السبت 25 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
وصايا الطفل ريان

وصايا الطفل ريان

على مدى أيام تابع العالمُ كله عملية إنقاذ الطفل المغربى «ريان»، توقفت قلوب الملايين من كل الجنسيات وهم يترقبون ما تسفر عنه محاولات انتشاله من البئر التى وقع فيها، والتى يبلغ عمقها 60 مترًا ولا يتجاوز قطرها 30 سنتمترًا، ما صعَّب عملية الإنقاذ التى احتاجت إلى خطط معقدة، ومع كل خطوة فى طريق الوصول إليه كانت الدعوات تتوالى بكل اللغات وكل حسب ديانته ومعتقده، خمسة أيام احتبست فيها الأنفاس وامتزجت خلالها الأمنيات بالخوف والقلق على مصير الطفل البرىء، الجميع تَمنّى أن تكلل جهود فرقة الإنقاذ المغربية بالنجاح، وفرح العالم بعدما أعلن فى البداية أنه تم الوصول إليه وإخراجه من البئر وهو على قيد الحياة رُغْمَ الإصابات التى نالت جسده الرقيق، وسرعان ما عم الحزن بعد الإعلان رسميًا عن وفاته، وسواء كانت الوفاة حدثت قبل الوصول إليه أو بعد إخراجه من البئر؛ فإن الأهم الوصايا التى أرسلها «ريان» من العالم الآخر للحكومة المصرية.. يقول «ريان» قبل وقوعى فى البئر علمت أن ثمانية أطفال بعضهم أكبر منّى وعدد منهم فى مثل سنّى غرقوا فى النيل بسبب انقلاب مَعدية كانوا يركبونها للذهاب إلى عملهم، وعرفت أن أحد الضحايا ظل البحث عن جثمانه عدة أيام حتى عثروا عليه، هؤلاء الأطفال لم يحظوا بالتعاطف العالمى مثلى ولكن هذا لا يقلل من حجم المأساة، فأرجوكم راقبوا هذه المَعديات المتهالكة وامنعوها من العمل إلا بعد استيفائها لجميع الاشتراطات الفنية، حتى لا تتكرر الكارثة مرة أخرى، لقد علمت أيضًا أن أطفالاً غير قليلين يعملون فى ظروف صعبة من أجل مساعدة أسرهم، وهم مضطرون لذلك، ويستخدمون للوصول إلى أماكن عملهم وسائل مواصلات تعرض حياتهم للخطر، وقد وقعت من قبل بعض الحوادث التى راح ضحيتها أطفال أثناء ذهابهم إلى عملهم مثل اصطدام قطار ضواحى بسيارة كانت تقلهم، فأتمنى تطبيق قانونَى الطفل والعمل اللذين يمنحان حماية ويعطيان حقوقًا، ويمنعان كثيرًا من المَخاطر التى يمكن أن يتعرض لها الأطفال خلال عملهم، لقد عرفتُ أن الدستور المصرى ينص على «تلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى، كما يحظر تشغيله قبل تجاوز سن إتمام التعليم الأساسى. ويحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر»، فأتمنى تطبيق هذا النص.



هؤلاء الأطفال العاملون والذى يبلغ عددهم حسب الإحصاء الرسمى مليونًا ومائتى ألف ويزيد عددهم على هذا الرقم كثيرًا فى الإحصائيات غير الرسمية، كان يجب أن يكونوا فى المدارس يتعلمون ويلعبون، ولكن إذا كان لا مَفر من عملهم فلا بُدَّ من حمايتهم وتطبيق القانون الذى صدر من أجلهم؛ حيث وضع هذا القانون قائمة بالأعمال الخطرة المحظورة عليهم العمل فيها، كما حدد ساعات العمل بألا تزيد على ست ساعات يوميًا ولا تمتد أكثر من ستة أيام فى الأسبوع. 

يضيف «ريان» فى وصاياه: هل رأيتم الأطفال الذين يقودون «التوك توك» ويعرضون أنفسهم والمارة والشارع كله للخطر فماذا ستفعلون لإنقاذهم؟ ومن يحميهم من أن يقودهم أحد للبلطجة أو تعاطى المخدرات؟ أعرف أن وزارة القوى العاملة المصرية شكلت لجنة مع مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لتنفيذ خطة لمكافحة عمل الأطفال ودعم الأسرة بهدف القضاء على عمالة الأطفال، ولكن حتى يتم تحقيق هذا الحلم يجب حماية الأطفال الذين دفعهم الفقر للعمل مبكرًا.

يقول الطفل «ريان» فى وصاياه: أتمنى أن تنتهى مشكلة تكدس التلاميذ فى المدارس قريبا؛ حيث يعوقهم هذا التكدس عن تلقى العلم بطريقة جيدة كما يعرضهم للعدوَى والأمراض، وهل يمكن إقامة حدائق يلعبون فيها وأندية يمارسون فيها هواياتهم بدلاً من اللعب فى الشارع فيتعرضون للأخطار، أو يضطر أباؤهم لحبسهم فى المنازل فيصابون بالاكتئاب ولا يعيشون طفولتهم الحقيقية؟. يتساءل «ريان»: هل يمكن توعية الأطفال بكيفية مواجهة التحرش بعد أن تعددت هذه الحوادث؟ وكيف نحميهم من هذه الجريمة البشعة؟ وكيف نعالج الآثار النفسية للمعتدى عليهم؟ وهل يمكن تغليظ العقوبة أكثر على الجناة بحيث تحقق الردع لكل من تسول له نفسه الشروع فى هذا الجرم؟ هذا بعض ما بعثه الطفل «ريان» من العالم الآخر؛ خوفًا على أمثاله من الأطفال، فهل تسمع الحكومة وصاياه؟.