الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولاً.. من 4 إلى 50 خصمًا خلال 30 سنة تداول فى المحاكم.. الحوار الوطنى..  ثمرة الأحكام القضائية.. هو سرعة تنفيذها!

مصر أولاً.. من 4 إلى 50 خصمًا خلال 30 سنة تداول فى المحاكم.. الحوار الوطنى.. ثمرة الأحكام القضائية.. هو سرعة تنفيذها!

سيادة القانون هو أساس الحكم فى الدولة. وأساس وظيفة الدولة هو إقامة العدل بين مواطنيها.. ومن هذا المنطلق.. تتحقق شرعية الدولة، ولذا يأتى ملف الإصلاح القضائى ضمن أولويات الحوار الوطنى. وهو ملف شائك يحمل الكثير من التحديات والعقبات والصعوبات.. ربما يكون من أهمها: بطء التقاضى، وتأخر تنفيذ الأحكام، وطول الإجراءات.



 

بدأ إصلاح الملف القضائى فعلياً مع ثورة 30 يونيو. وتمت فيه العديد من الإنجازات، حيث بلغت تكلفة مشروعات وزارة العدل التى تمت والتى جار تنفيذها خلال الفترة من 30 يونيو 2014 إلى 30 يونيو 2021 حوالى 5.56 مليار جنيه.

وهو ما تواكب مع توجهات النظام السياسى الحالى ببناء دولة مدنية قوية.. دولة القانون التى تحقق مبادئ الحرية والعدل والمساواة، وتكافؤ الفرص فى الحقوق والواجبات دون أدنى تمييز.

فى الأدبيات القانونية.. تعرف دولة القانون بما تملكه من تشريعات وقوانين عادلة منضبطة لجميع المواطنين دون استثناء من أجل تحقيق العدالة الناجزة السريعة المرتكزة على نصوص قانونية تحمى الحقوق وتحافظ عليها، وليست مجرد عدالة ناجزة متسرعة.

من هنا، تأتى أهمية مراجعة ما يتعلق بالمنظومة القضائية من أجل الإصلاح والتطوير.. لأنه لا يمكن الفصل بين الإصلاح السياسى والإصلاح القضائى.. خاصة فى جانبها التطبيقى وهو منصة القضاء.

لا يمكن قبول استمرار إحدى القضايا بالمحاكم للتداول لأكثر من 30 سنة، ووصول عدد الخصوم وورثتهم إلى ما يزيد على 50 خصماً رغم أن القضية بدأت بعدد 4 متخاصمين فقط. ومن غير المقبول أن يتم حرمان الأم من الولاية على المال وترك الولاية على النفس لها.. بسبب التلاعب فى الإجراءات طمعاً فى الميراث. وتركها دون دخل يكفل لها ولأولادها قوت يومهم.

يتميز القضاء المصرى بهيبته ومكانته التى هى محل تقدير واحترام، وتظل طموحات التطوير والإصلاح بهدف الحفاظ على حقوق المواطن المصرى بشكل سريع هو جوهر العدالة الحقيقى.  

تحديات العدالة الناجزة..

1 - بطء التقاضى: من أهم التحديات التى تواجه المنظومة القضائية. ويصل الأمر أن بعض القضايا والدعاوى تظل متداولة أمام المحاكم لسنوات طويلة يتجاوز بعضها أكثر من 30 سنة. وعدم تعميم التقنيات الرقمية فى المحاكم وبين بعضها البعض بشكل كامل. 

2 - نقص عدد القضاة: والذى يبلغ عددهم حوالى 14 ألف قاضٍ فقط.. فى مقابل الزيادة الرهيبة فى عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم بأنواعها (الجنايات والابتدائية والجزئية والأسرة). والتى تتراوح حوالى 15 مليون قضية سنوياً. ونقص عدد الموظفين الإداريين من أصحاب الخبرات فى دورة عمل إجراءات وأوراق التقاضى.

3 - تشعب التشريعات: بسبب وجود كم ضخم جداً من القوانين التى مضى على بعضها 100 سنة، وما يترتب على عدم الإلمام بها من وجود مواد وأحكام متناقضة يمكنها التبرئة والإدانة فى الوقت نفسه.

4 – نقض الأحكام: التى تصدر من محاكم الجنايات والابتدائية بسبب عدم التدريب الكافى، ونقص الخبرة الفنية.

5 - عدم تنفيذ أحكام القضاة: بعد تداول القضايا لسنوات طويلة، يجد المواطن العديد من العقبات والتعنت والمعاناة فى تنفيذ الإجراءات بسبب مماطلة الخصوم أو غير ذلك من تقاعس المنوط بهم تنفيذ الأحكام بسبب أى خلل فى الإجراءات.

6 – انخفاض الرسوم القضائية: وهو الأمر الذى ساعد فى رفع العديد من الدعاوى الكيدية والكاذبة.. مما يزيد من مشكلة بطء التقاضى.

7 - عدم المساواة فى الرواتب: خاصة بين أعضاء الهيئات القضائية المتعددة.

8 – عدم تأهيل قاعات المحاكم: ووجود أزمة حقيقية فى أبنية المحاكم وقاعاتها غير المجهزة فعلياً للاستخدام، وغير الصالحة لاستيعاب كل تلك الكثافات فى تداول الدعاوى والقضايا يومياً.

9 - مشاكل الأجهزة المعاونة: سواء من الخبراء أو من الطب الشرعى نتيجة كثافة القضايا التى يتم تحويلها لهم.. خاصة قضايا العمال والتعويضات، وفى ظل عدم توفير تقنيات تكنولوجية حديثة لمساعدتهم. 

10 – عدم الرعاية الصحية: والتى تحتاج إلى الاهتمام بها نتيجة تعرض القضاة للجهد المضاعف والإرهاق الشديد، وتوفير المستشفيات اللازمة لهم ولعائلاتهم.

الحلول المقترحة..

1 - إتاحة التقنية الرقمية فى المحاكم، وتجديدها باستمرار.. لمواكبة التحديث التكنولوجى، والتوسع فى المحاكمات المصورة وسماع الشهود عن بعد. وتوظيف التقنيات الرقمية الحديثة فى إبلاغ أطراف القضايا سواء الخصوم أو غيرهم بالدعاوى المنظورة والقضايا المتداولة، وتأجيلاتها والأحكام الصادرة فيها، وهو ما من شأنه الحد من إصدار الأحكام الغيابية وإلغائها.

2 – زيادة عدد القضاة، ومع مراعاة التأهيل للأكفأ والأجدر ليس فقط ليكون عضو النيابة العامة، ولكن كقاضٍ فى المستقبل من خلال المعهد القضائى وغيره من خلال البرامج التدريبية الحديثة. وزيادة عدد الموظفين الإداريين المؤهلين والفنيين المدربين فى المحاكم بما يتناسب مع عدد القضاة ووفق المعايير الدولية. وتدقيق معايير الاختيار وفق أسس وقواعد موضوعية مجردة ومعلنة، ثم تأهيله نفسياً وشخصياً وتدريبه فنياً وعملياً. ويمكن أن يكون تحت مظلة أكاديمية لتأهيل وتدريب القضاة وأعضاء النيابة العامة. 

3 - حصر جميع التشريعات والقوانين وتصنيفها حسب كل موضوع، وإعداد مقترحات التعديل لتنقيتها، أو اقتراح تشريعات جديدة.. لمواجهة التناقض والتضارب بين بعض النصوص القانونية.

4 - تأهيل المنوط بهم تلقى البلاغات لبيان كيفية التصرف معها إجرائياً بشكل سريع ومنضبط لسرعة إنهاء الإجراءات.. بشكل يحقق العدالة.

5 - إعداد وتنفيذ برامج تدريبية مكثفة لجميع أعضاء الهيئات القضائية لتحديث معلوماتهم الفنية، وتنمية مهاراتهم القانونية.. لتلافى إصدار الأحكام دون وجود ثغرات لنقضها.. لأن ثمرة الحكم هو سرعة تنفيذه. وإنشاء إدارة متخصصة لتنفيذ الأحكام الصادرة من جميع المحاكم، وتكون عضوية تلك الإدارة من المستشارين والمحضرين بهدف سرعة تنفيذ الأحكام الصادرة بالقوة القضائية.

6 - إعادة النظر فى رواتب القضاة  للتوازن بين الهيئات القضائية المتعددة.

7 – إعادة تأهيل المحاكم بالترميم والإصلاح والتطوير وتشييد الجديد منها حسب المعايير الدولية لاستيعاب كثافة تداول القضايا، والحرص على وجود محاكم متخصصة تجارية وغيرها. وتخصيص أماكن واستراحات إنسانية مجهزة للشهود والخبراء. والحرص على الصيانة الدورية لجميع المنشآت القضائية.

8 - توحيد جهات الخبراء المتعددة فى كيان مؤسسى واحد.. فى شكل هيئة بدلاً من تعدد تبعيتها لجهات مختلفة. والاستعانة بالخبراء فى كل التخصصات، واستخدام التقنيات الرقمية فى إعلان الخصوم والشهود، وتسجيل كل ما يدور فى الجلسات.. من خلال كوادر مدربة لعدم تعطيل وعرقلة سير العدالة.

9 - توفير التأمين الصحى المناسب والكافى للقضاة وعائلاتهم بشكل مماثل مع ما يتم مع السلطتين التشريعية والتنفيذية.

10 - إدخال مبادئ الثقافة القانونية فى المناهج التعليمية والدراسية.. لنشر مناخ قانونى منضبط.

أولويات قضائية..

أعلن المستشار عمر مروان «وزير العدل».. مؤخرًا عن التوجه بسرعة إجراءات التقاضى والفصل فى كل القضايا المنظورة أمام المحاكم خلال عام واحد فقط على أن يبدأ التنفيذ اعتبارًا من عام 2024 بهدف تحقيق حلم العدالة الناجزة من خلال التقاضى الإلكترونى. وهو ما يعنى المضى قدماً فى ميكنة المحاكم والشهر العقارى التابع لوزارة العدل لتيسير عمل المحاكم وإقامة الدعاوى من خلال ربط المحاكم ببعضها البعض إلكترونياً.. بحيث تكون الأحكام مفهرسة على شبكة وزارة العدل.. لتمكين القضاة من الاطلاع على القضايا. وهو الأمر الذى يتيح للمواطن رفع القضية فى أى محكمة. وهو أضخم مشروع للتحول الرقمى وميكنة المحاكم فى سبيل تطوير المنظومة القضائية.

نقطة ومن أول السطر..

بناء الدولة المدنية المصرية القوية.. يرتكز على تحقيق العدالة الناجزة فى وقت مناسب دون أن يؤثر ذلك على حساب تحقيقها، وهو ما من شأنه تمكين الحكومة المصرية من مواجهة الفساد والتسيب والإهمال.

ترتكز فلسفة القانون على أن علاقة العدل بالقضاء هى علاقة تكاملية وتفاعلية، كل منهما يؤثر فى الآخر ويتأثر به.. فالقضاء يهدف إلى تحقيق العدل ورفع الظلم، والعدل يهدف إلى نزاهة القضاء وحياده على جميع المواطنين دون استثناء أو تمييز لأحد.