«الحلف الليبرالى» ضد سيطرة الإسلاميين ورجال الأعمال

اسماء نصار
ملف خاص
حتى تستقر سفينة الحكم الرشيد للبلاد، يلزم المشهد أن يظهر طرف ثانٍ يوازن الكفة، حتى لا ينفرد تيار سياسى أو فكرى بحكم البلاد.
الأمر يستلزم معارضة فاعلة، وبديلاً جاهزاً لتولى المسئولية فى أى لحظة.. حتى يتحقق مبدأ تداول السلطة الذى قامت من أجل خاطره ثورة يناير، وأن نعيد للمشهد الثورى وقاره.. بعيدا عن كل محاولات الاحتكار السياسى!
كانت الانتخابات البرلمانية فارقة فى نتيجتها، دقت ناقوس خطر فى آذان التيارات الليبرالية التى تفتتت وانقسمت على نفسها، وأضاعت على نفسها وعلى البلاد الفرصة التاريخية.. أما القوى الإسلامية فأخذتها العزة بالإثم، واستقوت بغالبيتها المتحققة وانتهزتها فرصة لتحقيق مشروعها فى اختطاف البلاد عن هويتها ووسطيتها!
اليوم وقبل أشهر قليلة على الانتخابات البرلمانية المقبلة تقع مصر بين تيارين.. الكل يعيد حساباته مجددا مع التغير اللافت فى طبيعة ومزاج الشارع المصرى.. تظهر تحالفات على الجانبين، وصراعات مكتومة حتى نصل إلى المشهد المثالى والنسبة العادلة فى تقاسم السلطة فى البلاد.
«روزاليوسف»
الشعور بالخطر من سيطرة التيار الإسلامى على كل مفاصل الدولة وكل مراكز صنع القرار بعد حصوله على الرئاسة وسيطرته على الجمعية التأسيسية التى تضع الدستور الذى سيحدد مصير الأجيال القادمة فى مصر، هو ما دفع العديد من التيارات الليبرالية والمدنية للتحرك سريعاً فى محاولة منها لتجنب سيطرة فصيل واحد على كل مقاليد الأمور فى البلاد، من هذه التحركات التحالفات التى تعكف عليها الأحزاب والتيارات السياسية اليسارية والليبرالية والاجتماعية والمدنية للخروج بتحالفات انتخابية قوية تغير من شكل البرلمان الماضى الذى صدم الجميع.
التحالفات التى رصدناها تتركز فى الأساس بشكل معلن وغير معلن على هدفين أحدهما تقليل مقاعد الإسلاميين فى البرلمان القادم والثانى هو تقديم برنامج للعدالة الاجتماعية والانتصار لحقوق الفقراء والمهمشين فى مقابل برنامج يمينى محافظ للإسلاميين يدعم طبقة رجال الأعمال ولا يختلف كثيرا عن برنامج الحزب الوطنى.
تلك التحالفات فى ظل تأسيس حزب الدستور الذى أطلقه للنور الدكتور البرادعى وكيل مؤسسى الحزب وكذلك التيار الشعبى الذى أسسه حمدين صباحى الذى أحدث مفاجأة فى الانتخابات الرئاسية غيرت خريطة الحياة السياسية فى مصر وأربكت صفوف الإسلاميين، ورأيناهم من وقت للآخر يلوحون بعودة البرلمان فى توقع غير مفهوم ومريب لأحكام القضاء، وهذا ما فسره البعض بأنه خوف من الانتخابات القادمة بالإضافه إلى أنه سيكون توفيراً للأموال، حيث إن الإخوان فى السلطة الآن ولديهم أولويات أخرى لصرف الأموال الطائلة التى كانوا يصرفونها على الانتخابات.
د. «عماد أبوغازى» - المتحدث الإعلامى باسم حزب الدستور - أكد لروزاليوسف أن الحديث عن خريطة التحالفات الانتخابية مبكر جدا حيث لم يحدد بعد قانون الانتخابات وبالتالى ميعادها وكيفية إجرائها فلا أحد يعلم إذا كانت الانتخابات ستتم على النظام الفردى أو القوائم أو المشترك.. ولكن بشكل عام هناك مجموعة من الأحزاب تجمعها مع حزب الدستور أهداف مشتركة وهى «العيش - الحرية - العدالة الاجتماعية» وحزب الدستور يتحاور مع كل القوى السياسية لبناء توافق حقيقى ولخوض معارك مشتركة على الأرض.
وردا على ما إذا كان الإخوان مسيطرين على العملية الانتخابية برمتها قال أبوغازى: إن هذا ليس مقصودا، ولكن الظروف هى التى وضعتهم ووضعت مصر فى هذا الموقف وإن قانون الانتخابات سيكون معركة الأحزاب كلها بما فيها حزب الحرية والعدالة نفسه بحيث لا ينفرد طرف واحد بوضع القانون.
أما عن اعتبار الخبراء السياسيين ظهور حزب الدستور فى الحياة السياسية تغييراً للمعادلة بأكملها قال أبوغازى: إن حزب الدستور سيتقدم للمجتمع برؤية واضحة وتصور لمستقبل هذا البلد وأنه يتمنى أن يثق الناس بالحزب وبقدرته على صياغة مستقبل أفضل لهذا الوطن. أما عن احتمالية تزوير الانتخابات فقال أبوغازى إنه لن يعتقد أنه ستكون هناك فرصة لذلك وأنهم لن يسمحوا بحدوثه حيث ستكون هناك رقابة حقيقية وجادة على اللجان بكل أنحاء الجمهورية، وسيتواجد مندوبو حزب الدستور للرقابة والإبلاغ عن التجاوزات والضغط لعدم حدوثها حتى انتهاء إجراءات العملية الانتخابية برمتها.
أما عن تلويح الإخوان بعودة البرلمان فقال أبوغازى إنه أمر غير مقبول وإهدار لدولة القانون ولابد من احترام حكم المحكمة الدستورية العليا وإلا كيف سنطالب الناس باحترام القانون وكيف سيتم استخدامه لمعاقبة المجرمين.
فريد زهران نائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى لشئون التنسيق مع القوى السياسية يرى أن التحالفات فى طريقها للظهور للنور وأنه ستكون هناك 6 تحالفات كبرى فى الانتخابات القادمة ثلاثة منها تحالفات إسلامية أولها التحالف الذى سيكون على رأسه حزب الحرية والعدالة وتحالف السلفيين المتمثل فى حزب النور والبناء والتنمية وقد ينضم إليهم حازم صلاح أبوإسماعيل حيث سيلعب دور جمع أشلاء التيار السلفى وخصوصا بعد الفضائح الشخصية التى أحدثت شرخاً وقد لا ينضم إليهم وهذا سيعد خسارة كبيرة للتيار السلفى، أما التحالف الإسلامى الثالث فسيكون تحالف الأحزاب الإسلامية الوسطية والذى سيضم حزب الوسط وحزب مصر القوية الذى أنشأه أبوالفتوح.
أما التحالف الرابع فسيكون التحالف المحسوب على النظام السابق مع بعض الأحزاب الليبرالية المدنية وهو ما يمثله حزب المؤتمر الذى أطلقه عمرو موسى المرشح السابق للرئاسة والذى أعلنوا أنه سيخرج منه تحالف الأمة المصرية وتكوين هذا التحالف غير واضح المعالم ..أما التحالف الخامس فسيكون مختلفاً عن التحالف السابق، لأنه سيكون عبارة عن تكتل لأحزاب وتيارات مدنية وسطية ولكنها محسوبة بالكامل على النظام القديم وهنا سيدخل حزب الحركة الوطنية الذى يؤسس محمد أبوحامد وأحمد شفيق وحزب الاتحاد الذى أسسه حسام بدراوى وأحزاب الفلول.
التحالف السادس على حد قول بدران هو التحالف الذى يشارك فى إتمامه ويطلق عليه تحالف الديمقراطيين الاجتماعيين الذين خاضوا الانتخابات السابقة على قوائم الكتلة المصرية والثورة مستمرة، فهناك محاولة تجرى الآن للم شمل تلك الأحزاب وهى حزب المصرى الديمقراطى وحزب التحالف الشعبى والتيار الشعبى والعدل والكرامة ومصر الحرية لعمرو حمزاوى وسيدخل معها حزب الدستور أى لم شمل الأحزاب الليبرالية واليسارية والديمقراطية الاجتماعية
زهران يقول لـ«روزاليوسف»: «قد يكون الطبيعى هو التعددية ولكن الأولوية الآن للتحالف، نحاول إنجاح هذا التحالف من أجل أهداف محددة، وهى بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة ترسى مبادئ العدالة الاجتماعية ونحن الآن فى مرحلة التحالف السياسى من خلال العمل المشترك على الأرض والعمل سويا فى المحافظات وهذا يساعد على اقتراب الكوادر من بعضها ويكون بذلك التقارب من القواعد قبل القيادات».
أيمن نور قال لـ«روزاليوسف» إن حزب المؤتمر المصرى مع حزب الوفد وحزب التجمع وحزب المصريين الأحرار «وهو لديه عضوية مراقبة فى حزب المؤتمر» وقعت تحالفا انتخابيا كبيرا يسمى بتحالف الأمة المصرية.. هذا التحالف الانتخابى يضم الأحزاب السالف ذكرها، بالإضافة لبعض الشخصيات العامة مثل حسب الله الكفراوى ويحيى الجمل ومنى ذو الفقار وليلى الخواجة وعمر فهمى ومصطفى الفقى.
هذا التحالف يمثله أربع شخصيات عامة وهم: عمرو موسى المرشح السابق للرئاسة وأيمن نور وأسامة الغزالى حرب وأكمل قرطام رئيس حزب المحافظين.
نور صرح لـ«روزاليوسف» هذا التحالف هو نتاج لعمل شهور طويلة بعد دمج 25 حزباً وحركة فى حزب المؤتمر تلاها جلسات عمل من أجل تحالف انتخابى أكبر والذى نتج عنه التحالف مع الوفد والتجمع والمصريين الأحرار بعد مفاوضات ومفاضلات كثيرة على حد تعبيره.
سألنا نور عن وجود بعض الشخصيات والأحزاب المحسوبة على النظام السابق فى هذا التحالف التى لم تكن فى صف الثورة وعما يعنيه ذلك فقال: وجود حزب مثل غد الثورة وحزب الجبهة الذى شارك فى الثورة بقوة وأحزاب خرجت من رحم الثورة مثل حزب الثورة وحزب التحرير يفند التشكيك فى ثورية هذا التحالف ولكنهم يرون أن هذه المرحلة لابد أن تشهد نوعاً من التحالف والتصالح مع كل القوى، خاصة إذا كانت لا تنتمى للفئة التى قادت الفساد السياسى والاقتصادى فى عهد مبارك وليس كل من كان على علاقه بالنظام السابق كان شريكا فى صنع الفساد.
سألنا أيمن نور عما إذا كان فى ظل تلك المصالحة من المقبول بالنسبة لتحالف الأمة المصرية التحالف مع حزب الحركة الوطنية المصرية الذى يقوده أحمد شفيق ومحمد أبوحامد فرد أن هذا لم يطرح على التحالف ولا يظنه سيطرح على الأقل قريبا ولكنه شخصيا لا يوافق لارتباط أحمد شفيق بالنظام السابق حتى آخر لحظة ولأنه كان جزءاً من السياسات التى ظلت معادية للثورة والثوار حتى آخر لحظة.
مصطفى شوقى عضو المكتب التنفيذى للتيار الشعبى الذى يرأسه حمدين صباحى قال: إن التحالف الذى سيدخل فيه التيار الشعبى سيكون تحت عنوان العدالة الاجتماعية وهو ما ارتكز عليه المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى فى خطابه مع الجماهير والتحالف لابد أن يقدم مشروعاً اقتصادياً لضمان حقوق المصريين الاجتماعية وأن الدخول فى تحالف مدنى ضد إسلامى هى معركة خاسرة.. ولكن الحل أن تقدم برنامجاً اقتصادياً ينحاز للفقراء يقابل برنامج الإخوان المسلمين المسمى ببرنامج النهضة الذى يعبر عن نفس التوجهات اليمينية الرأسمالية التى أفقرت مصر وبالتالى فالتحالف الذى سيكون التيار الشعبى جزءاً منه سيضم أحزاب اليسار واليسار الوسط والليبرالية الاجتماعية كحزب التحالف الشعبى والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والكرامة والدستور.. وفى هذا الإطار يقول شوقى إنه يعقد الآن عدداً من الجلسات بين العديد من تلك الأحزاب للاتفاق على تحالف سياسى يحقق فى الوقت الراهن على الأقل التنسيق الجاد فيما بينهم حتى تتبين الخريطة الانتخابية فيكون هناك تحالف سياسى يخرج من رحمه تحالف انتخابى والعمل المشترك الآن سيسهل مهام خلق هذا التحالف ومهام عمل مشروع قوائم مشتركة لخوض الانتخابات.
أما عن تلويح الإخوان بعودة البرلمان وهل هذا يعبر عن خوف الإخوان المسلمين من الانتخابات البرلمانية القادمة فيعتقد شوقى أن الإخوان يلوحون بعودة البرلمان كجزء من المساومة السياسية على شكل قانون الانتخابات ومواد فى الدستور ولكن هذا لا ينفى أن ظهور حزب الدستور فى الحياة السياسية وكذلك التيار الشعبى أحدث خللاً فى الموازنة بالنسبة للإخوان المسلمين لأن هذين الكيانين يمتلكان قواعد جماهيرية وشعبية حقيقية على الأرض، وهذا ما يخشاه الإخوان بالفعل.. فحزب الدستور والتيار الشعبى غيرا خريطة التحالفات فى مصر وأحدثا ربكة حقيقية فى صفوف الإسلاميين التى هى مرتبكة أصلا، فإذا لم يتم تأجيل الانتخابات وعودة البرلمان سيكون هناك برلمان متوازن جدا على المستوى السياسى وسيكون التمثيل به نسبيا.. لا أغلبية بسيطة ولا أكثرية ونسبة الإخوان به لن تتخطى 30٪ وذلك لأن المشهد السياسى الآن فى مصر مشهد متوازن، فهناك قوى حقيقية لها وجود حقيقى على الأرض غير الإخوان المسلمين.
أحمد فوزى أمين عام حزب المصرى الديمقراطى قال لنا إن فكرة العدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها الثورة غير موجودة فى أجندة الإخوان المسلمين، فحزب الحرية والعدالة يتبنى قضايا اقتصادية واجتماعية يمينية محافظة تهدف إلى الحفاظ على كبار رجال الأعمال وليس حتى على صغار رجال الأعمال وهذا يفسر وجهة نظر التنظيم فى الإضرابات والاحتجاجات وغيرها وحول ما تردد عن اندماج بعض الأحزاب التى تتبنى الديمقراطية الاجتماعية قال إن الاندماج صعب، لأن لكل حزب رؤيته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخاصه به، كما أن التعددية أمر صحى ومطلوب ولكن من الوارد خوض الانتخابات بتكتلات وتحالفات.. ويرى فوزى أن مصر ليست مهيأة لدخول انتخابات فى تلك الفترة لأنه ليس من المنطقى إنهاك البلد فى ظل أوضاعها السيئة فى انتخابات متتالية على النحو الذى يجرى من بعد الثورة حتى الآن وأن الأولوية الآن ولمدة ثلاث سنوات قادمة لبناء التنظيمات وأن تقوى الأحزاب نفسها وتصل للناس فى الشوارع تقنعهم ببرامجها وتثقف الناس وتوعيهم ولكن انتخابات تجرى ولدينا أحزاب لم تنظم نفسها بشكل كافٍ لمنافسة حقيقية وفى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية وعدم وضوح الرؤية قد يجلب نتائج سيئة جدا على الأحزاب ويؤثر على مستقبلها وفى المقابل يظل حزب الحرية والعدالة هو الأكثر جاهزية لخوض الانتخابات.