
أسامة سلامة
بلاغ إلى وزير التعليم
هل نحن جادون فى محاربة التّطرف والإرهاب؟
وهل نرغب حقيقة فى إشاعة مناخ المواطنة والمساواة؟
وهل نريد فعلا أن ننشئ الأجيال الجديدة على قيم الوحدة الوطنية؟
هذه الأسئلة طرحت نفسها أمامى عندما قرأت التحقيق الذى نشرته مجلة روزاليوسف فى عددها الماضى تحت عنوان «فصول للمسيحيين فقط»، وكشفت من خلاله الزميلة والصحفية النابهة ابتسام عبدالفتاح عن كارثة تعليمية وتربوية واجتماعية، مدرسة بالفيوم فرقت بين الطلاب المسلمين والمسيحيين وفصلت بينهما ووضعت كل طرف فى فصول مختلفة، صنعت المدرسة جيتو للأطفال الصغار وربتهم على الفصل بينهم بناء على العقيدة الدينية، هذه المدرسة تم إنشاؤها منذ 6 سنوات، ما يعنى أنها تمارس هذا السلوك طوال السنوات السابقة، ولنا أن نتخيل أى قيم زرعتها فى نفوس الصغار، وكيف يمكن أن ينظروا إلى الآخر المختلف معهم دينيًا؟ هذه المدرسة تربى أطفالًا مسلمين لا يعرفون الجار والصديق والصاحب والزميل المسيحى، والعكس أيضًا التلميذ المسيحى لن يصادق تلميذًا مسلمًا، فماذا نتوقع منهم فى المستقبل، إنهم سيكونون جميعًا مسلمين ومسيحيين مشاريع متطرفين، كل هذا يجعلنا نتوقف أمام القائمين على إدارة المدرسة؛ فإذا كانوا يدركون الكارثة التى ارتكبوها فهذه مصيبة وإذا كانوا لا يدركون فالمصيبة أعظم، وإذا كانت إدارة المدرسة تتعمد ذلك لأسباب دينية فهذه جريمة يجب أن تحاسب عليها، لأنها تهدد الأمن القومى للمجتمع، أما إذا كانت فعلت ذلك لأسباب واهية حسب ما جاء فى التحقيق أنه لقلة عدد مدرسى الدين، فهذه جريمة تربوية وتعليمية، وأقل ما يقال عن هذه الإدارة أنها جاهلة، وفى الحالتين كيف نأتمنها على أطفال صغار فى سن التكوين، لقد كشف التحقيق أن إدارة المدرسة قالت لأولياء الأمور الذين اعترضوا على هذا الوضع المريب أن الإدارة التعليمية وافقتهم على هذا الإجراء، وهو أمر إن ثبت صحته يستوجب موقفًا من وزارة التعليم تجاه مثل هذه الإدارات المتطرفة أو الجاهلة، لا أعرف هل يعلم وزير التعليم بهذه الكارثة أم لا؟، وفى كل الأحوال فإننا نضع أمامه هذه الجريمة وأعتبر أن التحقيق الذى نشرته المجلة بمثابة بلاغ له ولكل المهتمين بالتعليم والمواطنة وللرأى العام، وأذكّر الوزير أنه ليس مسئولًا فقط عن تطوير التعليم ولكن أيضًا عن التربية والتنشئة، وأن من أهم أدواره محاربة التطرف الذى غزا مدارسنا طوال سنوات سابقة، كما أذكّره أن الدستور الذى أقسم على حمايته وتطبيق مواده عند حلف يمين توليه الوزارة، ينص فى المادة 19 على «التعليم حق لكل مواطن وهدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العلمية».