد حسب المعتاد؟ وما هى القواعد التى ستحكم هذا العالم الدبلوماسى الافتراضى؟ وما هى تحدياته؟

يهتم الجميع بالتحول الرقمى خاصة فى الجانب الاقتصادى والتجارى والاجتماعى، وبالتركيز على قضايا مهمة على غرار: الشمول المالى، والتنمية المستدامة، والتجارة الإلكترونية، والتسويق الإلكترونى، والخدمات المصرفية. رغم أن هناك تأثيرًا ضخمًا جداً للثورة الرقمية على العلاقات الدولية المعاصرة نتيجة ظهور بعض التحديات مثل: الإرهاب الإلكترونى، والحروب السيبرانية أو الإلكترونية، والجرائم السيبرانية، والأمن السيبرانى، والسيادة الرقمية، والإعلام الإلكترونى الرقمى. وهو ما وصل بنا إلى الحديث عن «الدبلوماسية الرقمية».

 تشكيل العالم..

لا يختلف أحد على أن التطور التكنولوجى قد أدى إلى إعادة صياغة تشكيل صورة العالم بعلاقات دوله المعقدة لكونه لا يعترف بالحدود الإقليمية التقليدية.. فضمن أهم ثوابت التطور التكنولوجى الذى يمثل ثورة حقيقية هو تلاشى الحواجز الجغرافية وانهيارها، وفى ظل تزايد الاعتماد على التكنولوجيا.. ترسخ تدريجياً مفهوم «الدبلوماسية الرقمية». والتى أصبحت إحدى ركائز العمل الدبلوماسى لمتابعة الأحداث الدولية بالتفاعل والمشاركة والاشتباك فى حينها.

والملاحظ خلال الفترة الأخيرة على مستوى العالم أن هناك حضورًا رقميًا لقادة العالم من ملوك ورؤساء وقيادات سياسية وحزبية سواء ببوست أو تويتة أو صورة لإعلان فكرة أو موقف محدد. وهو الأمر الذى أدى إلى تقارب المسافات بينهم وبين المجتمع بأسلوب عصرى مباشر.

«الدبلوماسية الرقمية» هنا هى إحدى أدوات العمل الدبلوماسى التقليدى العام، وربما تكون بديلة عنه فى المستقبل القريب. ولكنها فى الوقت نفسه أسست لملامح جديدة وعصرية للعمل الدبلوماسى والسياسى..  الذى يسهم فى توطيد علاقات التعاون بين الدول وتعزيزه بما يحقق المصالح الدبلوماسية بتوازناتها المتشابكة.

فى اعتقادى، أن الدبلوماسية الرقمية ستعيد تشكيل صورة العالم بتفاعلات اقليمية جديدة، وبحدود وعلاقات وقوانين دولية.. باعتبارها أحد أهم أدوات القوة الناعمة وأسهلها.. لأنها تحولت من العالم الافتراضى إلى العالم الواقعى. ولذا خرجت «الدبلوماسية الرقمية» من مجرد كونها فكرة إلى مفاهيم المصطلحات السياسية والدبلوماسية الحديثة.

إلى الرقمى.. 

يحكم العالم الدبلوماسى قواعد صارمة من البروتوكولات والاتفاقيات والأعراف المتراكمة نتيجة خبرات السنوات الطويلة بما فيها من حوارات ومفاوضات وأزمات وحروب. ومن هذا المنطلق، تتجاوز «الدبلوماسية الرقمية» العمل الدبلوماسى المباشر على طاولات المفاوضات.. لتعتمد على تشكيل جديد لبنية المعلومات للدول وشبكات اتصالاتها ببياناتها الضخمة.. الأمر الذى سيؤدى قريباً إلى إعادة النظر فى الشكل التقليدى للسفارات والسفراء والقناصل والملحقين.. لتظهر مفاهيم جديدة على غرار: السفارة الرقمية، والسفير الرقمى، والملحق الرقمى.. .. بعد المزيد من تحول خدمات السفارات إلى العمل الرقمى الإلكترونى بالكامل.. فى ظل قواعد صارمة يحكمها الأمن السيبرانى للحفاظ على البيانات والمعلومات الرقمية من الاختراق والاستغلال فى ظل المزيد من تقديم خدمات «الدبلوماسية الرقمية».  

تعريف افتراضى.. 

لا يوجد إلى الآن.. تعريف عام نتفق عليه لمفهوم «الدبلوماسية الرقمية» لكونه مصطلحًا مرنًا مرتبطًا بالتطور الرقمى اليومى السريع. ولذا يمكن تقديم تعريف مبدئى شامل باعتبار أنها: (وسيلة للتفاعل والتأثير لسياسة الدول الخارجية سواء لإعلان موقف والترويج له، أو لإعلان رد فعل تجاه قضية محددة. وذلك من خلال رصد المعلومات الضخمة بكافة الأشكال من بيانات وصور وفيديوهات وكافة أشكال التواصل الاجتماعى والتطبيقات الرقمية لاستخلاص المواقف لصناعة القرار السياسى للدول بتنفيذ أهدافها الدبلوماسية من خلال توجيه الإعلان عنه من خلال وزارة الخارجية داخلياً ودبلوماسييها بالسفارات المتشرة فى جميع أرجاء العالم خارجياً. وذلك باستخدام وسائل الاتصال الرقمية الحديثة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعى وقنواته المتعددة باعتبارها الأكثر تأثيراً فى المجتمعات).

أول سفير رقمى فى العالم..

فى شهر سبتمبر 2017 عينت الدنمارك السفير كاسبر كلينج باعتباره أول سفير رقمى فى العالم لدى كبرى الشركات التكنولوجية بما فيها شركات شبكات التواصل الاجتماعى وشركات صناعة الهواتف الذكية.

غير أن بداية «الدبلوماسية الرقمية» ظهر الحديث عنها عقب الهجمات التى تعرضت لها بعض سفارات الولايات المتحدة الأمريكية فى شرق أفريقيا سنة 1998 وعقب تفجير برج التجارة العالمى فى 11 سبتمبر 2001، وهو ما أدى إلى المطالبة بعمل دبلوماسى أكثر فاعلية وسرعة من أجل صناعة سياسة خارجية أكثر ذكاء للتنسيق بين الدوائر الدبلوماسية والاستخباراتية. وهنا ظهر مصطلح «الدبلوماسية التحولية» الذى أطلقته كوندوليزا رايس (وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأسبق). ثم طرحت هيلارى كلينتون (وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأسبق) مصطلح «فن القوة الذكية» فى إشارة إلى الانتقال بالحكومة إلى نسج علاقات بعيدة المدى عن التقليدى، بمعنى المشاركة المباشرة مع الناس فى جميع أنحاء العالم.

ويذكر أنه فى شهر سبتمبر 2012، كان هناك 150 فريقاً يعمل فى الولايات المتحدة الأمريكية على 25 شكلًا مختلفًا لـ «الدبلوماسية الرقمية». كما أن المملكة المتحدة كانت هى أول دولة تطلق موقعًا إلكترونيًا خاصًا بها للوصول للتفوق الدبلوماسى لبريطانيا. وفى شهر نوفمبر 2012 انعقد بمالطا مؤتمر عن «الدبلوماسية الابتكارية» للتأكيد على أن الابتكار فى الدبلوماسية يحتاج إلى رؤية ثقافية متميزة وفهم للمتغيرات العالمية المتسارعة.

سفارات رقمية..

تمثل وسائل التواصل الاجتماعى بالنسبة للدبلوماسيين الرقميين أداة فائقة الأهمية للتواصل.. لأنها تحقق ما كان يبدو مستعصياً فى العمل الدبلوماسى التقليدى، على غرار قيام الولايات المتحدة ألأمريكية سنة2011 بافتتاح أول سفارة افتراضية فى إيران من أجل فتح قنوات للحوار مع المواطنين الإيرانيين وجمع المعلومات من الشعب مباشرة بمعزل عن المصادر الحكومية الرسمية. كما قامت إسرائيل سنة 2013 بافتتاح سفارة افتراضية لها فى بعض دول الخليج لتقديم الخدمات الدبلوماسية خاصة في مجال التجارة والاستثمار بعيداً عن الجدل السياسى.

تحديات الدبلوماسية الرقمية..

«الدبلوماسية الرقمية» ما زالت تتطور بشكل سريع.. يجعلها تواجه بعض التحديات التى ما زالت قيد البحث دون الوصول لحلول حاسمة لها، على غرار: عدم القدرة على التمييز والفصل بين الشخصى والمهنى فى الجدال والنقاش. ويترتب على ذلك، تحول النقاش والحوار إلى السخرية وعدم الثقة فيما يتم تداوله بسبب انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المزيفة مما يسهم فى الترويج لخطاب الكراهية. بالإضافة إلى ما يمكن أن يحدث من توظيف الثورة الرقمية فى اختراق تلك المنظومات التكنولوجية، وتهديد الأمن القومى والتماسك الاجتماعى واستقرار الدول. كما نجد تحدى مراعاة متخذ القرار السياسى فى مراعاة السرعة وتوقيت اصدار القرارات حتى لا يتحول الرأى العام لوسيلة ضغط وابتزاز فى اتخاذ تلك القرارات. وأخيراً يمثل الأمن السيبرانى..  التحدى الأساسى لمنع كافة أشكال الاختراقات للبرقيات والمخاطبات والوثائق الدبلوماسية.

نقطة ومن أول السطر..

استطاعت «الدبلوماسية الرقمية» أن تجد لنفسها مساحة فى العلاقات السياسية والدولية من خلال فتح قنوات جديدة لا علاقة لها بالقنوات الدبلوماسية التقليدية والمتعارف عليها. وهو شكل جعلها تتشابك مع الشركات الرقمية الكبرى التى أصبحت البديل لقوة الدول ومكانة المنظمات الدولية الكبرى. وهو ما يتأكد تدريجياً بعد أن أصبحت قوة الدول تقاس بمساحة قوتها فى العالم الرقمى.