الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
لماذا أحب المصريون «عبدالناصر».. رغم أخطائه؟

لماذا أحب المصريون «عبدالناصر».. رغم أخطائه؟


رغم أن إقامة «حياة ديمقراطية سليمة» كان واحدًا من مبادئ ثورة يوليو الستة.. إلا أن هذا المبدأ - على وجه التحديد - كان بمثابة «كعب أخيل» الذى حاول «خصوم ناصر»، وأعداؤه، ومعارضوه تشويهه من خلاله؛ إذ إنّ أى هجوم على الزعيم الراحل كان لا بد أن يتضمن اتهامه بـ«الدكتاتورية»، خصوصًا بعد أن فشلت كل محاولات اتهامه بالفساد، وثبت لدى الجميع نظافة يده هو وأسرته.. حتى أن مخابرات الدول الغربية، التى حاولت جاهدة أن تجد له حسابات بالخارج، قالت بعد أن رفعت راية الاستسلام: «لم نجد له نقطة ضعف».. وبالتالى تركزت الحملات ضده على الدكتاتورية، والتنكيل بالمعارضين والتعذيب فى السجون والمعتقلات.

  وبعيدًا عن المبالغات التى جاءت فى الأفلام التي ظهرت بعد انتصار الرئيس الراحل أنور السادات على ما أسماه مراكز القوي، وكذلك فى مقالات وروايات بعض الكتاب ومنهم قيادات فى جماعة الإخوان المسلمين الذين أرادوا من خلال كتاباتهم التى تجاوزت فى بعض الأحيان حدود اللامعقول من أجل كسب تعاطف المواطن البسيط، فإن الحقائق تقول أن عهد عبدالناصر لم يكن ديمقراطيا، وكان هناك تعذيب للمعتقلين، وزج بالمعارضين ومنهم كتاب ومفكرين فى السجون، وإلغاء تام لحرية الصحافة خاصة بعد تأميمها.
ولا خلاف علي غياب الديمقراطية فى العصر الناصرى وهو ما اعترف به عبدالناصر نفسه فى جلسات اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى بعد هزيمة يونيو 67 وفى المحاضر التى نشرها عبدالحليم قنديل رئيس تحرير جريدة صوت الأمة منذ شهور كلمات وتعبيرات للرئيس الراحل تؤكد أنه أدرك خطأ تجاهل الديمقراطية وأنه كان يريد تصحيح هذا الخطأ والبدء فى توسيع هامش الحرية وإتاحة الفرصة للمعارضين للتعبير عن آرائهم.
ولعل ما سبق يطرح سؤالا: لماذا أحب المصريون عبدالناصر إذا كان قهرهم وزرع الخوف فى نفوسهم وجعلهم لا يشعرون بالأمان؟!
فى اعتقادى أن المواطن البسيط أحب ناصر لأنه أعطاه الأمان الاجتماعي، التعليم والعلاج والمسكن والعمل بجانب تكافؤ الفرص فى الحصول على الوظائف مهما كان تميزها، وهو ما جعل هذا المواطن يتغاضى عن أخطاء السياسة خاصة أن عددًا غير قليل من البسطاء لا تهمهم السياسة بقدر اهتمامهم بلقمة العيش، كما أن المشروعات القومية وعلى رأسها السد العالى وحدت الشعب وراءها واعتبر كل مواطن أنه مشارك فى بنائها بشكل أو بآخر، أيضا إقامة الكثير من المصانع الكبيرة التى وفرت فرص عمل كبيرة وهو ما جعل له رصيدا ضخما بين العمال، وهى المصانع التى كان لها دور كبير في الاقتصاد الوطنى حتى تم بيعها فى هوجة الخصخصة فى التسعينيات من القرن الماضي، وكذلك الإصلاح الزراعى الذى حول عددا كبيرا من الفلاحين من أجراء إلى ملاك، بجانب شعور المصرى بالعزة والكرامة بعد أن أصبح اسم مصر عاليا فى المحافل الدولية ولم تعد دولة محتلة أو تابعة، بالإضافة إلى مواقف عبدالناصر من القضية الفلسطينية التى كانت فى عهده قضية معظم المصريين، ومناصرته لحركات التحرر فى العديد من الدول العربية والإفريقية ومشاركته فى إنشاء حركة عدم الانحياز مما وضعه ووضع مصر فى قيادة العالم والعربى والإفريقى والآسيوي، ولا شك أن الظروف الدولية وقتها كانت تسمح بكل هذه الفاعليات التى جعلت من ناصر زعيما عالميا وليس مصريا فقط، ما سبق مجرد اجتهاد ومحاولة للإجابة على سؤال صعب يحتاج إلى دراسات عميقة وحقيقية بعيدا عن العاطفة والنوستالوجيا أو الحنين إلى الماضى.