الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
سلفنى ضحكتك!

سلفنى ضحكتك!


رغم أننا شعب ابن نكتة، ونحب المرح والضحك، ونسخر من كل شيء (حتى أنفسنا)، فإننا لم نعد - فى كثير من الأحيان - كذلك!.. لذلك؛ أجدنى أميل إلى تصديق ما ذكره «مركز جالوب للأبحاث» عن أنّ مؤشر سعادة المصريين شهد انخفاضًا، بعد أن كان قد ارتفع بالعام 2014!
فى العام 2014 كنّا - جميعًا - نشعر بالتفاؤل، بعد أن تخلصنا من حكم الإخوان.. كانت الآمال عريضة، وأسقف الطموحات مرتفعة.
بمنتهى الواقعية.. تغير الموقف «نسبيًا» تحت وطأة الظروف، وتسارع الأحداث، والأزمات.. أداء الحكومة، نفسها، كان - فى كثير من المواقف - أقل مما يتوقعه الأغلبية.. فتراجعت الأحلام، وتراجع (معها) مؤشر السعادة!
أصبح المواطن يحمل فوق رأسه أطنانًا من الهموم التى تؤرقه.. ينظر باندهاش لمن يضحك أو تعلو وجهه الابتسامة.. أو ربما يطلب منه ضحكة سلف على طريقة المطرب الشعبى عبدالباسط حمودة فى أغنيته الشهيرة :
«عم ياللى ماشى وبايع دنيتك.. علمنى اضحك يا إما سلفنى ضحكتك».
 قد يقول البعض إن هذه مبالغة، ومازال المصرى يضحك، والدليل امتلاء صفحات الفيس بوك بعشرات التعليقات الساخرة، التى تثير الضحك.. قد يكون للأمر نصيب من الصحة.. لكنه فى كثير من المواقف، ضحكٌ كالبكاء!
ولو سألت أى مصرى بسيط (بعيدًا عن الأغنياء والأثرياء ومحبى الحكومة وأعضاء البرلمان): لماذا أنت مهموم؟؛ فسيفتح لك عشرات الصفحات.. كل واحدة منها كفيلة بالقضاء على أى ابتسامة.. سيقول لك: «الغلاء».. ورغم ارتفاع الناتج المحلي؛ فإنه لا ينعكس على نمط ومستوى حياة الأفراد، ولا يشعر المواطن، إلا بتبعات القرارات الاقتصادية، التى جعلته يعانى من أجل توفير حياة كريمة لأسرته، بعد أن انحدرت الأغلبية من الطبقة المتوسطة العليا إلى أدناها.. ومن الطبقة الوسطى إلى الفقيرة.. ومن هذه الأخيرة إلى الأكثر فقرًا.
سيقول لك المواطن: كيف أشعر بالسعادة وأنا خائف على مستقبل أولادي؟!.. فالتعليم الحكومى (أو حتى الخاص) يقودنا إلى الدروس الخصوصية المكلفة ماليًا، والتى تحتاج الى ميزانية خاصة.. وإذا أفلت الأولاد من بعبع الثانوية العامة؛ تلقفتهم الجامعات الخاصة.. وإذا تخرجوا فإن مكانهم محجوز فى البيت بعد صعوبة الحصول على وظيفة.. وإذا حاول أحدهم الهجرة بعد إصابته باليأس من العمل الكريم؛ فإنّ الموج فى البحر المتوسط سيبتلعه.. وإذا نجا فلن تعرف مصيره فى الغربة هل سيفلح فى الحصول على عمل وإقامة أم سيتشرد ويدخل السجن هناك ويتم ترحيله إلى بلده مرة أخري؟
سيقول لك المواطن إنه يخشى على بناته من السير فى الشوارع بسبب حوادث التحرش المنتشرة والتى تنشرها وسائل الإعلام بشكل شبه يومى تقريبًا، سيقول لك المواطن إنه يخاف من المرض لأنه لن يجد مكانًا فى مستشفى حكومى ولن يستطيع دفع فاتورة المستشفيات الخاصة، سيقول لك المواطن إنه يعانى كل يوم فى مواصلاته التى ارتفعت أسعارها والشوارع المزدحمة التى تكاد تتوقف!
سيقول لك المواطن إنه ينام وهو خائف أن يصحو على قوانين جديدة يقرها البرلمان تزيد من مشاكله، فهو قلق من تطبيق قانون الخدمة المدنية سواء كان معه الحق أو لا، أو أن يتكلم فيحاكم بتهمة إهانة الرموز، أو ازدراء الأديان!
سيقول لك المواطن إنه يصاب بالفزع إذا ضرب جرس منزله خوفًا من محصل الكهرباء أو المياه أو الغاز بعد ارتفاع أسعار هذه الخدمات، سيقول لك المواطن إنه مرعوب من العطش بسبب أزمة سد النهضة، التى لم تبل الحكومة ريقنا وتقول لنا: ماذا يحدث؟، وكيف سنتصرف؟، وما هى خطتنا لمواجهة هذه المشكلة الكبري؟.. أما إن كنت من «السعداء»: أرجوك.. سلفنى ضحكتك.