الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
جريمة لا تسقط بالتقادم

جريمة لا تسقط بالتقادم


أحسنت الحكومة صنعًا عندما فضت الاشتباك بين وزارة المالية وأصحاب المعاشات، وذلك من خلال البروتوكول الذى تم توقيعه مؤخرًا بين وزارتى المالية والتضامن الاجتماعى، وستعيد بموجبه الأولى المليارات التى استولت عليها منذ 14 عامًا فى عهد يوسف بطرس غالى وزير مالية الرئيس الأسبق مبارك إلى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، البروتوكول يكلف موازنة الدولة 160 مليار جنيه سنويًا بواقع 13 مليارًا شهريًا، ويصل إلى تريليون و365 مليون جنيه خلال 7 سنوات، ويرتفع إلى 45 تريليون بعد 50 عامًا عندما يتم سداد المبلغ المستولى عليه بالكامل بجانب 5.7 % فائدة مركبة سنويًا، هذا الاتفاق الذى يعيد الحقوق لأصحابها يكشف عن جريمة تم ارتكابها ويدفع المواطنون ثمنها رغم أنهم الضحايا والمجنى عليهم، الجريمة وقعت عام 2005 عندما تم ضم وزارة التأمينات – التضامن فيما بعد - إلى المالية ووضع الدكتور يوسف بطرس غالى الذى تولى الوزارتين يده على أموال المعاشات وضمها إلى موازنة الدولة حتى يخفض من رقم عجز الموازنة العامة، وكانت الحجة هى استثمارها بطريقة أفضل، ولأن النية كانت مبيتة فقد تم إبعاد السفيرة ميرفت التلاوى عن منصب وزير التأمينات لأنها رفضت اقتراح يوسف بطرس غالى باستثمار هذه الأموال خارج مصر وفى السوق الدولية وبالتحديد فى سيتى بنك الأمريكى، ورفض هو اقتراحاتها بالاستثمار فى بعض شركات الأسمنت والاتصالات وحديد الدخيلة وغيرها من الاستثمارات المضمونة، وبعد أن أصبحت أموال المعاشات تحت تصرفه استثمرها بطريقته فحققت خسائر كبيرة، وحتى يقلل يوسف بطرس من عجز الموازنة خلال السنوات التى قضاها وزيرًا للمالية قبل ثورة يناير رفض ضم العلاوات الخمس الأخيرة لمن يخرجون على المعاشات رغم أنها كانت تحسن من أوضاعهم المالية، وهى العلاوات.
الرئيس أصدر أمرًا لوزارة التأمينات بعدم الطعن عليه، وما زال هناك خلاف حول الحكم الذى فسرته محكمة القضاء الإدارى فى مذكرة لها، حيث يتبنى أصحاب المعاشات رؤية تجعل هذه العلاوات حقًا مكتسبًا لهم، وتتبنى الوزارة رؤية مختلفة تخرج الحكم من مضمونه، وعمومًا فإن أصحاب المعاشات ليسوا وحدهم ضحايا خطيئة وزير مالية مبارك، لأن المجتمع كله دفع الثمن، فهذه المليارات التى ستنفق سنويًا من ميزانية الدولة لتصحيح الوضع الخاطئ كانت يمكن أن تساعد فى بناء مدارس ومستشفيات ومصانع وإصلاح كثير من المرافق العامة، ويكفى أن نكرر رقم تريليون و365 مليونًا كل سبع سنوات لندرك كيف كانت ستساعد هذه الأموال فى الاقتصاد الوطنى لو لم يتم ارتكاب هذه الجريمة، وقد يقول البعض إن يوسف بطرس لم يضع هذه الأموال فى جيبه وإنه اجتهد فأخطأ وهو ليس مجرمًا أو لصًا، ولكن إصراره على الاستيلاء على هذه الأموال واستثمارها بطريقة خاطئة وتعريضها للضياع رغم تحذيره يجعل خطيئته جريمة متعمدة لا يجب أن يفلت من العقاب المستحق لها، حقًا لقد مرت ما يقرب من 15 عامًا على ارتكابها ولكن آثارها مستمرة، كما أن الجرائم فى حق الشعب لا تسقط بالتقادم.