الأحد 6 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

«عمى ألوان».. فيلم عن الغربة والحب والحياة

«عمى ألوان».. فيلم عن الغربة والحب والحياة
«عمى ألوان».. فيلم عن الغربة والحب والحياة


«لا أفهم كيف تكونى امرأة ولستِ نسوية، لو مش هنحاز لنفسى هنحاز لمين؟، ولا أرى اهتمام فنان أو مخرج بالنسوية باعتباره عيبًا أو وصمة تخشاها بعض المخرجات، أنا مخرجة وست، ومعظم بطلات أفلامى ستات، وتجربة الأنثى أستطيع الكتابة عنها مثلما أكتب عن بقية الشخصيات» تقول المخرجة منه إكرام فى مقابلتها مع روزاليوسف أثناء حديثها عن مشاركة فيلمها « عمى ألوان» فى مهرجان ديربان بجنوب أفريقيا فى دورته الـ40.
منة إكرام (33 عامًا) كاتبة ومخرجة مصرية، حاصلة على  بكالوريوس الإعلام، ودبلوم فى ترجمة الأفلام، كما نالت ماجستير فى الفنون السينمائية ( تخصص فى كتابة السيناريو والتحرير) من مؤسسة البحر الأحمر للفنون السينمائية (RSICA) التّابعة لجامعة جنوب كاليفورنيا.
كتبت منّة أكثر من عشرة أفلام روائية قصيرة منها فيلم؛ «وبس»، « الاسم أنثى» ،«All is one»، وشاركت فى كتابة العديد من المسلسلات التليفزيونية أبرزها؛ «هبة رجل الغراب»، «سابع جار» و«زودياك» رمضان 2019.
حاز فيلمها القصير «العجلة» على جائزة أفضل فيلم فى مهرجان لقاء الصورة السينمائى فى دورته الثانية عشرة فى مصر، أما «عمى ألوان»  فهو الفيلم الثانى القصير وهو من تأليفها وإخراجها وبطولة الفنان آسر يس والفنانة ليلى سامى.. وعن كواليس صناعة الفيلم والتعاون مع النجم آسر ياسين والتحديات التى تواجه صانعات الأفلام كانت هذه المقابلة.
لنبدأ بمشاركة الفيلم فى مهرجان «ديربان» بجنوب أفريقيا..ماذا تُمثل لكِ؟
ــ سعيدة وفخورة جدًا بمشاركة الفيلم فى مهرجان عريق مثل «ديربان» عمره 40 سنة، وهو من أكبر مهرجانات الأفلام فى جنوب أفريقيا، ولديه صناعة كبيرة ومعايير فى اختيار الأفلام، كما أن جنوب أفريقيا كبلد على مستوى صناعة السينما حقق خطوات كبيرة جدًا، لذا أعتبر المشاركة خطوة جيدة للفيلم. 
«عمى ألوان» فيلمك الثانى القصير..حدثينا أكثر عن كواليس هذا المشروع؟
ــ الفيلم هو جزء من الدراسة المقدمة للحصول على درجة الماجستير فى صناعة الأفلام الطويلة من جامعة «Bath Spa» بإنجلترا، إذ تتيح الجامعة  للطالب فرصة تصوير إعلان أو تريللر للفيلم الطويل لإنجاز رسالته، ولكنى اقترحت على المشرف على الرسالة بدلا من تصوير تريللر أن أقوم بعمل فيلم قصير يضم الشخصيات الأساسية بالفيلم الطويل، من دون أن تحرق الأحداث، فهو ليس جزءًا من الفيلم الطويل نقوم بتصويره ولكنه فيلم قصير قائم بذاته له بداية ووسط ونهاية.
حاولت التفكير بطريقة مختلفة، لأن رحلة صناعة فيلم طويل مستقل تستغرق سنوات للحصول على تمويل، وجزء من إيمان الجهات المانحة بك كمخرج هو الحصول على «ماتريال» تؤكد على  مدى قدرتك في التعبير عن حكايتك بصريًا، وهو ما فعلته من خلال عمى ألوان، وبذلك سيكون الأمر أكثر سهولة فى إنجاز الفيلم الطويل مستقبًلا.
 قلت إن إنتاجك لفيلم العجلة كان «بالحب» أى بالجهود الذاتية.. ماذا عن إنتاج «عمى ألوان»؟
ــ هو إنتاج مشترك بينى وبين منتجة إنجليزية «جينالى رودس» وقد بدأنا التصوير فى سبتمبر 2018، أما مرحلة postproduction فتمت مع شركة مصرية بعد عودتى لمصر، وحرصت عند كتابة الفيلم لأنى سأكون منتجته، على تقليص عدد الشخصيات وأماكن التصوير، فالفيلم استغرق يومين تصوير، سبقهما بروفات وجلسات عمل وزيارة للمقبرة مع أبطال الفيلم، قرأنا من خلالها السيناريو أكثر من مرة لتوضيح كافة التفاصيل المطلوبة، وعمومًا كتابة فيلم قصير تجربة ممتعة، لأنه لحظة بسيطة مكثفة فى حياة الأشخاص، لا يشترط أن تكون النهاية واضحة وهو ما  لاحظته فى أفلامى وهو الميل للنهايات المفتوحة دائمًا، ووجدت نفسى أكتب عن علاقة بين رجل وامرأة فى «عمى ألوان» أيضًا.
 فيلم «العجلة» كانت أحداثه تدور فى السيرك.. ماذا عن « عمى ألوان»؟
ــ (تضحك) فى مقبرة، والمقابر فى إنجلترا ليست مكانًا مغلقًا على الحزن ولا يضم بين جنباته فقراء يعيشون أو يعملون فيه، ولكنه مكان عام به حدائق للتنزه، وخاصة المقبرة التى صورت الفيلم بها، فهى تقع فى مدينة بريسكل (جنوب غرب لندن) - دُفن فيها موتى منذ قرون ومازالت تستقبل جُددا إلى الآن، فضلا عن وجود كنيستين بها تقام فيهما الأفراح، علاوة على وجود كافيه ومراكز رقص وإيروبكس وتعليم يوجا، وتدور أحداث الفيلم فى يوم واحد داخل هذه المقبرة بين شخصين مصريين مُقيمين فى إنجلترا.
 «عمى ألوان».. من المؤكد عنوان مرتبط بقصة الفيلم؟
ــ عندما بدأت الكتابة نورَت فى ذهنى فكرة المرض «عمى ألوان» والأقاويل حول إصابة الرجال بالمرض أكثر من النساء، ومع البحث اكتشفت أن الشخص المصاب يرى اللون الأحمر أخضر، والأخضر رمادى،  وكان ذلك مثيرًا للاهتمام لأن تصوير الفيلم فى مقبرة معظمها حدائق خضراء، وبطل الفيلم يعانى من المرض، ويركز الفيلم على استكشاف العلاقات بين الأشخاص، «وإن كل شخص يدخل فى علاقة ما يراها من منظوره فقط»، كأن تدخل فى علاقه تراها قصة حب والطرف الثانى يراها صُدفة أو صداقة.
كان اهتمامى تقديم فيلم؛ شخصياته ليست طيبة أو شريرة على طول الخط، بينما تفاعلهم مع الموقف هو الذى يُظهر لنا هل كانوا مخطئين أم لا، لأن كل شخص لديه حساباته و«مفيش حد ملاك فى سيناريوهات الدنيا» أردت استكشاف هذه العلاقات جدًا، لأنه جزء منها «إزاى مبنشفش بعض، ورؤيتنا للأشياء من جانبنا فقط»، وتشتبك الفكرة العامة للفيلم مع تيماته المختلفة التى تتناول النقاشات البديهية المطروحة حتى الآن حول معنى التحرش وما هو الرضا بين الطرفين، بالإضافة للحديث عن الغربة وأن القاهرة مدينة ضاغطة جدًا ونحن نهرب منها، «وحتى عندما نهرب منها تجدنا فورًا فى شخص أو موقف أو أغنية، فى كل سفرياتى خارج مصر، لقتنى بطريقة ما! وحقيقى هذا مُربك جدًا على مستوى الشعور».
 كيف أقنعت الفنان «آسر يس» بالفيلم؟
ــ كنت أتخيل آسر أثناء كتابة الفيلم وملائمته للشخصية، وبصراحة لم يكن لدى توقع أنه سيوافق على المشاركة فى فيلم قصير بل ويتم تصويره خارج مصر، ولم أكن أعرفه من قبل، أقنعتنى المُنتجة بالتواصل معه وعرض الفيلم عليه، وفوجئت برد فعله بعد قراءة السيناريو، وحماسه الشديد للفيلم والسفر لإنجلترا.
حقيقى كنت محظوظة بالكاستنج، ورغم صعوبة العثور على البطلة فى البداية، حيث قابلت ممثلات غاية المهارة ولكن لغتهم المصرية ليست صحيحة، حتى رشحت لى صديقة الممثلة ليلى سامى،  نورت الفكرة وتحمست لها جدًا لأن ليلى بالعامية هى الشغلانة لأنها ممثلة، مغنية، راقصة، فنانة مسرح، مصورة، وأرسلت لها السيناريو ووافقت.
 التعاون مع نجوم محترفين.. هل كان يتدخل آسر ياسين أو ليلى أثناء التصوير؟
ــ كان آسر ياسين مبهرًا جدًا ومتعاونًا، وأعتقد عندما تكون كمخرج رؤيتك واضحة جدًا وماذا تريد بدقة، ستجد المساعدة والتعاون من كل من حولك لتحقق ما تريد، بلا شك ليلى وآسر ومدير التصوير خبرتهم أكبر ولكن وضوحى فى اللوكيشن بطلبات محددة سواء على مستوى التمثيل والأداء ساعد بقوة فى تحقيق هذه المرونة بين فريق العمل، حتى فى تصوير مشهد به حميمية والذى أصبح فى ثقافتنا مؤخرًا مع موجه السينما النظيفة يثير أزمات، وكان تصوير المشهد ناجحًا فى نهار خارجى،  كان هناك مساحة من الحرية للجميع ساهمت فى إنجاز هذا الفيلم.
 اتجه بعض النجوم مؤخرًا للتمثيل فى الأفلام القصيرة.. كمخرجة ما الفرق فى مشاركة ممثلين محترفين عن هواة؟
ــ عندما تقولين أن لك فيلمًا قصيرًا يضم ممثلين محترفين فهو أمر مهم جدًا وينقل الفيلم إلى منطقة ثانية ليست على مستوى التسويق فقط ولكن على مستوى «شغلك» كمخرجة، ويكون أشبه بالتحدى عن مدى قدرتك كمخرجة -فى ثانى أفلامها-  فى استكشاف مناطق جديدة لدى هؤلاء النجوم وإلى أين يصل، يُصبح «نوع لعب» وتجربة مختلفة، فمثًلا فيلمى الأول « العجلة» كان الممثلان (علا وشادي) قادمين من مسرح قائم على الحكى والتجارب الحقيقية، وكان ثلاثتنا يعمل من مخزونه الشخصى، كان فيلمًا مصنوعًا بمنطق «مين من أصحابى يقدر يساعدنى».
أما «عمى ألون» فتجربته مختلفة؛ هذه المرة لدى مدير تصوير بريطانى مخضرم «جيمى هاردينج» فى مجال صناعة الأفلام التسجيلية والكليبات، وجامعة تقف خلفى،  وممثلون محترفون، وفريق عمل خبرته كبيرة ويعمل بعائد مادى قليل جدًا لمجرد حماسه للفكرة، فضلا عن منتجة أنتجت العشرات من الأفلام الطويلة وتؤمن بى كمخرجة لذا دخلت الفيلم بمسئولية «إنك تكونى قدها».
 المرأة محور أساسى فى أفلامك تأليفًا أو إخراجًا.. هل يمكن تصنيفك كمخرجة نسوية؟
ــ لا أفهم كيف تكونى امرأة أصًلا ولستِ نسوية، «لو أنا مش هنحاز لنفسى هنحاز لمين»، لا أرى اهتمام الفنان أو المخرج بالنسوية عيبًا أو وصمة، أنا مخرجة وست نسوية خالص ونحن نعيش فى مجتمع يعانى من عدم توزان فى القوى مثل أى مكان فى العالم؛ لدينا مشاكلنا التى لها علاقة بالمرأة والأفلام مساحة موجودة نناقش فيها كل الحكايات. «ومعظم بطلات أفلامى ستات لإنِى واحدة ست، وهذه التجربة التى أستطيع الكتابة عنها مثلما أكتب عن كل الشخصيات، لذا لست ضد التصنيف».
 ولكن هل كل فيلم تقدمه مخرجة امرأة يكون نسويًا؟!.. ألا ترى أن إيناس الدغيدى حملت بعض أفلامها أفكارًا ذكورية أكثر مما قدمها مخرجون رجال؟
ــ لا أرغب أن أكون فى موقف مؤيد أو معارض، ولكن فى النهاية هى اسم من المخرجات اللاتى أعدادُهن قليلة فى الصناعة ولها بصمة فى عالم الإخراج، وقدمت مجموعة أفلام اتفقنا أو اختلفنا عليها فهى عبرت عن ثقافاتها وما تحبه والحكايات التى تعرفها. وبلا شك لديها أفلام تحمل أفكارا تقدمية من الناحية النسوية وأخرى فيها شىء رجعى. فى النهاية مهم جدَا أن تصنع الستات أفلامًا، مثلما مهم أن تصبح مديرة تصوير ومهندسة صوت..إلخ .
 السينما صناعة يسيطر الرجال عليها بنسبة كبيرة.. فى رأيك ما التحديات التى تواجه صانعات الأفلام الآن؟
ــ الصناعة فى تحدٍ دائم، صناعة السينما فى أزمة بشكل عام على الجميع، ولكن كأمراة تعمل فى السينما يكون التحدى أكبر ومحاولاتها لإثبات نفسها أكثر من الرجل، مثلا هناك أعداد كبيرة من الفتيات يعملن مساعد مخرج ولكن بالمقارنة بزميل رجل رغم بدايتهم معًا ربما يسبقها فى الإخراج. ويجب أن نراعى الفصلة الرهيبة بين سوق الفيلم التجارى وبين الأفلام المستقلة، فهناك معوقات كثيرة مثل معظم التحديات التى تواجهها السينما فى هذه اللحظة.
 فى رمضان 2019 شاركت فى ورشة كتابة مسلسل «زودياك» ؛ فماذا عن تجربتك مع عالم «أحمد خالد توفيق»؟
ــ أتذكر أن أول اجتماع لفريق عمل المسلسل وصل لنا خبر وفاته، كانت مفارقة حزينة وغريبة، وأثرت على الجميع، لكن لم أكن قرأت من قبل لخالد توفيق وبدأت من منطقة أخرى غير تلك التى أثرت فى أجيال نشأت على كتاباته خاصة فى مرحلة المراهقة وقبل عصر الإنترنت، وعندما وقعت وفاته تكشفت هذه الشحنة العاطفية الكبيرة التى تركها الرجل.
 ما رأيك فى الانتقادات التى تُوجه لورش الكتابة بأنها بدعة دمرت الدراما المصرية؟
ــ نحن لم نخترع العجلة، أكبر مسلسلات فى العالم بأمريكا كتابتها تكون من خلال الورش، من خلال مؤلف creator ومع writers room، يقدم لهم الفكرة والخطوط العريضة وتقوم الورشة بكتابة الحلقات، وساهمت هذه الورش خلال السنوات  العشر الأخيرة فى إحداث طفرة وتطوير نوع الكتابة للدراما بالعالم، وأصبحت أكثر إبهارًا ومتعة بشكل يتفوق على السينما، وبلاشك هناك فرق بين «دماغ واحدة تفكر» وتكتب سيناريو مسلسل وبين 8 أشخاص ليس لديهم سوى التطوير والتفكير فى الحبكة والشخصيات والخيوط الدرامية المختلفة. وحقيقى الورش علمتنى أشياء جديدة ومختلفة سواء على مستوى الكتابة والتفكير أو الإخراج، وتظل تجربة ورش الكتابة ثرية ومهمة.
ما هو مشروعك القادم؟
ــ مازالت رحلة الفيلم مستمرة فى المهرجانات، ونبدأ للتحضير للجزء الثانى لـ«زودياك»، بالإضافة لمسلسل لرمضان 2020.