الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
.. ولا تزال خطة طه حسين  لتطوير التعليم صالحة للتطبيق

.. ولا تزال خطة طه حسين لتطوير التعليم صالحة للتطبيق


قبل أيام من الذكرى الخامسة والأربعين لوفاة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، قال وزير المالية الدكتور محمد معيط إن والده كان يعمل خفيرا، وهى شهادة غير مباشرة فى حق عميد الأدب العربى الذى وضع أساس  التعليم المجانى فى مصر عندما أطلق صيحته المشهورة وعبارته البليغة «التعليم كالماء والهواء حق للجميع»، ثم استطاع تحويل كلماته إلى فعل عندما رفض أن يتولى وزارة المعارف - التعليم حاليا - إلا إذا تمت الموافقة على طلبه بتبنى الحكومة مجانية التعليم حتى المرحلة الثانوية، وهو ما استجاب له النحاس باشا والذى كان يشكل الوزارة عام 1950،  وبعدها جاءت ثورة يوليو لتكمل جهد طه حسين وتمد المجانية إلى التعليم الجامعى. لولا مجانية التعليم ما استطاع الوزير الحالى أن يتعلم ويصل باجتهاده وتفوقه إلى منصبه الرفيع، وكثيرون مثله من قادة المجتمع منحتهم مجانية التعليم الفرصة لإظهار قدراتهم فاستفاد البلد من علمهم وتفوقهم ونبوغهم، ولكن التعليم الذى تمناه طه حسين ورآه السبيل الوحيد للنهوض بالبلد لم يعد الآن يحقق هذه الآمال، بل أصبح مريضا يحتاج إلى علاج سريع، وما يحدث فى ساحة التعليم حاليا وما يدور فيها من شد وجذب حول خطة تطوير التعليم، والتى يراها البعض خطوة على الطريق الصحيح ويعارضها آخرون ويعتبرونها غير مجدية وأنها ستكون مثل المحاولات التى سبقتها ولم تثمر سوى مزيد من التراجع للخلف،  يطرح سؤالاً: ماذا كان سيفعل الدكتور طه حسين لو كان وزيرا للتعليم فى وقتنا هذا؟ وهل كان سيتراجع عن موقفه تجاه مجانية التعليم ويعيد النظر فيها؟ وماذا ستكون خطته لتطوير التعليم؟ الإجابة على هذه الأسئلة تأتى من مواقف وأفكار وكتابات عميد الأدب العربى، خاصة كتابه المعروف مستقبل الثقافة فى مصر والذى صدر عام 1938،  من المؤكد أنه لن يتخلى عن حق الفقراء فى التعليم فقد كانت المجانية أحد المبادئ التى آمن بها وعمل على تحقيقها، كما اعتبر التعليم أساس النهضة والثقافة والطريق إلى الدولة الحديثة، ولهذا فإن الدكتور طه حسين لو تولى حاليًا مسئولية التعليم  فإنه كان سيضع خطة لتطوير المنظومة التعليمة بأكملها وخاصة المدارس الحكومية، وسينصب اهتمامه الأساسى على المناهج الدراسية وكيفية تحديثها لتواكب العصر، وسيعمل على أن تتماشى مع ما يدرسه التلاميذ والطلاب فى الدول الأوروبية، فقد كان عميد الأدب العربى من المنادين بالتوجه إلى الغرب والارتباط بحضارة البحر المتوسط، ولهذا كان سيستعين بتجارب الدول المتقدمة  ويعممها على المدارس الحكومية، على أن أهم ما كان سيفعله هو توحيد نظام التعليم فقد كان ضد ثنائية التعليم خاص وحكومى ووطنى وأجنبى،  ذلك لأن التعليم المتعدد فى رأيه يصنع مجموعة من الأمم والمجتمعات داخل المجتمع الواحد،  كما سيهتم الدكتور طه بالمدرس وسيعلى من شأنه ويرفع مستواه حتى يكون قادرا على تدريس المناهج بطريقة مفيدة للطلاب،  وقد كان حريصا عندما تولى وزارة المعارف قبل ثورة يوليو بعامين أن يستقدم أساتذة من فرنسا وبريطانيا لتعليم الطلبة اللغتين الفرنسية والإنجليزية تعليمًا راقيًا، ومن المؤكد إنه كان سيرسل بعثات كثيرة للخارج لكى يعود أعضائها أكثر قدرة على تحقيق الهدف من التعليم، كما كان سيهتم كثيرا بتثقيف الطلاب فتحتوى المدارس على مسارح وغرف للموسيقى والرسم بجانب المكتبات ولن ينسى الملاعب الرياضية، خطة طه حسين لتطوير التعليم سيكون هدفها ليس تخريج طلاب يعتمدون على  التلقين والحفظ ولكن  يعرفون كيفية إعمال العقل والتفكير الذى يقود إلى التنوير وعدم الاستسلام للضلالات والأوهام، طه حسين لم يكن فقط وزيرا للمعارف ولكنه أيضا مصلح اجتماعى ومفكر كبير وثائر على التقاليد البالية، وصانع للمستقبل وهذا ما نريده فى كل وزرائنا.