الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. بعد استعادة الكنائس المصرية لمعظم أوقافها.. هل تنتهى الجزر المنعزلة فى إدارتها؟!

مصر أولا.. بعد استعادة الكنائس المصرية لمعظم أوقافها.. هل تنتهى الجزر المنعزلة فى إدارتها؟!

تنص المادة 90 من الدستور على: «تلتزم الدولة بتشجيع نظام الوقف الخيرى لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية، والثقافية، والصحية، والاجتماعية وغيرها، وتضمن استقلاله، وتدار شئونه وفقًا لشروط الواقف، وينظم القانون ذلك». ومن أهم مزايا الوقف هو أنه لا يجوز الاستيلاء عليه أو تملكه بوضع اليد لمدة طويلة. وهى القواعد التى تحكم الأوقاف المسيحية والإسلامية المصرية.. حسب القانون رقم 48 لسنة 1946.



تاريخ

كان أحد أهم اختصاصات المجلس الملى منذ نشأته عام 1874. هو العمل على ثلاثة محاور، وهى الإشراف على الأوقاف، والمدارس والمطبعة والكنائس، والإخوة الفقراء. وذلك بناء على أول لائحة خاصة لتنظيم المجلس الملى وتحديد اختصاصاته.

بدأت مشكلة الأوقاف المسيحية منذ عام 1953 حينما تم الاستيلاء عليها بعد إلغاء الأوقاف الأهلية. وقد أنشئت هيئة الأوقاف المصرية التابعة لوزارة الأوقاف الإسلامية بموجب القانون 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون 264 لسنة 1959. كما أنشئت بعدها هيئة الأوقاف القبطية بموجب القانون 264 لسنة 1960. وبناء على ما سبق، صدر القرار الجمهورى رقم 1433 لسنة 1960 بتشكيل أول مجلس إدارة للأوقاف القبطية.

وفى 20 سبتمبر 1960 أصدر مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية لائحته الداخلية، والتى تم تعديلها من مجلس الإدارة فى 6 يوليو 1972، وتعديلها أيضًا فى 13 ديسمبر 1977. 

نص القرار الجمهورى رقم 1433 لسنة 1960 على تأسيس هيئة الأوقاف القبطية فى ستينات القرن الماضى، والتى تختص بحصر الأوقاف المسيحية فى أعقاب قوانين التأميم التى أخضعت الدولة بموجبها الكثير من الأوقاف تحت إداراتها. وبناء عليه تأسست وزارة الأوقاف، وظلت الأوقاف المسيحية محل جدل وخلاف.. إذ لا تندرج تحت مسمى الأوقاف الإسلامية. ولذا صدر القرار الجمهورى السابق بإنشاء تلك الهيئة لحصر الأوقاف المسيحية، والإشراف على جميعها.. من أطيان وعقارات ومحاسبة القائمين على إدارتها ومصروفاتها، ولها فى سبيل ذلك أن تضع النظم التى تراها كفيلة بحسن إدارتها وضبط حساباتها وصيانة أموالها وتوزيع ريع الأطيان الموقوفة بحسب الاحتياجات.

وبناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960، تم تشكيل أول مجلس إدارة للهيئة، وتحدد اختصاصاتها وتنظيم شئونها، ومن أهم نصوص هذا القرار تحديد الاختصاصات على النحو التالى: 

• الإشراف على إدارة جميع الأوقاف من أطيان وعقارات ومحاسبة القائمين على إدارتها عن إراداتها ومصروفاتها، ولها من هذا السبيل أن تضع النظم التى تراها كفيلة بحسن إدارة الأوقاف وضبط حساباتها وصيانة أموالها واستغلالها فى أفضل الوجوه وحصر أملاكها وموجوداتها.

إعداد الميزانية السنوية العامة لإيرادات ومصروفات الأوقاف.

توزيع ريع الأعيان الموقوفة على الجهات الموقوفة عليها بحسب احتياجاتها الحقيقية، وما يكفل المحافظة على أغراضها الأصلية.

توجيه الفائض بعد احتياجات الجهات الموقوفة عليها نحو مرافق الإصلاح أو وجوه الاستغلال التى تراها.

تعيين وعزل القائمين على إدارة الأوقاف.

رئيس الهيئة هو الممثل القانونى لها.

رغم كل ما سبق، لم تتمكن هيئة الأوقاف القبطية من إدارة أوقاف المواطنين المسيحيين المصريين، وظلت تحت إدارة هيئة الأوقاف المصرية التابعة لوزارة الأوقاف، ولم تصرف ريعها وفقًا لشروط الواقفين لصرفها على البر والأديرة والكنائس حسب شروط الوقفية.

وهو ما دعا قام البابا الراحل شنودة الثالث إلى رفع الطعن رقم 52 لسنة 1959 قضائية (أحوال شخصية) للمطالبة بتسليم هيئة الأوقاف المصرية ووزارة الأوقاف جميع الأوقاف القبطية التى تديرها هيئة الأوقاف المصرية، وتسليمها إلى هيئة الأوقاف القبطية. وقد صدر حكم محكمة النقض عام 1989 بأحقية هيئة الأوقاف القبطية فى ذلك. 

ونتج عن ذلك، صدور قرار رئيس الوزراء رقم 33 فى 22 يونيو 1996 بتشكيل لجنة مشتركة لبحث الأمور المتعلقة بالأوقاف القبطية. وبدأت اللجنة المشتركة اولى اجتماعاتها فى 28 سبتمبر 1996 بديوان عام هيئة الأوقاف المصرية، وثانى اجتماعاتها فى 23 أكتوبر 1996 بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وبدأت اللجنة بفحص المستندات المقدمة من هيئة الأوقاف القبطية، وتم الاتفاق على بحث مستندات الأراضى الزراعية، ثم العقارات. وهى اللجنة التى تم من خلالها استعادة غالبية الأوقاف المسيحية. 

 

يذكر أنه على مدار سنوات طويلة، أصدر مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية خلال عمله عدة قرارات تنظيمية تستهدف ضبط إدارة الأوقاف وإحكام الرقابة على أعمال النظار، فضلًا عن إشراك المسئول الدينى (المطارنة والأساقفة) كل حسب نطاقة الجغرافى فى مراقبة أعمال النظار وذلك حتى يمكن استغلال ريع هذه الأوقاف فى المشروعات الكنسية المختلفة.

ويذكر التاريخ، أنه فى عام 1967 توقف المجلس الملى عن دفع مرتبات الكهنة والعاملين بالكنائس التابعة للبطريركية. وقام المجلس حينذاك بإرسال خطاب لرئيس الجمهورية وبعض السادة الوزراء ملقيًا مسئولية عدم دفع المرتبات على البابا كيرلس السادس بحجة عدم تعاونه معهم، ونتج عن ذلك تحديد اجتماع بين البابا كيرلس السادس والرئيس جمال عبدالناصر. ونتج عنه قيام الرئيس عبدالناصر بدفع منحة قدرها عشرة آلاف جنيه مساهمة من الدولة لمواجهة العجز فى ميزانية البطريركية. وتلاه صدور القرار الجمهورى رقم 2326 لسنة 1967 بتشكيل لجنة إدارة الأوقاف القبطية. والذى نص على: «تولى البطريرك الشئون المالية للكنائس والمعاهد الدينية، وله أن يفوض فى ذلك المطارنة والأساقفة فى حدود اختصاصاتهم أو من يرى تفويضه فى ذلك من غيرهم». وبناء على ذلك صدر قرار وزير الداخلية بتشكيل اللجنة المشار إليها، وقد حصرت أملاك البطريركية، ووضعت أسس وقواعد حسن إدارة واستغلال وتنمية هذه الأملاك. وأقيمت أول عمارة سكنية على أرض دير الملاك البحرى بالقاهرة، والتى تضم مقرًا لأسقفية الشباب وللأنبا موسى «أسقف عام الشباب».

حقائق

أولًا: حصلت الكنيسة الأرثوذكسية على 99% من الأوقاف المسيحية التى استحوذت عليها الدولة عقب ثورة يوليو 1952، وذلك حسب تصريح المستشار منصف سليمان «عضو مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية» لجريدة الوطن 24 أبريل 2019.

ثانيًا: يشرف مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية على الأوقاف القبطية، ولا علاقة لريعها مع ميزانيات الكنيسة الأرثوذكسية. وتحصل الكنيسة على رسم إشراف على الأوقاف القبطية بنسبة تتراوح بين 0.5% و2% للصرف على مرتبات موظفى الهيئة.

ثالثًا: تشرف هيئة الأوقاف القبطية وتراقب صرف ريع الأوقاف المسيحية على أوجه الإنفاق التى أوقفت لها سواء كانت تعليمية أو صحية أو مساعدة غير المقتدرين، وهى أوجه الصرف المحددة فى الوقف وتلتزم به إدارة هيئة الأوقاف القبطية حرفيًا.

رابعًا: لم يتم الإعلان عن حصر دقيق لأعمال هيئة الأوقاف القبطية. ولكن الجدير بالذكر أن عملها خاضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، والذى يدقق ويراجع القوائم المالية للأوقاف، ويتابع أوجه صرفها.

خامسًا: صدر قانون رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 2020 بإنشاء هيئتى أوقاف الكنيسة الكاثوليكية والطائفة الإنجيلية، كما صدر القرار رقم 81 لسنة 2021 بتشكيل مجلس إدارة هيئة أوقاف الطائفة الإنجيلية. ويذكر أن القانون قد نص فى المادة 4 «تلتزم هيئة الأوقاف المصرية وهيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس وكل جهة أخرى تحت يدها أوقاف يثبت من مستنداتها أنها من أوقاف الكنيسة الكاثوليكية أو الطائفة الإنجيلية أن تسلمها إلى الهيئة المختصة بها مصحوبة بتلك المستندات فور العمل بهذا القانون». 

نقطة ومن أول السطر..

يعد استعادة الكنائس المصرية لأوقافها.. خطوة إيجابية فى سبيل تحقيق منظومة المواطنة المصرية وترسيخ لقيم الدولة المدنية. ولكن يبقى على الكنيسة القيام بدورها فى مركزية الاستفادة من الأوقاف بشكل عام، والقضاء على فكرة الجزر المنعزلة والمنفصلة فى قيام كل إيبارشية فى إدارة الأوقاف داخا نطاقها الجغرافى حسبما ترى.