
أسامة سلامة
الدستور من لجنة الأشقياء إلي لجنة الكفار
لن تنال أى لجنة لوضع الدستور رضاء الجميع، وسيظل هناك من يرفضها، أو يرى بها عيوبا، أو أنها غير مكتملة ولا تعبر عن الشعب بأكمله، جزء من التيارات الإسلامية يرون أنه تم تهميشهم فى لجنة الخمسين، بل إن بعضهم مثل ياسر برهامى القيادى السلفى رأى أنها تضم معادين للمشروع الإسلامى مما يوحى بأنهم كفار، فبالطبع من يعادى المشروع الإسلامى يعادى الإسلام نفسه، الأحزاب الليبــراليـــة تــرى أن تمثيلها لا يعبــر عن حجمهــا، وقدكتـــب هــذا د. أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية فى مقال له بجريدة الوطن، وأشار فيه إلى أن واحدا فقط يمثل الأحزاب الليبرالية داخل اللجنة هو السيد البدوى رئيس حزب الوفد، أما د. محمد أبوالغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى فهو أقرب إلى اليسار بدليل أنه أصبح عضوا فى المنظمة الاشتراكية الدولية التى تضم جميع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية فى العالم، اليسار أيضا يرى بعض المنتمين له أن تمثيلهم كان يجب أن يكون أكبر رغم أن اللجنة تضم عددا لا بأس به من ذوى الاتجاهات اليسارية، أما المسيحيون فلهم ملحوظة حقيقية، وهى عدم وجود مسيحى يعبر عن الشخصيات القبطية العامة باستثناء د. مجدى يعقوب الجراح العالمى، أما الباقون فهم ممثلون للكنائس الثلاث ممثلون جمعيات المرأة ترى كذلك أن تمثيل النساء جاء ضعيفا ومعظم من ضمتهن اللجنة كن ممثلات لجهات ومجالس متخصصة مثل المجلس القومى للمرأة ومجلس الأمومة والطفولة، وكان من المفترض وجود عدد أكبر من الشخصيات النسائية العامة، وأن يكون تمثيل المرأة على قدر مساهمتها فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، عدد من النشطاء يعتقدون أيضا أن تمثيل الشباب غير عادل وأنه تم تجاهل جبهات كانت لها دور فى الثورة، وقيادات من العمال والفلاحين غير راضين عن تمثيل هاتين الفئتين، والقضاة مندهشون من عدم وجود ممثل لهم فى اللجنة إذن معظم التيارات والطوائف لها ملاحظات على طريقة تمثيلهم، وهو موقف يذكرنا بلجنة الثلاثين التى وضعت أول دستور مصرى عام 1923، حيث تم معارضتها حتى أن الزعيم سعد زغلول وصفها بلجنة الأشقياء، وهو اسم التصق بها تاريخيا رغم أنها وضعت دستوراً يصفه المؤرخون بأنه من واحد أفضل الدساتير المصرية، وإذا كانت فئات عديدة تعترض على تشكيل لجنة الخمسين التى وصمها إسلاميون بأنها تضم كفاراً، فإن لجنة الثلاثين اتهمت منذ 90 عاما بأنها حكومية ولا تعبر عن الشعب المصرى، وذلك لأن تشكيلها اختاره عبدالخالق ثروت رئيس وزراء مصر آنذاك، وتم تعيين حسين سرى رئيسا لها، وكان سعد زغلول يرى ضرورة أن تضع الدستور لجنة مستقلة تختارها الأمة، وليس لجنة حكومية، ولكن لجنة الأشقياء وضعت دستورا رائعا بمقاييس هذا الزمان أشاد به الجميع وأولهم من عارضوا تشكيل اللجنة، بل إنه تسبب فى فوز حزب الوفد بأغلبية مجلس النواب فى أول انتخابات تجرى بعد إصداره، وبالتالى وصول سعد زغلول إلى رئاسة الوزراء، والمثير أن حزب الوفد أكبر المعارضين للجنة الأشقياء كان هو من تزعم المظاهرات بعد إلغاء دستور 1923 ووضع دستور بديل له عام 1930، وفى سبيل عودة العمل بالدستور الأول اشتعلت المظاهرات فى جميع مديريات القطر المصرى وسقط العديد من الشهداء حتى اضطر الملك إلى إعادة العمل به، وهكذا دخل أعضاء لجنة الأشقياء التاريخ من أوسع وأفضل أبوابه، والآن أمام لجنة الخمسين أن تدخل هى أيضا التاريخ بأن تضع دستورا ترضى عنه الأغلبية العظمى من المصريين، ودون أن تلتفت إلى المعارضين لها ليس استهانة بهم ولا بآرائهم، ولكن يجب أن يدعوا عملهم يرد عنهم، وضعت لجنة الأشقياء دستورا رائعا بعد 4 سنوات من ثورة 1919 فهل تضع لجنة الكفار دستورا عصريا مدنيا بعد ثورتى يناير ويونيو، أتمنى ذلك وأرجو أن تخذل معارضيها مثلما فعلت لجنة دستور .1923