
أسامة سلامة
نقطة نظام مع «وزارة الصحة»!
الشكر واجب للدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة الذى غطى عورة باقى مؤسسات الدولة المعنية بالثقافة والصحة عندما أصدر قرارا بعلاج الشاعر الكبير والمترجم البارع «رفعت سلام» على نفقة الجامعة، وأيضا الشكر لرجل الأعمال سميح ساويرس الذى أبدى استعدادا لعلاج الشاعر المعروف على نفقته، وإذا كانت المشكلة تم حلها بعد تضامن ونداءات المثقفين وصرخاتهم لإنقاذ شاعر كبير صاحب تجربة مهمة بين جيل السبعينيات، فإن السؤال المطروح والذى كشف عنه ما حدث مع «سلام» خلال الفترة الماضية .. ماذا يفعل المواطن العادى عندما يصيبه مرض يستدعى علاجا سريعا وتدخلا عاجلا من وزارة الصحة؟ وحتى نعرف لماذا تم طرح هذا السؤال علينا أن نقرأ البيان الذى نشره الكاتب أحمد سراج ووقع عليه عدد من المبدعين بعنوان «انقذوا الشاعر العظيم» يقول البيان: «أول نوفمبر تعرض الشاعر والمترجم المصرى رفعت سلام لوعكة صحية، وتوقعنا أن يكون الأمر نزلة شعبية حادة، لكن التحاليل التى عرفت نتيجتها يوم 17 نوفمبر أثبتت إصابة سلام بسرطان الرئة، وتواصلت مع وزيرة الثقافة فى اليوم نفسه من نوفمبر.. ورغم سفرها خارج مصر فقد اتصل مكتبها بـ«رفعت سلام» وعرض أى مساعدة، وطلب سلام أن يتحمل هو ثمن التحاليل والفحوصات والكشوفات الطبية». وأضاف: «الطبيب المعالج» لـ«رفعت سلام» وهو الدكتور محسن برسوم اختار العلاج الجينى (المناعى) وتوقع أن يقضى على 95 % من المرض خلال ثلاث جرعات (سعرها 300 ألف جنيه)، وأخطرت وزيرة الثقافة، ورغم كونها فى مؤتمر خارج الخارج، فقد تحركت وتواصل مكتبها مع هيئة التأمين الصحى الذى رفض العلاج الموصى به لأنه ليس على لائحته، واقترح العلاج الكيماوى لتوفره (بغض النظر عن التقارير الطبية، وأن الكيماوى سيكون أعلى تكلفة وأقل أثرا إيجابيا وربما لا يتحمله سلام)». وتابع البيان: «اتصلت بكاتب كبير فتواصل مع نقيب الصحفيين ضياء رشوان للتدخل ولم يأت رد، واتصلت بأكاديمى معروف فتواصل مع رئيس اتحاد الكتاب، ولم يحدث شىء، لا ألوم أحدا، لكننى أطالب وزارة الثقافة، ونقابة الصحفيين بسرعة التحرك.. لإنقاذ شاعر ومثقف مصرى رفيع.. عاش حياته زاهدا إلا فى الإبداع». وأضاف: «المطلوب وجود جهة تتحمل تكلفة العلاج، رفعت سلام هو من أسس القسم الثقافى فى وكالة أنباء الشرق الأوسط.. فأين الوكالة؟» ويضيف البيان: «مترجم أعمال شعراء الحداثة الكاملة، ومؤسس حركة السبعينيات الشاعر التقدمى العظيم يواجه المرض، فأين نحن؟ نحن نطلب حق المواطنة.. علاج كريم لمواطن بذل حياته لبلده» . هذا البيان يكشف أن «سلام» ظل يبحث عن العلاج لمدة تقترب من الشهر ولم تسعفه وزارة الصحة لأن لديها برتوكولا محددا لا تريد أن تحيد عنه رغم أنه ليس الأفيد والأجدى للمريض، بل طلبت تغييره لبرتوكول آخر أقل فاعلية فى مواجهة مرض صعب وقاتل إذا لم يتم علاجه بأفضل أساليب الطب الحديثة، ولولا تدخل الدكتور الخشت لظلت المسألة معلقة لأجل لا يعلمه إلا الله، ومن المؤكد أن وزارة الصحة تعرف ماذا يحدث من تطورات فى هذا المرض اللعين كلما تأخر علاجه؟ والعجيب أن تدخل وزيرة الثقافة لم يكن كافيا لتجاوز الروتين القاتل، إننى أعرف حالات مماثلة وتحتاج علاجا ليس موجودا على لائحة هيئة التأمين الصحى، ومنها حالة تدخل مجلس الوزراء لحل جزء من مشكلتها ولكن لا يزال المريض يعانى وفى انتظار استكمال علاجه، فهل تظل وزارة الصحة تتمسك بلوائح قد تؤدى إلى وفاة المرضى؟ أعرف أن التكلفة كبيرة وأن هناك مجهودا كبيرا مبذولا لمواجهة العديد من الأمراض مثل فيروس سى وإنهاء قوائم الانتظار فى جراحات القلب، ولكن حياة مواطن أكبر من أى تكلفة، لقد حل الدكتور الخشت أزمة الشاعر الكبير والذى كان يستحق اهتماما أكبر من كل أجهزة الدولة، ولكن يبقى السؤال: ماذا يفعل المواطن البسيط إذا واجهته نفس المشكلة؟.