
أسامة سلامة
الإخوان بين أسيوط 1981 والمنصورة 2013
ذكرنى مشهد حادث مديرية أمن الدقهلية الإرهابى والذى أسفر عن 15 شهيدا و130 مصابا، بما حدث فى أسيوط عام 1981 عندما اقتحمت مجموعة إرهابية مديرية الأمن هناك وقتلت 118 مواطنا، بينهم خمسة ضباط، و101 جندى، و12 مواطنا، نفس الفكر التكفيرى الذى يرى فى الضباط و «العساكر الغلابة»، جنود فرعون، وأن قتلهم واجب ودماءهم حلال.
أما الفرق بين المشهدين المروعين ففى التفاصيل فقط، اقتحام مديرية أمن أسيوط جاء بالأسلحة الآلية والبنادق العادية بعد صلاة عيد الأضحى وبهدف الاستيلاء عليها ضمن مخطط السيطرة على الأماكن الحيوية فى أرجاء الجمهورية، وعلى رأسها مبنى الإذاعة والتلفزيون، ثم إعلان سقوط النظام وتأسيس الجمهورية الإسلامية، وفشل المخطط بسبب عدم استطاعة باقى أعضاء تنظيمى الجماعة الإسلامية والجهاد تنفيذ الخطة بعد ملاحقة الأمن لهم عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، فى حادث مديرية أمن الدقهلية استخدم الإرهابيون عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة، وهو أسلوب تدربوا عليه فى أفغانستان، ويعد التطور الطبيعى للعمليات الإرهابية، والهدف منها هو زعزعة الدولة وإسقاط النظام الحالى، والذى يسير بشكل واضح فى استكمال خارطة الطريق والتى ستؤدى إلى القضاء على عودة الإخوان المسلمين ومن والاهم من جماعات إرهابية إلى الحكم مرة أخرى.
فى عام 1981 قاد الهجوم عاصم عبدالماجد - الهارب حاليا من مصر والموجود فى قطر ــ، وكان معه وقتها مجموعة من قيادات الجماعة الإسلامية أبرزهم د.ناجح إبراهيم والأخير ضمن مجموعة قليلة قامت بمراجعات فكرية حقيقية، وأصبح الآن واحدا من أبرز المفكرين الإسلاميين المعتدلين، بينما أظهر عبدالماجد تحمسا للمراجعات التى ساهم فى كتابتها داخل السجن، ولكنه كان يظهر غير ما يبطن، ويكذب مدعيا رجوعه عن أفكاره التكفيرية، وندمه على عملياته الإرهابية، ولكنه فى الحقيقة كان متمسكا بالتشدد والإرهاب مؤمنا بهما، وعندما أصبح حرا طليقا متماسكا مع السلطة رجع لأفكاره التكفيرية، وعندما أقصى الإخوان وهو معهم من الحكم عادت عملياته الإرهابية، قبل أن يتسلل إلى قطر تاركا إخوانه يكملون مسيرته وتعليماته وأفكاره، وهو ما ظهر فى حرق الكنائس فى المنيا بعد عزل مرسى، والاعتداء على ضباط الشرطة والهجوم على كمائن الداخلية، فى أسيوط منذ 32 عاما وبعد العملية البشعة أدان الإخوان المسلمين الحادث رغم أن الجماعات المنفذة للحادث خرجت من عباءتها، وكان سيد قطب إمامها ومرشدها من خلال كتاباته التكفيرية، بل إن من يحكمون الإخوان منذ سنوات هم من القطبيين الذين يتبنون أفكاره التكفيرية، ومن هنا التقوا مع الإرهابيين الذين ينفذون المذابح والجرائم ضد الوطن والمصريين.
وفى المنصورة وعقب الحادث خرج الإخوان فى بيان بالإنجليزية ليعربوا عن أسفهم لما وقع، واتهم بعضهم النظام الحالى بأنه وراء تدبير الحادث لتشويه صورة الجماعة، وتغافل هؤلاء عن حقيقة أن جماعة أبناء بيت المقدس الموالية للإخوان أعلنوا مسئوليتهم عن الجريمة، وتناسى المدافعون عن الإخوان والذين يريدون إبعاد التهمة عنهم، التهديدات بحرق البلد والتى صدرت من فوق منصة اعتصام رابعة العدوية قبل فضه، والتى قالوا فيها إبعاد مرسى عن الحكم دونها رقاب.
فى عام 1981 وبعد القبض على الجناة ومحاكمتهم صام بعض القتلة 60 يوما تكفيرا عن وقوع أبرياء ضحايا للمجزرة، واعتبروا أن الصيام كفارة القتل الخطأ ـــ حسب ادعائهم ـــ، وهكذا أصبح قتل الأبرياء عقوبته عندهم هو الصيام، وفى 2013 قام بالحادث المروع انتحارى أفهمه أنصاره أنه ذاهب للجنة رغم قتله مواطنين لا ذنب لهم.
رغم مرور 32 عاما فإن الإرهاب مازال كما هو، خاصة أن محمد مرسى أفرج عن إرهابيى الثمانينيات والتسعينيات وهم الذين يقومون بمعظم هذه العمليات وازداد الأمر بعد أن انضم إليهم العائدون من أفغانستان الذين سمح لهم مرسى وجماعته باستيطان سيناء والقيام بجرائمهم فى حق الوطن.
لا فرق بين ما حدث فى أواخر القرن الماضى، وما يحدث الآن.
لقد أخذت الدولة عدة سنوات للقضاء على الإرهاب فى التسعينيات ولعلنا نحتاج الآن مثلها للتخلص منه، ولهذا يجب على الشعب أن يقف بجوار الدولة والنظام الحالى حتى تتطهر مصر من الإرهابيين والخونة، والرد العملى عليهم أن نذهب جميعا إلى صناديق الاستفتاء ووقتها سيدرك الإرهابيون أنهم هزموا بالفعل.∎