
أسامة سلامة
كورونا.. ينصف الدستور المصرى
سباق عالمى محموم لاكتشاف علاج للمصابين بفيروس كورونا، كل دول العالم تتسابق وتسابق الزمن للوصول إلى دواء ينقذ مواطنيها والعالم كله من هذا المرض القاتل، وأيضا للحصول على مليارات الدولارات من بيع الدواء إذا ثبتت نجاعته وقدرته على القضاء على الفيروس، ولهذا كان اهتمام دول العالم المتقدم بالبحث العلمى وتخصيص ميزانية كبيرة له ليس عبثا ولا من فراغ، فقد أدركوا مبكرا أهمية الأبحاث والاكتشافات العلمية والطبية وأنها الوسيلة للسيطرة على العالم فى جميع المجالات، ومن الأمور المبشرة أن تتضمن الميزانية الجديدة فى مصر عن العام 2020/2021 زيادة فى مجالى الصحة والبحث العلمى حيث تم تخصيص 95 مليار جنيه للصحة بزيادة 28 مليارًا عن موازنة العام السابق، وتخصيص 7.8 مليار جنيه للبحث العلمى، ورغم أن هذه المبالغ غير كافية لتحقيق آمالنا فى نظام صحى نموذجى وطموحنا فى خلق مناخ يساعد العاملين فى البحث العلمى على الإبداع والابتكار إلا أنها تعتبر خطوة مهمة على الطريق الصحيح.
فقد كشفت المعركة التى تخوضها البلاد ضد فيروس كورونا أننا نحتاج إلى مزيد من المعامل ومراكز الأبحاث التى نستطيع من خلالها الوصول إلى أدوية وتطعيمات ضد الفيروس القاتل، كما بينت المعركة أهمية الإنفاق فى مجال الصحة وتجهيز مرافق الخدمات الصحية لكى تكون مستعدة لمواجهة مثل هذه الأزمات، بجانب الاهتمام بالعنصر البشرى فى المنظومة الطبية وتحسين أوضاعهم المالية، وتأتى الميزانية الجديدة متوافقة إلى حد ما مع مواد الدستور فى هذا الشأن والذى حدد نسبة معينة من الموازنة لهذين القطاعين ومعهما التعليم وتزداد سنويا حتى تصل إلى النسبة العالمية، والغريب أن المنتقدين للدستور المصرى كانوا يرون فى هذه المواد عيبا لأنها تحدد نسبًا من الإنفاق الحكومى والناتج القومى لهذه المجالات، ولكن أزمة فيروس كورونا والتحديات التى تواجه المجتمع بسببه أثبتت صحة توجه واضعى الدستور، فقد كانت الفلسفة التى اعتمدوا عليها أهمية هذه القطاعات وضرورة الإنفاق عليها بما يجعلها تؤدى دورها فى خدمة المواطنين والارتقاء بالبلد وحمايته، فقدت نصت المادة 18 على « لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الإنفاق الحكومى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقا لمعدلات دخولهم، ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى، وتخضع جميع المنشآت الصحية والمنتجات والمواد ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة، وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقا للقانون».
ونصت المادة 23 على «تكفل الدولة حرية البحث العلمى وتشجع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1 % من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تصل إلى المعدلات العالمية، كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلى وإسهام المصريين فى الخارج فى نهضة البحث العلمى»، والحقيقة أن أرقام الموازنة الجديدة جيدة ولكنها غير كافية فى ظل الظروف التى كشفتها الحرب ضد كورونا فالأطباء وحسب الدستور يجب تحسين أوضاعهم والبحث العلمى يحتاج إلى مزيد من الاهتمام لكى نستطيع مواجهة مثل هذه الحروب وننتصر فيها وهو ما لن يحدث إلا بالاهتمام بالعلم والعلماء.