الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
 مصانع لاستغلال الرمال السوداء فى كفر الشيخ والرمال البيضاء فى سيناء الكنز الذى رفض السيسى تصديره

مصانع لاستغلال الرمال السوداء فى كفر الشيخ والرمال البيضاء فى سيناء الكنز الذى رفض السيسى تصديره

داخل ملف الإصلاح الاقتصادى يتساءل البعضُ وأين الصناعة من كل ما يحدث، وهل سنظل دولة مصدرة للمواد الخام مستوردة لسلع تامة الصنع أو بالكتير نشارك فى جزء من عملية التصنيع؟.. 



السؤال منطقى، لكن البحث عن إجابة للسؤال يفتح البابَ أمامنا لملف تم نهبه طوال عقود وساهم فى تخلف مصر وهو ملف الثروة المحجرية؛ خصوصًا إذا عرفنا أن مصر تحتل المركز الثالث عالميًا فى الثروة المحجرية، المشكلة أن معظم هذه الثروات وطوال عقود سابقة كان يتم تصديرها بالطن والذى لا تصل قيمته إلى عشرة دولارات مثل الرمال البيضاء والرمال السوداء.

 وتعود مصر لاستيرادها مرة أخرى فى صورة سلع تامة الصنع بمليون دولار للطن.. سنعرف مقدار الكارثة إذا عرفنا أن الرمال البيضاء تُستخدم فى صناعة رقائق الكمبيوتر والهواتف المحمولة والرمال السوداء تحتوى على معادن مشعة ومعادن تُستخدم فى صناعة وتقوية هياكل الطائرات، كما أن دولًا كبرى فى العالم أنشأت مناطق صناعية تحت مسمى «وادى السيلكون» مستفيدة من ثرواتها المحجرية، بينما كنا نبعثر ثرواتنا دون الاستفادة الحقيقة منها. 

لذلك أصدر الرئيس «السيسى» قرارًا بمنع تصدير الرمال والاتجاه إلى الاستثمار فى الثروة المحجرية، وتمّت الاستعانة بالمكتب الاستشارى «وود ماكنيزى» الذى قام بإعداد استراتيچية لتطوير وتحديث قطاع التعدين؛ لرفع مساهمة قطاع التعدين فى الناتج القومى بما يتوافق والإمكانات التعدينية الكبيرة. وتستهدف مصر زيادة مساهمة قطاع التعدين لتبلغ 2 بالمائة من الناتج المحلى للبلاد، بدلاً من 0.5 % حاليًا، عبر تنفيذ خطة تستمر لمدة 5 سنوات. وتتضمن وصول إسهامات القطاع فى الناتج القومى إلى 7 مليارات دولار بجانب توفير 110 آلاف فرصة عمل جديدة، وجذب استثمارات بقيمة 700 مليون دولار سنويًا، مصر لم تكتفِ بالدراسة فقط؛ بل بدأت العمل على أرض الواقع، البداية بمشروع الرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ هو أول المشروعات، وتبلغ استثمارات هذا المشروع نحو 24 مليون دولار، بالمشاركة بين هيئة المواد النووية التابعة لوزارة الكهرباء، والشركة المصرية للرمال السوداء- إحدى الشركات التابعة لجهاز الخدمة المدنية- وإحدى الشركات الصينية، والرمال السوداء لمن لا يعرف هى رواسب شاطئية سوداء ثقيلة، تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبيرة وتتكون من المعادن الثقيلة؛ خصوصًا معدنَىْ الماجنتيت والألمنيت، وتستغل كخامات للحديد. كما تحتوى عادةً نسبة صغيرة من المعادن المشعة كالمونازيت وغيره، وكلها معادن يغلب عليها اللون الداكن. 

توجد فى الرمال السوداء فى مصر 11 موقعًا على السواحل الشمالية تنتشر بها الرمال السوداء بتركيزات مرتفعة، بدءًا من رشيد حتى العريش بطول ساحل 400 كيلو متر، لاستغلال هذه الثروة تم إنشاء الشركة المصرية للرمال السوداء وتم شراء الكراكة الهولندية «تحيا مصر» والتى صممت خصيصًا لشركة الرمال السوداء.

وأنشأت الحكومة المصرية موقعَيْن للرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ، الأول شرق البرلس بملاحة منيسى التابعة لقرية الشهابية على مساحة 80 فدانًا بخبرة «مصرية- أسترالية»، والثانى بـ شمال الطريق الدولى غرب محطة توليد الكهرباء العملاقة بالبرلس على مساحة 35 فدانًا بخبرة صينية.

ويشارك فى المشروع محافظة كفر الشيخ وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة وهيئة المواد النووية وبنك الاستثمار، وتقدر استثمارات مصنع الرمال السوداء فى شمال البرلس بـ 24 مليون دولار.

وتؤكد الدراسات التى أجريت على الرمال بمحافظة كفر الشيخ أنها تحتوى على ما يقرب من 250 مليون طن من الرمال السوداء، ووجود احتياطى آخر يعادل 200 مليار متر مكعب، ما يجعل بـ مصر أكبر احتياطى من الرمال السوداء بالعالم.

وتقوم جامعة كفر الشيخ بتقديم الدراسات اللازمة الهندسية والأبحاث العلمية الخاصة بمصنع الرمال السوداء بالبرلس، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات العلمية الخاصة بفصل العناصر المشعة من الرمال لاستخدامها فى الصناعات المختلفة؛ خصوصًا فى مجال النانو تكنولوچى لتطوير الصناعات الإلكترونية لتكون نقطة تحوُّل فى مجال الصناعة فى مصر. الاهتمام بالثروة المحجرية جعل الرئيس «السيسى» يصدر قرارًا جمهوريًا بإنشاء المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى، وإنشاء عاصمة صناعية على مساحة نحو 2.5 مليون فدان، فى منطقة قنا وقفط وسفاجا والقصير، وهو أحد أهم المشروعات القومية الكبرى والتى تخدم منطقة جنوب مصر باعتباره أحد المشروعات التنموية التى تعتمد على المقومات التعدينية الموجودة، وتصل استثمارات المشروع لنحو 16 مليار دولار، ويضم المشروع مناطق صناعية تعدينية وسياحية وزراعية وتجارية، ومتوقع أن يستوعب المشروع 2 مليون نسمة ويقام على 6 مراحل تسـتغرق المرحلة الأولى منها 5 سنوات، ويستغرق المشروع 30 عامًا للانتهاء منه بالكامل، وسيتم إنشاء عاصمة للمثلث الذهبى تبعد عن قنا بمسافة 100 كيلو متر، وصممت شركة «دى بولوينا» الإيطالية، المخطط العام للمشروع بالتعاون مع هيئة التنمية الصناعية، وسيوفر المشروع نحو 350 ألف فرصة عمل ويحقق عوائد سنوية للدولة تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار. 

كما تم توقيع عقد مشروع إنشاء مجمع حمض الفوسفوريك بأبوطرطور، الذى وقعه وزير البترول مع إحدى الشركات الصينية باستثمارات تبلغ 842 مليون دولار؛ لإنتاج مليون طن من حمض الفسفوريك الذى يعتبر المادة الأساسية فى صناعة الأسمدة الفوسفاتية البسيطة والمُرَكبة.

لذلك يجب أن نتوقع أنه ومع الافتتاحات المتتالية لمشروعات كبرى فى مصر فإننا فى الطريق لإعلان افتتاح مشروعات صناعية كبرى ستغير وجه مصر الاقتصادى، ويجرى العمل حاليًا فيها على قدم وساق لكن دون الإعلان عنها، كما هى فلسفة الرئيس الذى لا يعلن إلا بعد الافتتاح وليس عند وضع حَجَر الأساس. 

مصر الصناعية قادمة بقوة فى المرحلة القادمة.