الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الاغتيال الثانى لزهور أسيوط

الاغتيال الثانى لزهور أسيوط







لطمنا الخدود.. وذرفنا الدموع.. وارتدينا ملابس الحداد حزنا على ضحايا قطار أسيوط.. ثم وقفنا نتفرج.
ذهب المسئولون والسياسيون، والشخصيات العامة لتقديم واجب العزاء وكأن هذا هو دورنا الوحيد مع أن هناك واجبات كثيرة علينا جميعا القيام بها لهؤلاء المكلومين، قريبا سينفض سرادق العزاء، وسيجد الإعلام حادثة أخرى يتكلم عنها وسينشغل السياسيون والنخبة بقضايا جديدة، وشيئا فشيئا ننسى الضحايا ونترك أسرهم وأهلهم وحدهم فى مواجهة الحزن وآلام الفقد.
الأطفال المصابون الذين نجوا من الحادث يحتاجون رعاية نفسية ومعالجة عاجلة ومستمرة للآثار النفسية التى ترتبت على ما شاهدوه وعايشوه أثناء وبعد الحادث المروع.. من هنا أطالب منظمات المجتمع المدنى ونقابة الأطباء وجمعيات رعاية الأطفال والمجلس القومى للأمومة والطفولة والأحزاب برعاية هؤلاء الأبرياء وأن يتداركوا الصدمة النفسية التى تعرضوا لها والتى ستؤثر عليهم الآن وفى المستقبل، الزهور البريئة  شاهدوا الموت بأعينهم ورأوا زملاءهم وأخوتهم أشلاء متناثرة على قضبان السكة الحديد، وفقدوا أصدقاءهم الذين كانوا يجلسون بجوارهم فى الفصل ويلعبون معهم كل يوم، إذن كيف نعالجهم من هذه الآلام الرهيبة هل نتركهم لمصيرهم؟ على الجهات المختلفة الحكومية والأهلية أن تقوم بدورها، هل يمكن أن تستمر زيارات الشخصيات العامة من السياسيين والفنانين ولاعبى الكرة لهؤلاء الأطفال، هل نتعاون جميعا لإخراجهم من حالة الخوف والحزن إلى الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل؟ هل من الصعب أن تنظم وزارة السياحة ومشيخة الأزهر رحلة للأطفال فى إجازة نصف العام؟ قرأنا أن وزارة الصحة أرسلت وفدا من الأطباء لزيارة المصابين وأهالى الشهداء ولكن هل تستمر هذه الزيارات أم أنها مرة ولن تتكرر؟.
أتمنى أن تقوم نقابة الأطباء ووزارة الصحة بتنظيم زيارات منظمة ومنتظمة لأطباء يتابعون خلالها الاحتياجات الطبية والبدنية والنفسية للأطفال المصابين حتى تستقر صحتهم.
الأمر لا يتعلق بالأطفال الناجين فقط ولكن يمتد إلى أسر الضحايا، الآباء والأمهات الذين يمزقهم الحزن على فقد أبنائهم يحتاجون أيضا إلى يد حانية تواسيهم وتخرجهم من اليأس إلى الأمل وتساعدهم على الصبر وبعضهم يحتاج رعاية صحية ونفسية حتى يستعيد توازنه.
بالأمس أرسلنا الأم المسكينة التى فقدت أبناءها الأربعة إلى مستشفى العباسية للصحة النفسية لعلاجها من الصدمة التى لا تحتمل، ولكن ماذا عن الآخرين الذين يبدون أمامنا متماسكين وفى داخلهم تعشش المأساة.
المجتمع المدنى لا يجب أن يكون راصدا فقط لما يحدث أو مكتفيا بالنقد دون تحرك آخر، عليه أن يكون مشاركا ومعالجا ومداويا لآلام المواطنين، ودوره يبدأ عندما تتقاعس الحكومات أو بجانبها إذا أدت دورها أو جزءا منه.
الآباء والأمهات الثكلى لا يحتاجون المال بقدر احتياجهم لمن يساعدهم على استيعاب صدمتهم ويعيدهم إلى الحياة مرة أخرى والتى فقدوها مع استشهاد أولادهم، هل يمكن أن تدلنا منظمات المجتمع المدنى وأن يقول لنا الخبراء ماذا يحدث فى دول العالم المتقدم والتى تهتم بالإنسان عند وقوع مثل هذه المصائب وماذا تفعل الحكومات والمجتمع المدنى مع الأسر التى تصاب فى مثل هذه الحوادث، وكيف يتعامل المسئولون مع المواطنين المصابين أو الذين فقدوا ذويهم عند وقوع الكوارث الكبرى؟.
ما حدث فى أسيوط على قضبان السكة الحديد لا يقل بشاعة عن هذه الكوارث العالمية، الفارق أن الأخيرة بفعل الطبيعة، أما كارثتنا فبأيدينا وبسبب إهمالنا، فهل يستمر مسلسل الإهمال مع أهالى الضحايا أم نفيق هذه المرة من غيبوبتنا ونؤدى واجبنا تجاه المنكوبين فى فلذات أكبادهم وإزاء أطفال فى عمر الزهور نتمنى ألا تقطف مبكرا،أما إذا تقاعسنا فإننا بذلك نكون قد أقدمنا على الاغتيال الثانى لهؤلاء الأطفال.∎