
أسامة سلامة
.. والشيكولاتة والجمبرى أيضًا يا حكومة
حسنًا فعلت وزارة السياحة عندما وضعت ضوابط جديدة للحج والعمرة تحد من تكرار أدائها لمن قام بها خلال السنوات الثلاث السابقة.. وهى إجراءات لصالح الاقتصاد المصري.
وإذا كان أحد أهداف هذه الضوابط هو الحفاظ على الدولار والعملة الصعبة؛ فلماذا لا تتدخل الحكومة وتضع ضوابط للحد من الاستيراد، خاصة للسلع الاستفزازية؟
لقد كشف تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء – الذى صدر مؤخرًا - أننا استوردنا سلعًا غير ضرورية بقيمة 326 مليون دولار.. أى ما يعادل خمسة مليارات و542 مليون جنيه خلال ثمانية أشهر فقط من العام الماضى!
وتضم القائمة التى كشف عنها التقرير جمبري، وكافيار، وكابوريا، ومكسرات، وشيكولاتة، وكاكاو، وآيس كريم، وسحلب، وزيوتًا عطرية، ومستحضرات تجميل، ومزيلات روائح، ومناديل ورقية، بخلاف سلع أخرى لم ترد فى التقرير، مثل: أكل الكلاب والقطط، وكلها سلع يمكن الاستغناء عنها.. وبعضها يمكن تعويضه بالمنتج المصري.
وإذا كانت الحكومة وضعت رسومًا إضافية يسددها الراغبون فى تكرار العمرة، والحج إذا كانوا قد أدوها خلال الثلاث سنوات السابقة، فإنه يمكن وضع رسوم إضافية على من يرغب فى استيراد هذه السلع، وعلى المواطن الذى يريد شراءها دفع ثمنها بعد إضافة الرسوم الجديدة.
حقيقة قامت الحكومة العام الماضى برفع قيمة الجمارك على 25 سلعة، ولكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيًا للحد من استيرادها، وعلى سبيل المثال فإننا استوردنا جمبرى بـ 37 مليون دولار بما يساوى 629 مليون جنيه.
والسؤال: ماذا سيحدث للمواطن المصرى إذا لم يأكل جمبرى؟ أو انتظر إنتاج المزارع السمكية التى أنشأتها القوات المسلحة، أما من يرغب فى تناوله فعليه أن يتحمل أسعاره.. نفس الأمر ينطبق على الشيكولاتة التى كلفنا استيرادها 65 مليون دولار بقيمة مليار و105 ملايين جنيه، وهو رقم كبير للغاية، ويكفى لإنشاء مدارس أو تطوير مستشفيات، ولذا فإن من يأنف من تناول الشيكولاتة «محلية الصنع» عليه أن يتحمل رسومًا إضافية من أجل المستورد.
أما المكسرات فقد دفعنا 37 مليون دولار، أى 269 مليون جنيه من أجل جلبها من الخارج، والآيس كريم ومعه السحلب استوردنا منهما بقيمة 2.75 مليون دولار بما يعادل 46 مليون جنيه، ودفعنا من أجل طعام القطط والكلاب المستورد عام 2016 أكثر من 52 مليون جنيه، والفسيخ والرنجة 100 مليون جنيه، والعصائر 826 مليون جنيه، والكسكسى والمقرمشات والخبز الهش والبسكويت والفطائر والبقسماط 281 مليون جنيه، ومنتجات العناية بالبشرة 746 مليون جنيه، هذا بخلاف سلع أخرى لا يشتريها إلا من يملك دخلاً كبيرًا.. وهؤلاء يمكنهم تحمل رفع أسعار هذه السلع.
ومما لا شك فيه أن اتخاذ إجراءات للحد من استيراد هذه السلع أولى من الحد من تكرار الحج والعمرة، وهناك فتوى صدرت من دار الإفتاء تحبذ توجيه نفقات حج النافلة والعمرة الثانية إلى ما ينفع الفقراء؛ لأن مساعدة المحتاجين أولى من تكرار الحج.. خاصة فى أوقات الأزمات الاقتصادية، وهو ما يعنى موافقتها على الإجراءات الجديدة.
وبالقياس.. فإن الأمر نفسه ينطبق على أى قرارات تصب فى صالح المواطن البسيط، ومنها الحد من استيراد السلع الاستفزازية، وإذا كان هناك من الاقتصاديين من يرفضون رفع التعريفة الجمركية على هذه السلع، ويقول إنه ليس فى قاموس التجارة ما يسمى بالسلع الاستفزازية؛ فإن الرد على ذلك أن كل الدول تتدخل لحماية اقتصادها وتتخذ إجراءات تمنع الإضرار بها، وطالما كنا فى حاجة إلى العملة الصعبة فيجب اتخاذ القرارات التى تمنع تسربها إلى الخارج أو تحد من خروجها إلا فى السلع الضرورية، وإذا كنا أيدنا الحكومة فى قرارها الخاص بالحج والعمرة،فإننا نناديها والشيكولاتة والجمبرى و«الرموش الصناعية» أيضًا يا حكومة.