الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
المسيح يصلب من جديد

المسيح يصلب من جديد


«مدينة القدس هى المركز الروحى لليهودية، كما أنها تعد مدينة مقدسة من قبل المنتمين لمعتقدات دينية أخرى».
ما سبق جاء فى ديباجة قانون  نقل السفارة الأمريكية للقدس والصادر من الكونجرس الأمريكى فى أكتوبر عام 1995.
 
ومعنى تفعيل هذا التشريع وصدور قرار من الرئيس الأمريكى ترامب بتنفيذه منذ أيام، أن أمريكا ترى أن القدس بالأساس ملك لليهود، وأن الأديان الأخرى التى لم يذكر اسمها التشريع وكأنها ديانات مجهولة أو غير معترف بها هى مجرد مدينة مقدسة بالنسبة لها، أى أن المسلمين والمسيحيين مجرد ضيوف على هذه المدينة التى يمتلكها اليهود بمفردهم لأنها مركز روحى لديانتهم، ولذا من حق ملاكها استقبال الزوار أو طردهم، كما أنه من حق اليهود إدارة مدينتهم كما يشاءون، ولعل هذا ما يجب الانتباه إليه خاصة أن  تشريع الكونجرس مضى على صدوره 22 عاما، والخشية أن الذاكرة العربية والإنسانية تنسى بعض ما يتعلق به، خطورة تعبير المركز الروحى لليهودية أنه قد يستعمل مستقبلا لتفريغ المدينة من المسلمين والمسيحيين إلا فى الزيارات التى تسمح بها إسرائيل لأن المقدسات الدينية المسيحية والإسلامية لا تتوازى مهما كانت أهميتها مع المركز الروحي.
ولذا علينا أن نطرح على أنفسنا السؤال: ماذا نفعل لمواجهة تهويد القدس وتجريدها من الهوية  الإسلامية والمسيحية؟
نحن نحتاج إلى توحيد الجهود والابتعاد عن توجيه القضية نحو ديانة بعينها مثل رفع الشعارات الإسلامية بمفردها، أو الحديث عن أن المقدسات المسيحية بها أكثر من الإسلامية، أو الكلام فقط عن المسجد الأقصى دون ذكر كنيسة القيامة وغيرها من الأماكن المسيحية المهمة أو العكس، من الضرورى التركيز دائما على أنها ملك للدينين معا وللإنسانية عموما. ولعل المؤتمر الدولى الذى دعا إليه الأزهر يكون فرصة  للعمل المشترك، ولهذا يجب أن يكون حضور الكنائس الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية قويا ومميزا، كما لابد من جذب الفاتيكان للوقوف بجانب قضيتنا العادلة وإشراكه فى الأمر باعتباره أكبر كيان مسيحى فى العالم من حيث عدد الأتباع وعليه واجب دينى وأخلاقى تجاه المزارات المسيحية فى المدينة المقدسة والدفاع عنها، خصوصا أن البابا فرانسيس رأس الكنيسة الكاثوليكية منحاز فى مواقفه للإنسانية ومتجاوب مع القضايا العادلة، وتفهمه لخطورة الوضع والقرار على المقدسات المسيحية يجعله يؤثر فى مليار ونصف مليار كاثوليكى فى العالم وهم  قوة كبيرة مطلوب الاهتمام بها، وأتمنى أن يسافر وفد من الأزهر والكنائس المصرية وعلى رأسها الأرثوذكسية باعتبارها صاحبة الأغلبية المسيحية فى مصر إلى الفاتيكان ومقابلة البابا فرانسيس لشرح أبعاد الموقف له، وحبذا لو ضم  الوفد ممثلين من جميع الطوائف المسيحية فى الدول العربية، كما يجب أن نلفت نظر المسيحيين المتدينين الحقيقيين فى أمريكا من الإنجيليين والكنائس الأخرى إلى خطورة المسيحية الصهيونية، وأن نكشف نواياها وابتعادها عن المسيحية الصحيحة، من المهم  أيضا التركيز على أن تهويد القدس والتخلى عن حماية المقدسات المسيحية بها بمثابة صلب للمسيح من جديد على يد اليهود الحاليين، وكل من يصمت على القرار الأمريكى يساعدهم فى الاعتداء عليه، إننا نحتاج حقيقة إلى توحيد العالم الإسلامى بكل مذاهبه وإلى  المسيحيين بكل طوائفهم قبل أن تضيع القدس نهائيا وتصبح مدينة بلا مسلمين ولا مسيحيين.