الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كدوان المنيا و قطار الإسكندرية.. الكارثة واحدة !

كدوان المنيا و قطار الإسكندرية.. الكارثة واحدة !


بين قرية كدوان بـ«المنيا»، والإسكندرية مسافة تتجاوز 450 كيلو متراً.. لكن أسباب الكارثتين اللتين وقعتا بهما (رغم اختلاف التفاصيل)، تتشابهان إلى حد التطابق!
 فى الإسكندرية.. وقع حادث تصادم قطارين أدى إلى مصرع 49 مواطنًا وإصابة 172 آخرين. فى كدوان.. تم غلق مكان منذ شهر كان يصلى فيه المسيحيون هناك، ثم رُفض أمنيًا فتحه مرة أخرى.

 والحقيقة.. أن المسيحيين اضطروا للصلاة فى هذا المكان بعد أن تم الاعتداء على كنيستهم وتحطيمها عام 2012.. وظل مسيحيو القرية يصلون فى القرى المجاورة حتى وقع حادث أتوبيس «دير الأنبا صمويل»، الذى راح ضحيته 23 شهيدًا، و25 مصابًا على يد الإرهابيين.. فقرر مسيحيو القرية التى تضم مع نجوعها 1200 قبطى تخصيص مكان صغير داخل القرية للصلاة فيه؛ بدلا من انتقالهم كل أسبوع للصلاة فى القرى «المجاورة» مما يجعلهم هدفًا سهلاً للإرهابيين.
 إلا أنّ عددًا من أهالى القرية اعترضوا، وأغلقوا المكان.. ثم استجاب الأمن للمعترضين (حسبما جاء فى البيان الذى أصدره الأنبا مكاريوس أسقف المنيا منذ أيام)، ورفض فتحه مرة أخرى بدعوى اعتراض هؤلاء الأهالى، وأنه يجب الحفاظ على مشاعرهم!
لكن..  ما الذى يجمع بين غلق الكنيسة فى المنيا وحادث القطارين فى الإسكندرية ؟
الأخير وقع بسبب الإهمال - وهو موجود منذ سنوات بعيدة - من دون أن نواجهه بجدية وحسم، ولهذا تتكرر حوادث القطارات باستمرار.. ويكفى أنه بعد حادث الإسكندرية بيوم واحد وقع حادث آخر فى العياط، لكن من دون إصابات.
 كما أن إحصائيات هيئة السكك الحديدية تكشف أن عدد حوادث القطارات فى العشر سنوات الأخيرة بلغ 12 ألفا و 236 بمعدل حادثة كل ثلاثة أيام ونصف تقريبا.. إلا أنّ كل هذه الحوادث لم تجعلنا ننتبه للإهمال ونواجهه بقوة وجدية.. فقط كلما وقع حادث كبير يخرج المسئولون؛ لكى يقولوا إن إصلاح منظومة السكك الحديدية يحتاج إلى مليارات - وصلت بعد حادث الإسكندرية إلى 70 مليارا - ثم يتوقف الكلام من دون فعل حقيقى.
 فى كدوان ما حدث هو تكرار لوقائع مماثلة.. ويكفى أن نعرف أن عدد الكنائس وأماكن الصلاة المغلقة بلغ 15 حالة.. كما أن هناك 70 قرية ونجعاً بلا أماكن للصلاة فى المنيا فقط، بخلاف المحافظات الأخرى.
وحسب الدراسة التى قام بها الباحث والكاتب اسحق إبراهيم ونشرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن عدد الأحداث الخاصة بالكنائس، أو الأماكن التى يؤدى فيها المسيحيون الصلاة بلغت منذ عام 2011 وحتى منتصف العام الماضى 74 حادثة بمعدل واقعة كل 24 يوما تقريبا (وهذا الرقم لا يتضمن الكنائس التى تم الاعتداء عليها بعد فض رابعة).. وفى كل هذه الوقائع تم رفض إعادة فتح الأماكن التى تم إغلاقها بعد الاعتداء عليها.. وهكذا أصبح الإهمال والتقصير يتحكمان فى السكك الحديدية، والمتطرفون يتحكمون فى فتح وإغلاق الكنائس!
وفى كل هذه التجاوزات، أيضًا.. فإن المواءمات، وتسكين الأوضاع لا تُعد حلاً بالمرة.. بل تؤدى إلى إهدار القانون، وضياع هيبة الدولة.. فضلاً عن غياب الكوادر التى تبحث عن الإصلاح الحقيقى (لا الحلول المؤقتة)، بجانب اعتماد سياسة الإرجاء، وغياب إرادة الحل الفورى.. وإذا استمر هذا الوضع من دون مواجهة حقيقية؛ فعلينا انتظار كوارث «أخرى» مقبلة.
فهل آن الأوان لأن تتحرك (بقوة) الجهات المسئولة؛ حفاظًا على هيبة الدولة، وتأكيدًا لسيادة القانون؟