الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
46 عاما.. ولا يزال تقرير العطيفى صالحا للاستعمال

46 عاما.. ولا يزال تقرير العطيفى صالحا للاستعمال


«وقد تبينت اللجنة أنه من أهم الأسباب التى تؤدى إلى الاحتكاك وإثارة الفرقة، عدم وضع نظام ميسر لتنظيم هذه التراخيص للكنائس دون تطلب صدور قرار جمهورى فى كل حالة، ولذلك فإن استصدار هذا القرار يحتاج إلى وقت، وكثيرًا ما تتغير خلاله معالم المكان الذى أعد لإقامة الكنيسة، مثل أن يقام مسجد قريبًا منه يخل بالشروط العشرة، ونتيجة لبطء الإجراءات كثيرًا ما تلجأ بعض الجمعيات القبطية إلى إقامة هذه الكنائس دون ترخيص وفى بعض الحالات تتسامح جهة الإدارة فى ذلك وفى حالات أخرى يجرى التحقيق مع مسئول الجمعية، وهو أمر بادئ التناقض بين احترام سيادة القانون من ناحية أخرى هو المبدأ الذى كفله الدستور فى مادته السادسة والأربعين والذى جاء نصه مطلقًا وهو يجرى كالآتى «تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية» وهو نص يغاير فى صيغته ما كانت تنص عليه الدساتير السابقة من حماية حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقًا للعادات المرعية فى مصر، وفى ظل دستور سنة 1923 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة حكمًا فى 26 فبراير 1951 بأن إقامة الشعائر الدينية لكل الطوائف قد كفلها الدستور فى حدود القوانين والعادات المرعية ولكنها ألغت قرارًا لوزارة الداخلية برفض الترخيص بإنشاء كنيسة وكان أساس الرفض قلة عدد أفراد الطائفة وقالت المحكمة فى حكمها إنه ليس فى التعليمات نص يضع حدًا أدنى لعدد الأفراد الذين يحق لهم إقامة كنيسة .
ومع ذلك فإن تنظيما لإدارة الكنائس لا يعتبر فى حد ذاته اعتداء على حرية ممارسة الشعائر الدينية، وإن كان من المناسب أن يعاد النظر فى أحكام الخط الهمايونى وقرارات وزارة الداخلية فى هذا الشأن تجنبًا لحالة شاعت وهى تحويل بعض الأبنية أو الدور إلى كنائس دون ترخيص وما يؤدى إليه ذلك أحيانًا من تعرض بعض الأهالى له دون أن يدعو هذا الأمر لسلطة الدولة وحدها وقد راجعت اللجنة الحوادث التى وقعت فى العامين الأخيرين، فتبين لها أن معظمها يرجع إلى إقامة هذه الكنائس بغير ترخيص وتصدى الإدارة أو بعض الأهالى للقائمين عليها.
على أنه يجدر التنويه بأن الكثير من هذه الكنائس لا يعدو يكون غرفة أو ساحة صغيرة بغير أجراس أو قباب وهذه قد جرى الاكتفاء بقرار من وزير الداخلية للترخيص بإقامتها ومن ثم فإن اللجنة تقترح بإعادة النظر فى نظام الترخيص بغية تبسيط إجراءاته على أن تتقدم البطركخانة بخطتها السنوية لإقامة الكنائس لتدرسها الجهات المختصة دفعة واحدة بدلًا من أن تترك للمبادرة الفردية للجمعيات أو الأشخاص ومن دون تخطيط علمى سليم».
ما سبق جزء من تقرير اللجنة التى شكلها مجلس الشعب بناء على طلب الرئيس الراحل أنور السادات عام 1972 برئاسة الدكتور جمال العطيفى عقب أحداث كنيسة الخانكة، وكان وقتها قد تم الاعتداء على مقر جمعية الكتاب المقدس وكانت تقام فيها بعض الصلوات.
اللافت للنظر أن ما جاء بالتقرير الذى مر عليه 46 عاما كأنه يتحدث عن وقتنا هذا، وإذا تجاوزنا بعض التغييرات التى حدثت مثل إلغاء الخط الهمايونى وإصدار قانون لبناء الكنائس، إلا أننا نعانى من نفس المشاكل التى ذكرها التقرير، وإذا قمنا بتغيير بعض الكلمات مثل الخط الهمايونى بقانون بناء الكنائس فإن التقرير يبدو كما لو كان يتحدث عن واقعنا الذى نعيشه، وإذا كان القانون الذى صدر منذ عامين قد نص على توفيق أوضاع الكنائس غير المرخصة، وقد حدث هذا بالفعل لعدد من الكنائس ،فإن الواقع يقول إن حوادث الاعتداء على المبانى غير المرخصة التى يقيم بها المسيحيون صلواتهم فى بعض القرى مستمرة، بل إن بعض الغوغاء الذين سلبهم المتطرفون عقولهم اعترضوا على تقنين وضع بعض الكنائس ورفضوا بناء البعض الآخر رغم صدور إجراءات الترخيص، ما يقرب من نصف قرن ونحن ندور فى نفس الدائرة دون الخروج منها، لم نحاول كسر هذا الطوق بجدية وعندما أصدرنا قانونا خاصا ببناء الكنائس جاء ممتلئا بالعوار، ورغم اعتراض أغلبية المسيحيين على بعض مواده وعدد كبير من المسلمين المهتمين بالوحدة الوطنية، إلا أن البرلمان أقر القانون الذى ظهرت عيوبه ومشاكله عند التطبيق، لقد تحدث التقرير عن تعرض بعض الأهالى للكنائس غير المرخصة دون أن يدعو هذا لسلطة الدولة، وهو ما يحدث الآن مثلما حدث مؤخرا فى كثير من قرى المنيا وآخرها دمشاو، الأمر يحتاج إلى تدخل سريع وحقيقى لحل المشكلة حتى لا نتركها تتفاقم، ويكفى أننا أضعنا 46 عاما دون أن نتصدى للمشكلة بجدية .