
أسامة سلامة
اللعب مع الكبار.. حلم وحيد حامد
«أنا حسن بهنسى بهلول.. أنا المسكين فى هذا الزمان.. أنا المحاط بالأوهام.. أنا الذى إذا جاع نام.. أنا المخدوع بالكلام»، هكذا لخص «وحيد حامد» معاناة بطل فيلم (اللعب مع الكبار)، إنسان بسيط يعانى من البطالة تحيط به اللاءات الثلاثة، لا يعمل.. لا يستطيع الزواج..لا يملك المال، لكنه يمتلك الحلم والإحساس بالمسئولية تجاه بلده، «حسن بهلول» وللاسم الأخير دلالة فهو فى اللغة يعنى المرح الضحاك الجامع لصفات الخير، وهو ما يتمتع به البطل، يتحايل على المعايش وعلى واقعه المؤلم وحياته البائسة، لا يستسلم ويقرر أن يكون له دور فى كشف الفساد ويكون «عين الشعب وليس عين الحكومة»، كما قال للضابط الذى طلب منه أن يعمل معهم، «حسن» يغامر ويطلب مباحث أمن الدولة تليفونيًا ويخبر الضابط «معتصم» الذى رد عليه بتوقيت حرق أحد مصانع القطاع العام، وهو ما يحدث بالفعل، ثم يساعد الشرطة فى معرفة الجانى الحقيقى، وهم مجموعة ترغب فى إيقاف إنتاج المصنع لفترة حتى يتمكنوا من تسويق منتجهم المستورد، يحاول الضابط معرفة مصدر معلوماته، لكن «حسن» يصر أنه شاهد الحادث فى الحلم، وتتعدد الحوادث التى يكشفها، فهناك محاولة لاغتيال لاجئ سياسى، ولكن الداخلية تنسب إنقاذه وكشف المخطط لبراعتها ويقظتها، وهو أمر لا يبالى به «حسن»، فالمهم هو كشف الجريمة قبل وقوعها، الضابط الذى ارتبط بعلاقة قوية بـ«حسن» يتم إبعاده بعد أن فشل فى معرفة مصدر معلوماته، ويتولى الملف ضابط ثانٍ يمثل الوجه الآخر لأمن الدولة، يستعمل العنف والتعذيب، لكن «حسن» يصر على عدم كشف مصدره ويؤكد أنه يحلم، «حسن» كان يستعين بصديقه «على» الذى يعمل فى أحد السنترالات لكى يتجسس على المكالمات ويخبره بالانحرافات والسرقات والنهب، وبدوره يبلغ مباحث أمن الدولة بالمعلومات.
الاثنان «حسن» وصديقه مؤمنان بضرورة كشف كبار الفاسدين واللعب معهم، يدور الحوار بين الاثنين:
مين يحب أخوه..أنا
مين يحمى أخوه.. أنا
مين يلعن أبوه.. هما
الاثنان يعرفان ما يحدث فى البلد وأنه لا سبيل أمامهما إلا الاستمرار فى اللعبة لمواجهة توحش اللصوص، ويكشف الحوار بين الاثنين المرارة التى يشعران بها..
حسن: يا على أنا اتسرقت
على: اتسرقت بكل الأشكال
حسن: كويس إن أبو الهول والهرم لسه ما تسرقوش
على: علشان دول حجارة
حسن: هو لازم كل حاجة فى بلدنا تبقى حجارة علشان ماتتسرقش يا على.. حتى الحب وروحه الحلوة اتسرقوا. ولأن (اللعب مع الكبار) له قواعد وحدود فتأتى النهاية عندما يكشف عن نائب بمجلس شعب يقوم بتهريب الهيروين مستغلاً الحصانة، وفى مشهد بالغ الدلالة يقول أحد الكبار الذين يستخدمون عضو البرلمان فى عمليات التهريب «لسه برضه بنغلط كان لازم نرشحه على قوائم المعارضة مش الحزب علشان لو اتمسك نقول إنها تلفيق من الحكومة».
الكبار يكتشفون اللعبة ويعرفون أن موظف السنترال يبلغ «حسن» بالمعلومات ويقررون قتله، ويسرع «حسن» ومعه الضابط «معتصم» إلى السنترال محاولاً إنقاذ صديقه، ولكنه يصل متأخرًا، فيصرخ مبلغًا الناس فى التليفونات، حيث يتصل بأرقام عشوائية «على مات»، وكأنه يبعث لهم برسالة: «استيقظوا واعرفوا وقاوموا».
فى المشهد الأخير يمسك الضابط بمسدسه، بينما يرن جرس التليفون داخل السنترال – كأنه جرس إنذار - وحسن يصرخ «هحلاااااام».
الفيلم الذى أنتج عام 1991 فى مجمله كاشف لما جرى فى مصر فى هذه الفترة وما بعدها من العبث الاقتصادى والسياسى والاجتماعى وتسلط الكبار الذين أفسدوا البلاد، ولكن يظل الأمل فى أمثال «حسن بهلول» فى تحقيق حلمنا وحلم «وحيد حامد» فى الاستمرار فى اللعب مع الكبار.