
أسامة سلامة
عام المجتمع المدنى
2022 هو عام المجتمع المدنى وذلك حسبما تم الإعلان عنه خلال إطلاق مبادرة حقوق الإنسان منذ شهور، وحتى نستفيد من هذه الدعوة المهمة وتؤتى ثمارها وتتحقق أغراضها لابد أن تكون هناك جهود جادة من جميع المؤسسات المعنية بالعمل الأهلى، وأعتقد أننا نحتاج إلى مؤتمر موسع نجيب فى نهايته على عدة أسئلة مثل، ما هو المجتمع المدنى؟ وما هو دوره؟ وما هى الأهداف المرجوة منه فى هذا العام؟ وكيف نهيئ له المناخ؟ والأجواء التى تجعله يحقق هذه الأهداف؟
نحتاج أيضًا إلى وضع استراتيجية لحقوق الإنسان بكل تنويعاته، فالأمر لا يتعلق فقط بالحقوق السياسية رغم أهميتها وكونها من الأساسيات، فهناك أيضًا حقوق اقتصادية واجتماعية ودينية، بعض هذه الحقوق يحتاج إلى خطط عاجلة مثل توفير الطعام والعلاج والسكن والتعليم المناسب لكل فئات المجتمع بجانب حرية الاعتقاد، وبعضها يتطلب خططًا طويلة الأمد مثل إصلاح التعليم وتطوير مؤسسات الصحة وغيرها من القطاعات التى ترتبط باحتياجات المواطن، وقبل كل ذلك يجب تحسين صورة المجتمع المدنى فى أذهان المواطنين بعد أن تم تشويهه على مدى سنوات طويلة بسبب حصر الإعلام له فى منظمات حقوق الإنسان، والهجوم على المنظمات الحقوقية وتوجيه اتهامات لها، هو ما أدى إلى خلق نظرة سلبية تجاه معظم الجمعيات فى فترة من الفترات دون تمييز بينها، من المهم أيضًا ترسيخ مفهوم المجتمع المدنى لدى المواطنين وأهميته، والتذكير بتاريخه العريق فى الارتقاء بالمجتمع، فمثلًا جامعة القاهرة بدأت جامعة أهلية واعتمدت على التبرعات من الأثرياء وقتها، كما أن كثيرًا من المدارس خاصة فى المدن والقرى الفقيرة أسستها جمعيات خيرية، وكذلك العديد من المستشفيات مثل القبطى والمواساة والدمرداش وغيرها، وكلها لعبت دورًا مهمًا فى التعليم والصحة، وهنا لابد من الالتفات إلى الدور المهم الذى لعبه الأثرياء قبل ثورة يوليو 1952 فى تأسيس الجمعيات الخيرية التى وجهت جهودها لخدمة الفقراء، فهل يقوم مليونيرات زماننا بنفس الدور الخيرى حتى يزيلوا عن أنفسهم الصفات التى التصقت بهم صدقًا أو مبالغة بأنهم أغنياء الفساد مثل أغنياء الحرب قديمًا؟ وهل يمكن أن يدرس هؤلاء الأثرياء احتياجات القرى والمدن والمحافظات التى ولدوا ونشأوا بها أو تعود جذورهم إليها ويمدون أيديهم لمساعدة أهلها وإنجاز بعض المشروعات الصغيرة؟ حيث يمكنهم تقديم هذه المساعدات من خلال تأسيس جمعيات تتولى هذا الأمر وتتابعه.
ألا يمكن أن يتضامن أثرياء كل مركز ومحافظة فى بناء عدد من الفصول الدراسية؟ وهل من الصعب عليهم التبرع ببعض الأجهزة للمستشفيات؟، أو تقديم منح دراسية للمتفوقين من أبناء الفقراء، ولماذا لا يتبرعون للجامعات التى تعلموا فيها وتخرجوا فيها أسوة بما يحدث فى أوروبا وأمريكا حيث يؤمن المليونيرات هناك بقيمة العلم ويعلون من قيمة الوفاء فيخصصون جزءًا من ثرواتهم للمؤسسات التعليمية؟ خاصة أن هذه التبرعات ستخصم من الضرائب المقررة على أرباحهم فيستفيدون ويفيدون مجتمعهم فى نفس الوقت، أما المهتمون بالعمل الأهلى فعليهم إنشاء جمعيات صغيرة أو فروع للجمعيات الكبيرة فى القرى والمدن الصغيرة حيث يدرسون الواقع والاحتياجات الفعلية لكل مجتمع، وهو ما يتطلب تسهيل إجراءات تسجيل وترخيص الجمعيات، ومتابعة الخامل منها وتغيير مجالس الإدارات الفاشلة فى أداء دورها، لا ننسى أيضًا أن المجتمع المدنى يضم النقابات المهنية والعمالية، وهذه فقدت دورها، ومن الضرورى العمل على استعادة بريقها الذى خفت بفعل فاعل وبيد بعض أبنائها، وهو أمر مهم لأنها تعمل على تطوير المهن المختلفة والحفاظ على حقوق أعضائها، كما تلعب دورًا إيجابيًا فى مساعدتهم فى حياتهم مثل تيسير العلاج وتقديم الإعانات فى الظروف الطارئة للأعضاء، وهو ما يساهم بشكل ما فى الحفاظ على الطبقة الوسطى من الانحدار إلى طبقة أقل.
عام المجتمع المدنى فرصة يجب اغتنامها وعدم التفريط فيها فهل ننجح فى ذلك؟.