
أسامة سلامة
مصير الإخوان بعد السقوط
الآن وقد ظهر الحق وزهق الباطل ، ماذا نحن فاعلون بجماعة الإخوان ؟ ، أعرف أن كثيرين يرون ضرورة إجراء مصالحة وطنية ، وعدم إقصاء أى فصيل سياسى، وقد جاء هذا فى بيان الفريق السيسى، جزء من أصحاب هذا الرأى يعتقدون حقا فى ضرورة الاحتواء، ويضربون مثلا بجنوب أفريقيا بعد خلاصها من نظام التفرقة العنصرية، حيث رفع مانديلا راية التسامح، وطالب بإصدار قانون ينظم العدالة الانتقالية بها ، جزء آخر يقول إن إبعاد الإخوان ومن والاهم مثل الجماعات الإسلامية من المشهد السياسى ، يعود بها إلى العمل السرى تحت الأرض ، ويعود بنا إلى العمليات الإرهابية التى عانينا منها لعدة سنوات ولكن رغم ضرورة المصالحة الوطنية فإنه لا تصالح فى الدم ، وإن علينا أولا أن نعرف من قتل شهداءنا منذ قيام ثورة يناير حتى الآن ، وأن القتلة لابد أن ينالوا جزاءهم ، وإلا نكون قد شاركنا فى قتلهم ، دماء المصريين غالية، ولا يوجد سبب لبيعها رخيصة ، ومقابل أفكار رومانسية عن المصالحة والسلام والتسامح ، قد لا تجدى مع قتلة محترفين ، وأنا هنا لا أتهم أشخاصا بعينهم ، ولا جماعات محددة ، ولكن الهدف هو الوصول إلى الحقيقة ومعرفة الجناة ، ومحاكمتهم ، وحتى يتحقق هذا الأمل ، يجب اتخاذ عدة إجراءات، على رأسها إنشاء محكمة ثورة حقيقية وليست نيابة ثورة وهمية مثل التى أنشأها مرسى ، وليس المطلوب هنا أن تكون هذه المحكمة على غرار محكمة ثورة يوليو التى ظلمت فى بعض أحكامها عدداً من الشخصيات العامة ، كما أنها لم تتحر الدقة فى توجيه الاتهامات للسياسيين الماثلين أمامها ، ولهذا ظلت هذه المحاكمات رغم أهميتها تاريخيا موصومة بسوء السمعة ، ولهذا فإن محكمة ثورة يونيو المتممة لثورة يناير، يجب أن تتحلى بعدة قواعد، أولها أن تشكيلها لا يخرج بعيدا عن القضاة ، ويمكن الاستعانة بقضاة علىالمعاش ، فقط فى إجراء التحقيقات المختلفة ، على أن يسلموا تقاريرهم وأوراقهم إلى النائب العام ، الذى يقوم بدوره بإحالة من يثبت تورطه إلى المحكمة، التى تشكل من قضاة حاليين ، والهدف من الاستعانة بالمستشارين السابقين هو سرعة الإنجاز فى ظل كثرة القضايا وتشعبها ، وهو ما يصعب المهمة على رجال النيابة العامة فى ظل محدودية عددهم ، وانشغال جزء غير قليل منهم ، بالقضايا العادية ، والأخطر أن ملفات قتل الشهداء بعضها مر عليه أكثر من عامين ونصف العام ، وبعضها الآخر وقع منذ وقت قريب جدا ، ولكن أوراقها وتحقيقاتها كانت بين يدى من لا نثق به ، أو فى أيدى من يستطيع طمس حقائقها ، ولهذا فإنها تحتاج إلى جهد كبير لتتبع الواقعة ومستنداتها للوصول إلى الحقيقة، محكمة الثورة يجب ألا تكتفى بالتحقيق فى وقائع القتل أو الجرائم الجنائية فقط ، لكن يجب أن تمتد إلى الجرائم السياسية ، فمن أفسدوا الحياة السياسية قبل وبعد ثورة يناير ، لا يجب أن يمضوا بجرمهم دون عقاب ، وأن يعودوا لممارسة الحياة السياسية كأن شيئا لم يكن ، على أن تحدد الجرائم تحديدا دقيقا ، حتى لا تكون الاتهامات مطاطة تطول أبرياء ويخرج منها جناة، وعلى سبيل المثال فإن إصدار قوانين ودساتير على المقاس إفساد حقيقى وتلاعب بمستقبل الشعب والبلد ، فكيف نأمل لمن شارك فى التخطيط لهذا الجرم بالعودة للحياة السياسية سريعا ، أيضا من تثبت عليه تهمة تزوير الانتخابات والاستفتاءات ، يجب أن يُقصى من العمل العام لعدة سنوات، كما يجب معاقبة كل من أثرى وتكسب بسبب قانون شارك فى إصداره ، ولا ننسى أن عددا من رموز نظام مبارك حصلوا على براءات من خلال قوانين وضعوها وتربحوا من خلالها ، أعرف أن كثيرين سيعترضون على هذا الاقتراح، وبعضهم سيبالغ فى الأمر طالبا أن نبدأ من جديد بروح جديدة ، ولكن حتى نبدأ فعلا خطواتنا إلى المستقبل فيجب أن ننظف الجسم من السموم التى أصابته ، ولهذا فإنه لا بديل عن محكمة الثورة.