الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
سقوط الأسانسير  وتنحى مبارك

سقوط الأسانسير وتنحى مبارك


سقط أسانسير مستشفى كلية طب بنها قبل أيام من الذكرى السابعة لسقوط الرئيس الأسبق  مبارك، وتنحيه عن الحكم، قد يندهش البعض من الربط بين الحدثين، ويتساءل: ما هى العلاقة بينهما؟ والإجابة أنه رغم مرور سبع سنوات على تنحى مبارك عقب ثورة رائعة استمرت 18 يومًا، إلا أننا مازلنا نعانى من آثار سياساته وسلبياتها فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و أخطر ما تسبب فيه هو  إشاعة روح الإهمال  وتجزر الفساد داخل هيئات ومؤسسات الدولة، وبين كبار  وصغار الموظفين فى الجهاز الإدارى، مبارك ليس مسئولًا عن صيانة الأسانسير، ولا يمكن اتهامه جنائيًّا، ولكنه من الناحية السياسية هو المتهم الأول، فخلال فترة حكمه التى امتدت 30 عامًا تعمق الفساد، وتبلد الإحساس وشاعت اللامبالاة، وساد الإهمال لدى قطاع عريض من المسئولين كبارًا وصغارًا، وبات المواطن البسيط يلجأ للواسطة، أو يبحث عن الموظف الفاسد لقضاء حاجته، حتى إذا كان ما يطلبه أمرًا شرعيًّا وقانونيًّا، وأصبح عدد غير قليل من الموظفين يطلبون الرشوة علانية، وبلا خوف، بل ويساومون عليها، ويشركون زملاءهم   فى طلب المزيد من أجل إنجاز عملهم، والموظفون الذين لا يقبلون الرشاوى صار معظمهم مهملًا متقاعسًا عن أداء عمله، والذى يظن أننى أبالغ عليه أن يرجع إلى قضايا الفساد الكثيرة، والتى نجحت الرقابة الإدارية فى الفترة الأخيرة فى كشفها، والتى تعدد وتنوع أبطالها  من الموظف البسيط إلى الوزير والمحافظ، ورغم أن كل قضايا الفساد الأخيرة، وقعت فى الشهور الماضية وبعد تنحى مبارك بسنوات، إلا أن كل المتهمين فيها تعلموا وتوظفوا وارتقوا فى مواقعهم فى زمن مبارك، وتربوا على قواعده وقوانينه ومشوا على درب الكبار فى نظامه، وعلى الذين يكابرون ويدافعون عن الرئيس الأسبق، ويحاولون تجميله أن يعودوا لما قاله الرئيس السيسى فى مناسبات عديدة عن أوضاع البلد «الخربانة» عندما تسلمها.. وهى تعبيرات  تدل على مدى ما وصلت إليه الدولة من انهيار فى عهد نظام مبارك، ومن المؤكد أن العام الذى تولى فيه الإخوان رغم سوءاتهم الكبيرة، لم يكن كافيًا للوصول إلى هذا المنحدر، وكذلك  فترة المجلس العسكرى، والذى حكم بعد تنحى مبارك بريئة من تدهور الأوضاع الذى نحاول الآن معالجته، لقد أدت سنوات حكم مبارك إلى تراجع فى كل المجالات، وخاصة فى التعليم والصحة واتبع ذلك تردٍ أخلاقى كبير، وزاد الأمر مع تزاوج المال مع السلطة، مما جعل الفساد يصل إلى أعلى المستويات، فتم بيع مصانع القطاع العام بأقل من أسعارها الحقيقية، والاعتداء على أراضى وأملاك الدولة، وهو ما ظهر من خلال قضايا الفساد التى اتهم فيها عدد من رجال مبارك واضطروا إلى دفع مبالغ مالية توازى ما استولوا عليه مقابل انتهاء القضايا ضدهم مستفيدين من القانون الذى صدر ويعطيهم هذا الحق، وسار صغار المسئولين على درب الكبار واتخذوهم قدوة لهم،  وانعكس كل ذلك على الأخلاق فى المجتمع  فأصبح الفساد شائعًا، والإهمال حاكمًا، والتسيب واقعًا، واللامبالاة قانونًا، ومن هنا جاءت واقعة أسانسير طب بنها، قد يكون مبارك قائدًا عظيمًا فى الطيران، ودوره كبيرًا فى حرب أكتوبر، وكان حاكمًا مقبولًا فى سنوات حكمه الأولى وأدى خدمات  للبلد، ولكن هذا لا يمنع من محاكمته سياسيًا على جرائم كبيرة ندفع ثمنها الآن، وسنظل نعانى من آثارها  لسنوات طويلة.>