الجمعة 12 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

زكى فطين عبد الوهاب: انشغالى عن أمى أصابها بالاكتئاب

زكى فطين عبد الوهاب: انشغالى عن أمى أصابها بالاكتئاب
زكى فطين عبد الوهاب: انشغالى عن أمى أصابها بالاكتئاب


100 عام مرَّت على ميلاد قيثارة الغناء ليلى مراد، يقابلها عشرات الكتب التى عبث بعضها فى تاريخ الفنانة القديرة عن عمد أو عن غير قصد، بروايات عدة لأحداث مؤثرة فى حياتها، وفى نظرة جمهورها لها، وما بين قصة إشهار إسلامها، وعلاقتها بدولة إسرائيل، واعتزالها الفن مبكرًا، واحتجابها عن الأنظار، أو حتى زيجاتها الثلاث يدور اللغط كل عام فى ذكرى ميلادها، أو ذكرى وفاتها.

ابنها يتحدث من جديد ويؤكد أنها لم تَسلم على يد حسن البنا وأن أنور وجدي أطلق شائعة علاقتها بإسرائيل..ولكن من تحدث عنها كأم أو زوجة؟ من فكر كيف كانت تقضى ساعات يومها لتوازن ما بين حياتها الأسرية، ورعايتها لابنيها وبين عملها قبل إقدامها على خطوة الاعتزال، أو لتقضى على شبح الوحدة الذى طاردها فى سنوات عمرها الأخيرة حتى قضى عليها؟ أسئلة جالت بخاطرى، وبحثت عن إجاباتها فى حوارى مع ابنها الأصغر الفنان «زكى فطين عبدالوهاب»، الذى أثبت لى من خلال حديثه أن دنيا «ليلى مراد» كانت غنوة، وكانت هى أعظم نغمة فيها.. ومن هنا بدأ «زكى» حديثه قائلا:
ليلى مراد مثل أى سيدة مصرية أصيلة، لم تغير فيها أضواء الشهرة أى شىء، فكانت دائمًا تقول إن انشغالها بالفن جاء محض صدفة، ولم تكن تخطط له أبدًا، فكل طموحاتها فى سن الشباب كانت أن تتزوج، وتنجب، وتجلس فى المنزل لرعاية أبنائها، لذلك كانت أسرية جدّا، تعشق البيت، وتهتم بكل تفاصيلنا أنا وأخى «أشرف وجيه أباظة»، وتخاف علينا بشكل مبالغ فيه، وتحبنا بنفس القدر، كما أنها كانت أُمّا حنون جدّا، و(دمها خفيف) تعشق النكتة، وتضفى السعادة على كل من حولها.
>وكيف كانت مظاهر الخوف المبالغ فيه عليكما؟
- فى طفولتنا، أحاطت كل شرفات الشقة بأسلاك حديدية، خوفًا علينا من الوقوع؛ حيث كنا نسكن الدور العاشر، وبعد أن كبرنا قليلاً كانت تقلق جدّا عند مرض أحدنا أو سهره فى الخارج لأى سبب.
>هل كانت تغضب منك؟
- أحيانًا، ومن أكثر المرَّات التى غضبت منى فيها كانت عندما التحقت بمعهد السينما، فقد كانت ترغب أن أكون مهندسًا أو دكتورًا، لكنها عندما وجدت إصرارى، وتفوقى فى السنة الأولى من المعهد  تقبلت الأمر.
>وكيف كانت كزوجة؟
- يمكن تلخيص الحديث عنها فى هذه الجزئية بأنها كانت دعمًا وسندًا حقيقىّا لزوجها، فأبى عندما تزوجها لم يكن مخرجًا مشهورًا بعد، وفى خلال فترة زواجهما أخرج 54 فيلمًا، وتحول إلى واحد من أشهر مخرجي عصره؛ لأنها كانت توفر له كل السبل لينجح، ويبدع.
> وماذا عن علاقتها بأهلها، وأصحابها، وجيرانها؟
- عندما وُلدت كان كل أهلها قد هاجروا إلى الخارج، لذا لم أر علاقة أسرية بالمعنى المتعارف عليه، اللهم بعض الزيارات؛ حيث كانت تسافر إليهم على فترات متباعدة جدّا، أمّا الأصحاب فقد كان لها العديد من الصديقات من خارج الوسط الفنى، وكانت بينهن زيارات منزلية دائمة، لكن علاقتها بالجيران كانت محدودة جدّا.
> وهل كانت طباخة ماهرة؟
- لم تكن كذلك سوى بعد الاعتزال، فطوال حياتنا كان لدينا طباخ، لكنها بعد الاعتزال أصرت على تعلم الطبخ، رغبة منها فى أن تشغل وقتها، وكانت تطهو أشهى الأكلات، وأهم ما يميز الطعام من يديها أنه خفيف جدّا، فقد كانت تطهو الطعام بطريقة صحية.
> وكيف كانت تتحدث عن أعمالها، هل ندمت على دور أو أغنية قدمتها؟
- لم يحدث ذلك أبدًا، لكنها كأى فنان كان لديها تفضيلات؛ حيث كانت تفضل الأغنيات والأفلام التى تتسم بخفة الدم مثل فيلم «غزل البنات» مثلا، فقد كانت مثل تلك الأعمال تشبه روحها كثيرًا.
> وهل كان لها طقوس مميزة فى المنزل؟
- بالتأكيد، ولعل أهم طقس أذكره لها هو إحضارها لمقرئ يقرأ القرآن فى منزلنا كل جمعة، فقد كانت تفضل أن تملأ آيات القرآن جنبات المنزل بقراءة حية، أكثر من أن يكون ذلك عبر وسيط أيّا كان راديو أو تليفزيون.
> يأخذنا ذلك إلى تصريح أدلى به منذ سنوات القيادى الإخوانى «عصام تليمة»؛ حيث ذكر فى مقابلة تليفزيونية أُجريت معه أن ليلى مراد أعلنت إسلامها على يد «حسن البنا» في منزل زوجها «أنور وجدي»، ما حقيقة هذا؟
- كذب بيّن، فقد أسلمت فى المحكمة الشرعية أمام القاضي حسن مأمون في عام 1947، ولم يكن لها أدنى علاقة بالإخوان.
>تردد أن اعتزالها الفن في عام 1955 جاء بضغط من السُلطات المصرية لـتدفع ثمن ولائها للواء «محمد نجيب» الذي غنت له أغنية (بالاتحاد والنظام والعمل) ما حقيقة ذلك؟
- والدتى غنت لـ«نجيب» عندما كان رئيس جمهورية، واعتزالها سببه الوحيد رغبتها التفرغ لأسرتها، ولم يحدث عليها أى ضغوطات، كلها شائعات مغرضة.
>بمناسبة الشائعات؛ سرت شائعة عن علاقتها بدولة إسرائيل وتبرعها بأموال لإقامتها كلفتها كثيرًا فى حياتها، كيف كانت تتحدث معكم عن هذه النقطة تحديدًا؟
- كانت تظن أن «أنور وجدى» هو من أطلق تلك الشائعات انتقامًا منها بعد طلاقهما، وذكرت فى إحدى المرَّات أنه أبلغ عنها السُلطات بأنها فى زيارة لإسرائيل، بينما كانت فى سوريا، وتمكنت من إثبات ذلك.
> اعترفت فى أحد حواراتك النادرة أنك أهملتها فى الفترة الأخيرة من حياتها، كيف كانت مظاهر هذا الإهمال؟
- فى سنواتها الأخيرة توفى كل أصدقائها تقريبًا، وانشغلت أنا بعملى كمساعد مخرج، وانشغل أخى بعمله فى مجال السياحة والفندقة، وتركناها فريسة للاكتئاب، لكن أحمد الله أنى صلحت علاقتى بها قبل الوفاة.
> احكِ لنا عن اللحظات الأخيرة؟
- كانت فى شبه غيبوبة فى المستشفى، وظلت بها حتى فارقت الحياة، لكن أكثر المشاهد العالقة فى ذهنى عن هذا اليوم هو حديثى إليها فى غرفة العناية المركزة؛ حيث طلبت منها السماح، واعترفت لها بحبى الشديد لها، وتقصيرى معها، وكنت واثقًا حينها أنها كانت تسمعنى.>