الجمعة 18 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. 77 عاماً على إنشائها.. وما زالت ملامحها تتبلور.. «ميثاق جديد» لجامعة دول عربية عصرية جديدة!

مصر أولا.. 77 عاماً على إنشائها.. وما زالت ملامحها تتبلور.. «ميثاق جديد» لجامعة دول عربية عصرية جديدة!

تأسست جامعة الدول العربية فى 22 مارس سنة 1945 بالقاهرة، وضمت فى بدايتها مصر والعراق ولبنان والسعودية وسوريا والأردن واليمن. وتم نقلها بعد مقاطعة مصر بسبب توقيعها على اتفاقية كامب ديفيد إلى تونس سنة 1979. ثم عادت مرة أخرى إلى القاهرة سنة 1990 بعد غزو العراق للكويت.



 وقد واجهت الجامعة العربية العديد من الصراعات والمشاكل بين الدول العربية على كافة المجالات السياسية والاقتصادية.. كما أن اعتراض بعض الدول على سياساتها المالية.. أدى إلى عدم وفاء هذه الدول بالالتزام بحصتها المالية، وهو ما أدى إلى تراجع أنشطتها وفاعلياتها.

 إنجازات..

منذ تأسيس جامعة الدول العربية منذ أكثر من 75 عاماً وهى تواجه العديد من الأزمات وتواجه تحدى الخلافات العربية – العربية والمشكلات الثنائية، وقد نجحت فى: الإسهام فى حصول العديد من الدول العربية على استقلالها، على غرار: الجزائر، وسلطنة عمان، واليمن الجنوبى، (قبل الوحدة)، والسودان. والإسهام فى حل النزاعات العربية - العربية، مثل: المصرى السودانى سنة 1958، والمغربى - الجزائرى سنة 1963، واليمنى - اليمنى سنة 1987.

 تحديات ومشكلات..

ما زالت المنطقة العربية تعانى إلى الآن من تحديات عديدة.. تؤكد على تردى الأوضاع وعدم الاستقرار فى كل من: ليبيا وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين والسودان واليمن. وهو ما يمثل تحدى للجامعة العربية، والتى لا تستطيع فعليا حل مشكلة أى دولة منها.

بنود ميثاق الجامعة العربية يمثل التحدى الأساسى التى لم تستطع تنفيذه، ومن أهم هذه البنود.. «توثيق الصـلات بين الدول العربية، وصيانة استقلالها والمحافظة على أمن المنطقة العربية وسلامتها، وتعزيز التعاون السياسى والاقتصادى والثقافى بين الدول الأعضاء».

أولاً: ما زالت جامعة الدول العربية تتمسك بميثاقها الذى تمت كتابته تحت ضغط دعم استقلال الدول العربية من الاستعمار. ومن أهم بنود الميثاق.. جعل اعتماد قراراتها على قاعدة الاجماع، ووجوب الإجماع فى اتخاذ القرارات. والتى تعنى أنه إذا اعترضت أى دولة على أى قرار.. فإن هذا يمنع صدوره. وهو ما صارت على نهجه كافة القرارات والاتفاقيات والمعاهدات. وهو الأمر الذى سمح لعناصر القوة والمال فى السيطرة على قرارات الجامعة العربية. وأعتقد أنه ربما تكون الجامعة العربية هى المؤسسة الدولية الوحيدة التى يتم اتخاذ قرارتها بالإجماع، وهو الأمر الذى يتنافى مع أسس الديمقراطية لأنها بذلك تكرس هيمنة الدول العربية الكبرى وسيطرتها على مقدرات عمل الجامعة وآلياتها.

ترتب على ما سبق، عدم وجود «التحكيم الإجبارى» ضمن صلاحيات الجامعة العربية لفض المنازعات التى قد تنشأ بين الدول الأعضاء. ونموذج ذلك فى حالة حدوث خلاف أو نزاع بين دولتين من الدول الأعضاء بالجامعة أو بين دولة من دول الجامعة وأخرى من خارجها.. فإنه لا يحق لمجلس الجامعة العربية التدخل بالوساطة والتوفيق بين هذه الدول إلا إذا طلبت تلك الدولة رسمياً ذلك من مجلس الجامعة. كما أن قرارات المجلس فى حالة الوساطة حتى إذا طلبت منه دول النزاع التدخل.. ليست ملزمة لتلك الأطراف إلا إذا وافقت تلك الأطراف عليها.

ثانياً: يتضمن ميثاق الجامعة العربية العديد من الثغرات على غرار تمتع المنظمات العربية المتخصصة حسب معاهدات تأسيسها بأن لكل منها شخصية مستقلة أو شبه مستقلة عن الجامعة العربية. ولم تستطع تلك المنظمات البالغة حوالى عشرون منظمة عربية متخصصة من تحقيق إنجاز حقيقى على أرض الواقع.. على عكس ما هو قائم مثلاً فى منظمة الأمم  المتحدة ووكالاتها العالمية المتخصصة.

وذلك فضلاً عن الإدارات المنبثقة من القطاعات، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، نجد قطاع الشئون الاقتصادية الذى تنبثق منه 11 إدارة من ضمنها ادارة للمنظمات والاتحادات العربية. والتى رغم أهميتها.. فلا نجد لها إنجازات عملية سوى عقد اللقاءات وتشكيل اللجان واتخاذ القرارات غير الملزمة. والنتيجة مجرد كتابة تقارير افتراضية وزيادة حجم ملفات الأوراق دون إنجاز حقيقى سوى صرف المزيد من المكافآت والبدلات وتكلفة اللقاءات الضخمة بحضور العديد من الشخصيات المكررة من الموالين والمقربين. وهو ما يعنى التهام الميزانيات فيما ليس له تأثير وفاعلية وقيمة مضافة، ورغم إثارة ذلك فى كواليس الجامعة العربية واعتراض أكثر من دولة على ذلك.. فمن الواضح حرص البعض على استمرار تلك الحالة تكريساً للحفاظ على المكانة الدبلوماسية والمكتسبات المالية. 

 مقترحات وتطلعات..

إعادة هيكلة جامعة الدول العربية بشكل يجعلها قادرة وفاعلة على غرار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، وهو ما سيزيد من دورها بشكل أكثر تأثيراً فى الدول الأعضاء بالجامعة العربية من جهة، وعلاقتها بدول العالم ومنظماته المؤثرة من جهة أخرى. ويتبع هذا التطوير إعلان استراتيجية اقتصادية عربية مشتركة لتحتل الدول العربية مكانتها ضمن الكيانات الاقتصادية العالمية. 

ولذا أتفق تماماً مع وجهة النظر التى تطالب بإنشاء شكل جديد للجامعة العربية، وعلى أن يتم كتابة ميثاق جديد لها يتواكب مع متغيرات العصر وتحدياته. وهى ليست بدعة فى السياسة الدولية.. ولا ننسى أن الأمم المتحدة هى النسخة المعدلة من عصبة الأمم المتحدة.. فالتغيير عند الحاجة هو فرض وطنى وسياسى حتى تستطيع المنطقة العربية المشاركة الحقيقية والفعالة والمؤثرة فى النظام الدولى. 

• بعيداً عن التطبيع، تحتاج جامعة الدول العربية إلى إعادة النظر فى موقفها مع الدول العربية التى أقامت علاقات مباشرة مع إسرائيل، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة. وأذكر هنا أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تمت مقاطعتها ونقل مقر الجامعة العربية منها إلى تونس بعد اتفاقية كامب ديفيد.. فما الحال الآن والعديد من الدول العربية أعلنت اتفاقيات تعاون مع إسرائيل على غرار الإمارات والبحرين؟ يحتاج الأمر إلى إعادة النظر فى بنود ميثاق نشأة الجامعة العربية من خلال مراجعة لكافة النواحى السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للعلاقات بين دول المنطقة بعد كل هذه المتغيرات. وما سبق، وهو مجرد نموذج على أهمية وجود ميثاق جديد لجامعة عربية جديدة.

أختلف مع أصحاب الرأى فى أن الجامعة العربية.. ليست صاحبة إرادة حرة لكونها تعانى من نقص الموارد المادية والبشرية.. لأن معظم الدول العربية المقتدرة لا تدفع حصتها السنوية المقررة بانتظام. وهو ما يعنى عدم الاهتمام بدور الجامعة الذ اقتصر على بيانات الشجب والإدانة وعقد المؤتمرات فى الفنادق والقاعات الفخمة. ولذا أرى أنه من أهم الأفكار التى تم اقرارها، ولكنها لم ترى النور هى تأسيس كل من: منظمة العدل العربية، والهيئة السينمائية العربية المشتركة، والمعهد العربى لبحوث البترول، ومؤسسة الخطوط الجوية العربية العالمية.. وهى ليست مجرد كيانات تضاف ضمن هيكل الجامعة العربية. ولكنها كيانات فعالة ومؤثرة.. يمكن أن تكون أحد وسائل التمويل الأساسية الحقيقية للجامعة، وليست مجرد مشاريع استثمارية على غرار أحد الفنادق بتونس. التطوير يحتاج إلى العمل على جعل الجامعة العربية بشكلها الجديد ذات استقلالية مالية تدريجياً ومرحلياً.

 نقطة ومن أول السطر..

تحتاج جامعة الدول العربية إلى تطوير شامل وإصلاح جذرى فى ميثاقها وهيكلها، كما تحتاج إلى ضخ دماء شابة جديدة بعيدة عن احتكار بعض المناصب لشخصيات.. أصبح عليها العديد من علامات الاستفهام، وما نتج عن ذلك من فتح باب التشكيك والتخوين والتشهير وتسريب المستندات على صفحات السوشيال.

ويبقى السؤال: من المسئول عن استمرار هذا التدهور والانحدار؟ ولمصلحة من بقاء الحال كما هو عليه.. على اعتبار أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان.. فلا يمكن وجود دخان.. دون نار خلف الكواليس.