الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
أنقذنا يا سيادة النائب العام

أنقذنا يا سيادة النائب العام


فى يد النائب العام إنقاذ صورة مصر من التشويه الذى يمكن أن تتعرض له، بلاغ  قدمه محامٍ إلى النيابة ضد الدكتور خالد منتصر قد يؤدى إلى كارثة لنا، منتصر نشر على صفحته فى الفيس بوك صورة لتمثال اغتصاب بروزربينا وهو عمل فنى معروف أعده النحات الإيطالى جان لورنزو برنينى عام 1621.
ويجسد قصة من الأساطير الإغريقية حول الفتاة الجميلة بروزربينا التى كانت تلعب فى أرجاء الوادى وتقطف الزهور فلفتت انتباه بلوتو إله العالم السفلى فقرر اختطافها ويصور التمثال حركة الفتاة وهى تقاوم اختطافها واغتصابها وتصرخ وتستنجد بمن ينقذها، هذه المنحوتة من الرخام موجودة الآن فى جاليريا بورجيز فى روما ويشاهدها الملايين من عشاق الفنون الجميلة، ولكن أحد المشايخ الذى يقدم نفسه باعتباره وسطيًا ومن دعاة التجديد والاستنارة رأى فى التمثال عريًا وفى نشر صورته تسيبًا أخلاقيًا ودعوة للإثارة مهاجمًا منتصر ومحرضًا عليه، والتقط الخيط  محامٍ اعتاد تقديم مثل هذه البلاغات مستغلاً نصًا قانونيًا يتيح له ذلك، مطالبًا بالتحقيق مع منتصر، ولنا أن نتخيل ماذا يمكن أن يحدث لو صدر قرار بحبس منتصر، أو تمت إحالته للمحكمة بتهمة الدعوة للفجور لأنه نشر صورة لتمثال معروف فى كل أوساط الفنون العالمية؟ كيف ستكون صورتنا فى العالم، وكيف سنبرر أمام مثقفى العالم والفنانين والمتابعين للحركة الفنية وجمعيات ومجالس حقوق الإنسان العالمية أننا نرى فى الأعمال الفنية دعوة للإثارة والفجور، وإذا كانت التماثيل وما يماثلها من أعمال تشكيلية تثير فينا الشهوة فكيف نقدم أنفسنا للعالم أننا نحارب التطرف والغلو والإرهاب، وأننا نتصدى للأفكار الشاذة، وهل يوجد شعب متحضر تثيره صورة لتمثال أو لوحة فنية؟ ألا يجعل هذا البلاغ الذى يدعى صاحبه أنه يدافع عن الشعب المصرى وتقاليده وأخلاقه من المصريين شعبًا همجيًا مصابًا بالهوس الجنسى لدرجة أنه يستثار من مجرد لوحة لتمثال؟ وماذا نقول للعالم إذا جاءت دعوى من محبى الأعمال الفنية العالمية تطالب بإنقاذ اللوحات والتماثيل المماثلة والموجودة فى المتاحف المصرية؟ إننا نملك فى متاحفنا العديد من اللوحات التى يراها أمثال هذا الشيخ والمحامى دعوة للإثارة، فهل نحرقها من أجل  إرضاء هؤلاء، أم نطمسها أو نغطيها كما حاول البعض أن يفعلها بتمثال حوريات البحر فى الإسكندرية، وهل نحرق أعمال محمود سعيد وكتب ثروت عكاشة التى تحتوى على صور للوحات وتماثيل عالمية باعتبارها دعوة للإثارة ومن ثم للفجور؟ لا أدرى ما هو موقف جمعيات الفنون فى مصر ونقابة التشكيليين وكليات الفنون الجميلة وكل محبى الفنون وعشاقها؟! ولماذا لم يتحركوا حتى الآن لشرح الأمر للمواطنين العاديين؟ وأعتقد أنه من الواجب عليهم تقديم مذكرة للنائب العام يشرحون فيها أهمية الأعمال الفنية وخطورة مثل هذه البلاغات التى يمكن أن تتطور مستقبلاً وتطـالب بمنع وحرق وطمس الأعمال الفنية المماثلة الموجودة فى متاحفنا وعلى جدران معابد الفراعنة، وأن مثل هذه الأعمـال تمثلا تراثًا إنسانيًا مهمًا، وأن مثل هذه البلاغات تقربنـا من الدواعـش وتذكر بما فعلته طالبـان فى تمثالى بوذا واللذين انتفض العالم كله حزنًا على تحطيمـهما باعتبارهما تراثًا إنسانيًا مهمًا. إننى لا أتدخل فى عمل القضاء الراسخ والعادل والمستقل حينما أدعوه لنظر البلاغ من جميع الوجوه وله ما يراه مناسبًا، ولكنـنى فقط أخشى من بلاغ قد يؤذينا كثيرًا.