
أسامة سلامة
قانون لكل مواطن
لماذا يضع البعض قانونًا خاصًا به عندما يتولى سلطة ما حتى ولو كانت صغيرة ويطبقه على من يقع تحت سلطته ويتجاهل القانون العام؟، أقول هذا بمناسبة ما حدث خلال الأيام الماضية فى واقعتين سن بطلاهما قانونين خاصين وقاما بتطبيقهما وتوقيع العقوبة على المخالفين والمعارضين لهما.
الأولى؛ عندما أقدم موظف أمن بمستشفى قصر العينى على وضع زيت موتوسيكلات على المقاعد الخرسانية الموجودة داخل المبنى المخصص لأمراض النساء والتوليد بغرض منع أهالى المرضى من الجلوس عليها والانتظار لساعات متأخرة بعد انتهاء مواعيد الزيارة، الموظف طلب من الموجودين الخروج والابتعاد عن المكان، وعندما لم يستجيبوا له وضع الزيت حتى يجبرهم على الانصراف، ويمنع من يأتى فى اليوم التالى من الجلوس عليها، كان يمكن لهذا الموظف الاستعانة بزملائه من أمن المستشفى وإذا استعصى عليه الأمر يستطيع إبلاغ الشرطة والتى ستقوم بتطبيق اللوائح والنظام الموضوع من قبل إدارة المستشفى وتجبر الأهالى على مغادرة المكان واحترام الأوامر، ولكنه بدلًا من ذلك استن قانونًا خاصًا به ونص فيه على معاقبة أهالى المرضى بمنعهم من الجلوس على هذه المقاعد نهائيًا، حتى ولو أدى الأمر إلى تشويه المكان وإهدار المال العام فى إصلاح ما أفسده.
الواقعة الثانية؛ ما قام به الكمسرى الذى طلب من شابين لا يملكان ثمن التذكرة القفز من القطار أو تسليمهما للشرطة، وهو هنا وضع قانونه الخاص إذ إن القانون العام أعطاه الحق فى تسليم من يمتنع عن دفع ثمن التذكرة إلى الشرطة، ولم يعطه خيارًا آخر، ولو كان مقدرًا للقانون الذى وضعته الدولة ومقتنعًا به لانتظر حتى جاءت المحطة القادمة وسلمهما للشرطة، ولم يكن فى إمكانية الراكبين الهروب أو الفرار، خاصة وأن معه عددًا من العاملين فى القطار يستطيعون التحفظ عليهما، ولكنه فضل تطبيق تشريعه الخاص والذى تضمن أن يفتح لهما الباب ويطلب منهما القفز من القطار وهو متحرك ما أدى إلى وفاة أحدهما وإصابة الثانى، الكمسرى ورجل أمن المستشفى نموذجان لمن يطبق قانونًا خاصًا به دون الاعتداد بقانون الدولة، والأمر لا يقتصر على الهيئات الحكومية وما شابهها فقط ولكن مثل هذه الحالات موجودة أيضًا فى القطاع الخاص وبين الأهالى، وهناك من يفرض قانونه فى الشارع على من لا يخضع لأوامره وشاهدنا وقائع عديدة قام فيها صاحب السلطة بإهدار القانون العام وتوقيع عقوبات يبتكرها على من لا يستجيب لطلباته، ولعل هذا الأمر يطرح سؤالاً ما الذى يجعل بعض الموظفين والمواطنين يتغولون على القانون عندما يتولون أو يمتلكون سلطة ولو بسيطة؟ ويقمعون من يقع تحت سلطتهم رغم أنه من المفترض أن يقدموا لهم الخدمات، وما الذى يدفعهم لاختراع عقوبات بديلة رغم أن القانون العام ينص على عقوبات أخرى رادعة؟ لماذا يتلذذون بالقسوة على الضعفاء وينحنون أمام الأقوياء؟ صحيح أن الموظف والكمسرى يتم التحقيق معهما أمام النيابة وسيحالان للمحاكمة ولكن تبقى الظاهرة تحتاج إلى تفسير، حتى لا تنتشر ويصبح كل مواطن له قانونه الخاص الذى يطبقه عندما يمتلك القوة والقدرة والسلطة.