الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
البحث عن مفوضية منع التمييز

البحث عن مفوضية منع التمييز


رغم أنها أحد الاستحقاقات الدستورية التى تمت الموافقة عليها عام 2014، ورغم انتهاء فصل تشريعى كامل لمجلس النواب، فإنها مازالت غائبة، ولا نعرف متى ستظهر للنور.

ربما لم يشعر البرلمان بأهميتها وحاجة المجتمع العاجلة إليها، ولهذا لم ينظر قانونها ولم يبد اهتماما بها ولم يضعها فى قائمة أولوياته، حتى إننا لا نعرف هل ستكون ضمن التشريعات التى سيناقشها المجلس فى دور انعقاده الثانى أم سيتم تجاهلها ونسيانها مرة أخرى.
مفوضية منع التمييز نص عليها الدستور فى المادة 53 التى تقول: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر، التمييز والكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض».
ما الذى يعطل إنشاء المفوضية حتى الآن؟ الإجابة لدى رئيس مجلس النواب وأعضاء ائتلاف «فى حب مصر» أصحاب الأغلبية البرلمانية، فمشروع القانون موجود بالفعل وأعدته النائبة أنيسة حسونة ووقع عليه عدد من النواب المعتبرين، ولكننا لا نعرف ما الذى يعرقل صدوره؟ ربما يعتقد رئيس البرلمان وأعضاء اللجنة التشريعية به، أنه لا توجد ضرورة ملحة للإسراع بمناقشة قانون المفوضية، وقد يرونه ترفا ما كان ينبغى وضعه فى الدستور، ولكن الواقع المصرى يؤكد كل يوم حاجتنا إلى هذه المفوضية، فلدينا تمييز دينى وجنسى وطبقي، أحداث التمييز ضد الأقباط عرض مستمر مثل منع بناء الكنائس فى بعض القرى خاصة فى الصعيد، والأحكام العرفية التى تصدر بإيعاز من السلفيين ضد بعض الأسر المسيحية بالتهجير وترك بلدهم وبيوتهم وأعمالهم بسبب خلافات بينهم وبين بعض المسلمين، أو تجاهل تعيين بعضهم فى عدد من المناصب رغم استحقاقهم لها، أما التمييز ضد المرأة فحدث ولا حرج فهناك انتهاك لأنوثتها وتغييب لحقوقها وحرمانها من بعض الوظائف، وقد يصل الأمر إلى منعها من الميراث فى بعض قرى الصعيد، بل إن الأمر وصل للبرلمان عندما طالب أحد النواب زميلاته النائبات بالاحتشام وارتداء ملابس تليق بالبرلمان، نفس النائب اقترح أيضا توقيع كشوف عذرية على الطالبات فى الجامعات، وقائع التمييز الطبقى وبسبب المستوى الاجتماعى لا تقل خطرا عن التمييز الدينى والجنسي، فهناك عدم تكافؤ فرص، وإهدار للعدالة وهو ما يحدث فى كل الوظائف المميزة والتى يصعب على أبناء الفقراء الالتحاق بها، سواء فى القضاء أو الشرطة أو الخارجية أو البنوك أو البترول أو الاتصالات وكلها محجوزة لأبناء الأكابر، بل إن التمييز وصل إلى حد الأوصاف، فكل وسائل الإعلام استخدمت لقب «بنت البواب» عند الاحتفاء بمريم الطالبة المتفوقة فى الثانوية العامة، ورغم أن الأمر تم بحسن نية وإثبات لقوة الفتاة فى مواجهة الصعاب التى تعيشها إلا أن اللقب كان يعنى التقليل من مهنة الأب رغم أهميتها وتمييزا ضده وضد الابنة المتفوقة، وهو ما يذكرنا بما قاله وزير عدل سابق إن ابن الزبال لا يصلح قاضيا، حقيقة أجبر الوزير على الاستقالة، ولكن إبعاده عن المنصب لم يعد الحقوق لأبناء البسطاء، وظل الوضع على ما هو عليه، كما أن جلوس مريم بجانب الرئيس فى مؤتمر الشباب واحتفاءه بها لن يعطى لأمثالها حقوقهم، استمرار هذه الأوضاع تزيد من الاحتقان فى المجتمع، وتؤدى إلى إحباط قطاع كبير من المواطنين، ويقلل من انتمائهم بسبب الظلم الواقع عليهم، من أجل هذا مطلوب من البرلمان سرعة إنجاز قانون المفوضية حتى لا نظل نبحث عنها فى كل فصل تشريعى رغم الحاجة الملحة لها.