السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
د.شريف مختار..  40 عامًا فى مهمة حرجة ونبيلة

د.شريف مختار.. 40 عامًا فى مهمة حرجة ونبيلة

 قبل 40 عامًا من الآن لم يكن أحدٌ فى مصر يعرف طبَّ الحالات الحرجة رُغْمَ أهميته الفائقة، ولكنَّ طبيبًا نابغًا قرّر أن يحمل على عاتقه مهمة إنشاء أول وحدة فى هذا التخصص، واستطاع بالفعل أن يواجه كل المعوقات المالية والإدارية والروتين والعقليات المتحجرة ويتغلب عليها حتى ظهرت الوحدة للنور وبدأت فى استقبال المرضى، هذا الطبيب هو الدكتور شريف مختار، رائد طب الحالات الحرجة فى مصر، ولإنشاء الوحدة قصة لها دلالات كبيرة، بعد أن حصل الدكتور شريف على الدكتوراه  فى تخصص القلب، دفعه شغفُه بالعلم للسفر إلى أمريكا لمعرفة آخر المستجدات العلمية والتدريب على أحدث الأجهزة، وبالفعل التحق بجامعة جنوب كاليفورنيا، وهناك وجد تخصصًا لم يكن موجودًا فى مصر ولكنه مهم للغاية وهو طب الحالات الحرجة، والذى يعنى بالمرضى الذين خرجوا من أزمات صحية تهدد بقاءهم ومَن يتعرضون لمضاعفات خطيرة قد تنهى حياتهم، وبعد عودته كان حريصًا على نقله إلى مصر، وبدأ عام 1979 رحلة الكفاح، حتى تحقق الحلم بعد ثلاث سنوات عام 1982، والمثير أن الوحدة احتلت مكانًا فى مستشفى قصر العينى كان يستخدم من قبل عنبرًا لحجز المسجونين السياسيين المرضى أو المتمارضين، ولكنه تحوَّل بجهد الدكتور شريف إلى مكان لإنقاذ المرضى، ومع السنوات تم التوسع فى الوحدة والتى بدأت بـ 22 سريرًا فقط وعدد قليل من الأطباء والممرضين، وكان لهذه الوحدة وأطبائها الفضل بعد الله فى إنقاذ حياة آلاف المرضى، وقد كنتُ يومًا ما واحدًا منهم، كان ذلك منذ تسع سنوات، كنتُ فى مكتبى بالمجلة وفجأة شعرت بوخزة فى صدرى كلما تنفست، وازدادت حالتى سوءًا حتى كدت أفقد الوعى، وبالصدفة دخل علىَّ الصديقان العزيزان إبراهيم منصور وأحمد باشا، اتصل «منصور» سريعًا بالصديقة الرائعة نجلاء بدير، التى طلبت منه نقلى فورًا إلى وحدة الدكتور شريف مختار للحالات الحرجة بقصر العينى، ولم ينتظر الصديقان سيارة الإسعاف وحملانى فى تاكسى، وهناك كان الأطباء فى انتظارى وبتعليمات من الدكتورة النابغة عالية عبدالفتاح رئيسة الوحدة فى ذلك الوقت بدأ العلاج على الفور، وتم إنقاذى بأعجوبة من جلطة كانت فى الساق وتحركت إلى الرئتين، ولا أزال أذكر كيف كان الأطباء يبذلون قصارَى جهدهم لإنقاذ أصحاب الحالات الحرجة دون فرْق بين خفير ووزير وغنى وفقير، الكل سواء فى الاهتمام بهم ورعايتهم، وأدهشنى الأسلوب الفريد فى التعامل المالى، الأثرياء ومَن يستطيعون يدفعون والفقراء والبسطاء يعالجون مجانًا فى تكافل اجتماعى وإنسانى مثالى يليق بمهنة الطب.



 أكتب هذا الكلام بمناسبة مرور 40 عامًا على إنشاء هذه الوحدة ودخول هذا التخصص بلدنا، وهى فرصة للاحتفاء بالقسْم والوحدة وصاحب فكرة وجودها، وهو ما جرى منذ أيام؛ حيث قامت الكلية المصرية لرعاية الحالات الحرجة بالاحتفال بهذه المناسبة خلال المؤتمر الدولى الذى عقد منذ أيام تحت عنوان «طب الحالات الحرجة ما بعد كورونا»، وهذه الكلية ليست كلية بالمعنى المتعارف عليه ولكنه تجمُّع لأطباء الحالات الحرجة، وقد أنشئت عام 2010 على غرار كلية القلب الأمريكية، فبَعد الانتشار لهذا التخصص رأى الدكتور «شريف» ضرورة وجود رابطة علمية تجمَع أطباء التخصص لتبادُل الحوار والتواصُل مع نظرائهم فى العالم وللحفاظ على المستوى المتميز لممارس التخصص، وهى الكلية التى تبنت العديد من المبادرات المهمة مثل المبادرة المصرية لمواجهة مخاطر السكتة القلبية بهدف إنقاذ من يتعرضون لها فى الوقت المناسب أو الوقاية منها.. تحية للدكتور «شريف» الطبيب الفنان والإنسان ولتلاميذه النجباء الذين ساروا على دربه فى عيد ميلاد وحدة الحالات الحرجة الأربعين.