
أسامة سلامة
تعويضات الغلابة من أموال الفاسدين
«الوزارة لن تمنح الفلاحين تعويضات لأنها غير مسئولة عن استيراد البذور ولكن نساندهم لكى يتم محاسبة المسئولين عن الأزمة» هذا ما قاله الدكتور حامد عبدالدايم المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة تعليقا على أزمة البذور الفاسدة التى دمرت محصول آلاف الأفدنة من الطماطم وأدت إلى خراب بيوت الفلاحين، ولكن وزير الزراعة الدكتور عز الدين أبو ستيت قال فى بيان له «إن الوزارة طرف أصيل فى المشكلة» وأشار إلى «أن الشركة المستوردة للبذور حصلت على موافقة سابقة من لجنة فحص واعتماد التقاوى» ومعنى هذا الكلام أن الوزارة مسئولة لأنها وافقت على دخول هذه التقاوى الفاسدة للبلد، وحسب ما نشر فى الصحف فإن مصادر بالوزارة – لم تذكر اسمها - صرحت «أن الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى اكتفت بإرسال عينة واحدة من التقاوى المستوردة لمعهد بحوث أمراض النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية للتأكد من إصابتها بفيروس تجعد الأوراق بدلا من إرسال 19 عينة من جميع اللوطات المستوردة «وكشفت مصادر أخرى» أن لجنة التقاوى التابعة للوزارة لم تقم بتحليل أى عينات رسميا من الشحنات الواردة لصالح الشركة المستوردة معتمدة على الشهادة السابق اعتمادها عند السماح بالاستيراد لأول مرة ولم يتم تحليل أى لوطات تقاوى خلال الفترة من يناير حتى يوليو الماضى . ويكشف هذا الكلام - إن ثبت صحته - وجود تواطؤ أو على الأقل إهمال من إحدى جهات الوزارة أدى إلى دخول البذور الفاسدة ووصولها لأيدى الفلاحين الذين وثقوا فى إجراءات الوزارة فدفعوا الثمن غاليا، لكن الشركة المتهمة باستيراد البذور المدمرة والتى قدم عدد من الفلاحين المضارين بلاغات ضدها قالت «إن هناك شركة مجهولة انتحلت اسمها وزورت عبوات مماثلة لعبواتها وباعتها للفلاحين»، وخلاصة ما سبق أن القضية ستتشعب و سيتفرق دماء الفلاحين الغلابة بين القبائل، وسيضطر بعضهم للاستدانة لكى يعيش هو وأسرته باقى العام، وسيدخل البعض السجن لأنه لن يستطيع سداد ما اقترضه بضمان المحصول الذى ضاع وهلك، الفلاحون الذين يقدر عددهم بستة آلاف فى محافظات كفر الشيخ والبحيرة والدقهلية والفيوم والمنيا ضاعت أحلامهم بعد تدمير المحصول، فقد صرفوا على الفدان الواحد ما يقرب من 30 ألف جنيه وكانوا فى انتظار العائد الذى يعوضهم عما أنفقوه ويمنحهم بعض الأموال التى تعينهم على مصاريف الحياة ولكن كل آمالهم تبخرت مع المحصول الضائع، وسواء كانت الوزارة مسئولة بشكل مباشر من خلال تقاعس المسئولين بإحدى هيئاتها عن القيام بعملهم أو تواطؤهم وفسادهم لتمرير البذور الفاسدة ، أو مسئولة بشكل غير مباشر بسبب وجود هذه البذور القاتلة فى الأسواق فإن الفلاحين فى كل الحالات لا ذنب لهم، وليس معنى أن الوزارة لم تستورد البذور أن ترفع يدها عن تعويض المضارين مثلما يريد المتحدث الرسمى باسم الوزارة، فالواجب عليها إنقاذ الفلاحين وأسرهم، وليت الحكومة تقوم بتعويضهم على أن تسترد ما تدفعه من أموال المسئولين عن الكارثة بعد انتهاء التحقيقات ومعرفتهم، فمن تسببوا فى دخول البذور الفاسدة للبلد وكسبوا الملايين من خراب بيوت الغلابة، يجب أن يدفعوا ثمن فسادهم، معاقبة هؤلاء الفاسدين مهم وضرورى ولكن سجنهم وحده لن يفيد الفلاحين ولن يمنحهم ما يعيشون به، ولهذا فإن من يثبت تورطه فى هذه القضية يجب أن تصادر أمواله وبهذا تسترد الدولة الأموال التى دفعتها للمضارين، وهو إجراء إن قامت به الحكومة تنقذ الفلاحين وأسرهم ولا تترك الفاسدين يستمتعون بالمال الحرام الذى جمعوه على حساب الشعب.