الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قصة أول طبيبة مصرية

قصة أول طبيبة مصرية

هى فتاة ريفية تنتمى لأسرة متوسطة، ولكنها استطاعت أن تتغلب على القيود التى كانت تحيط بتعليم الفتيات، وساعدتها أسرة شجاعة وغير تقليدية حطمت كثيرًا من التقاليد البالية التى كانت ترى أن البنات مكانهن البيت حتى يتزوجن، نحن نتحدث عن أوائل القرن العشرين، حيث ولدت عام 1904 وتخرجت من كلية الطب الملكية ببريطانيا عام 1929، وبين التاريخين جرت واحدة من أعظم قصص الكفاح فى مصر، هيلانة سيداروس هى أول طبيبة مصرية وعربية، والغريب أن كثيرًا من المصادر تشير إلى أن التونسية توحيدة عبد الرحمن هى أول طبيبة عربية والتى تخرجت عام 1936 من كلية الطب بباريس، ولكن الحقيقة أن المصرية هيلانة سبقتها فى هذا المجال بسبع سنوات، ولدت هيلانة فى طنطا وقام أهلها بإلحاقها بكلية البنات القبطية وهى مؤسسة تعليمية تم إنشاؤها 1910، وأظهرت خلال تعليمها نبوغًا كبيرًا دفع أهلها إلى إلحاقها بالقسم الداخلى بالمدرسة السينية بالقاهرة، ثم التحقت بكلية إعداد المعلمات، وأثناء دراستها بالسنة الثانية جاءتها بعثة للسفر إلى إنجلترا لدراسة الرياضيات، ووافق والدها على سفرها، وفى لندن جاءتها فرصة أكبر، إذ عرض عليها المستشار الثقافى أن تدرس الطب فى إنجلترا، وأخبرها أن مصر تعكف على تدريب فريق من الطالبات المصريات فى مجال الطب، حتى يتولين إدارة مستشفى المرضى من النساء، والتى ستبنى فى إطار عمل جمعية كيتشنر الإنجليزية بالقاهرة، واختيرت هيلانة لتكون ضمن خمس مصريات ليلتحقن بمدرسة لندن الملكية للنساء عام 1922، وكان ذلك بداية طريق طويل وشاق تحملت فيه الصعاب، ومرة أخرى أثبتت تفوقًا أدهش أساتذتها الإنجليز، وبعد سبع سنوات أصبحت هيلانة أول طبيبة مصرية وهى لم تتجاوز الـ 25 من عمرها – يبدو أن زميلاتها الأربع الأخريات لم يكملن الدراسة - وعادت إلى مصر عام 1930 لتعمل فى مستشفى كيتشنر، وبعد خمس سنوات عرض عليها العمل فى رعاية الطفولة وفتح عيادة خاصة بها، وشجعها الدكتور عبد الله الكاتب على هذه الخطوة، واختارت هيلانة باب اللوق مقرًا لعيادتها، بجانب عملها فى المستشفى القبطى والتى كانت تقوم فيه بعمليات التوليد، وذلك بدعم من الدكتور نجيب محفوظ، رائد علم أمراض النساء، والمثير أنها كانت أيضًا أول سيدة تقود سيارة فى مصر.



 

ولم تقتصر اهتمامات هيلانة على العمل فقط، بل كانت مهمومة بالشأن الوطنى، فترددت على منزل سعد زغلول لتشارك فى اجتماعات الحركة النسائية لمناهضة الإنجليز، وانضمت إلى الجمعية التى أسستها هدى شعراوى التى كانت تسعى لحصول المرأة على جميع حقوقها، وظلت تعمل حتى بلغت سن السبعين، فارتأت أن تعتزل مهنة الطب خوفًا على مرضاها من تأثير الشيخوخة، وتفرغت للعمل الاجتماعى والخيرى حتى توفت عام 1998 عن عمر يناهز أربعة وتسعين عامًا،

 

ما سبق منقول بتصرف بسيط من مجلة «ذاكرة مصر» التى تصدر عن مكتبة الإسكندرية، وفى عددها الأخير قدمت فكرة رائعة ونشرت ملفًا عن شخصيات أعطت فى سبيل نهضة المجتمع الكثير، ولم تأخذ من الشهرة والأضواء ما تستحق، حيث اختارت عشر شخصيات لها إسهامات علمية وفنية وأدبية ملهمة ولم تنل حقها من الشهرة فى حياتها وصادفت تحيزًا ما، أبعدها عن الأضواء وسمح لغيرها ربما اقل إبداعًا منها أن تكون لهم حظوظ أفضل فى الظهور والتكريم، المجلة يشرف عليها الدبلوماسى والمفكر المعروف الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية، ويترأس تحريرها الكاتب والباحث والروائى الدكتور سامح فوزى رئيس قطاع الإعلام بالمكتبة، وقد أراد القائمون عليها أن تعكس الشخصيات التى اختاروها التنوع المصرى بكل أطيافه وتجلياته وتعبيراته، فبجانب الدكتور هيلانة ضمت القائمة أحمد صدقى سفيرنا فى البرتغال وإيطاليا وفرنسا، والذى كان له باع طويل فى الشئون الأفريقية، والدكتور نزيه نصيف الأيوبى الذى قام بالتدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى مصر، وفى جامعة كاليفورنيا بأمريكا، و جامعة اكستر البريطانية والتى استمر فى التدريس بها حتى وفاته عام 1995، وجاء فى القائمة أيضًا الفنان محمود مرسى حيث تميز بوجود سبعة أفلام له ضمن أفضل مائة فيلم مصرى رغم أنه لم يمثل سوى 25 فيلمًا أى بنسبة أكثر من 25 % من مجمل أعماله، وهى نسبة لم يصل إليها أى فنان آخر، وكذلك الدكتور هشام صادق أستاذ القانون الدولى الخاص بجامعة الإسكندرية وهو أحد فقهاء القانون البارزين، أما أبلة كريمة مربية الأجيال وهى شقيقة الكاتبة الكبيرة أمينة السعيد، فكان لها دور بارز فى التعليم وهى أول وكيلة وزارة مصرية وقد نالت هذا المنصب بعد معركة عنيفة مع المسئولين فى الوزارة والذين كانوا رافضين تولى امرأة هذا الموقع، بالإضافة إلى الكاتب والروائى محمد ناجى، وهو صوت متفرد بين أبناء جيله، وأيضًا الدكتور وليم سليمان قلادة وهو أحد الذين وهبوا حياتهم لخدمة الوطن فى هدوء وزهد شأنه شأن الكبار من المفكرين والعلماء، وله إسهامات قانونية وفكرية وتاريخية عميقة، وجاء أيضًا ضمن المختارين الشاعر الغنائى حسين السيد والذى تعدت أعماله ألف أغنية وتغنى بكلماته كبار المطربين، ثم الدكتور سليم حسن عالم الآثار وأحد رواد علم المصريات.

 

قد يختلف البعض على القائمة وربما يرون أن هناك شخصيات أخرى ظلمت، وأن بعض من ضمتهم نالوا حظًا من الشهرة، ولكن تظل الفكرة رائعة، والشكر واجب لكل من شارك فيها.