
أسامة سلامة
مريم ترد الاعتبار لثورة يوليو
دون أن تقصد أعادت «مريم» المشهورة إعلاميا بابنة البواب؛ الاعتبار لثورة 23 يوليو، نجاحها وتفوقها أبلغ رد على من يهاجمون الثورة ويجردونها من أى إيجابيات.
لولا مجانية التعليم التى قررتها الثورة ومنحت من خلالها الفرصة لأبناء الفقراء فى التعليم منذ 65 عاما ما كانت مريم التحقت بالمدرسة ولا تفوقت ولا أصبحت مثلا يفخر به الجميع، ويتسابق الكثيرون للاحتفاء بها وزيارتها والتصوير معها واستضافتها فى برامج الفضائيات.
مريم ليست النموذج الوحيد وليست الصدفة التى تثبت العكس فهناك نماذج أخرى استفادت من مجانية التعليم وتفوقت رغم الظروف الأسرية الصعبة مثل عبدالراضى ابن نجع الجزيرة بقرية العتامنة التابعة لمركز البدارى بأسيوط والذى تحدى المستحيل وتغلب على الفقر ومرض أبيه المصاب بفشل كلوى وحصل على أكثر من99 % وهناك الآلاف من أمثالهما الذين تعلموا فى المدارس الحكومية رغم سوءاتها ولم يلجأوا إلى الدروس الخصوصية واكتفوا بمدرس الفصل والكتاب المدرسي، لقد كانت العدالة الاجتماعية أحد القواعد التى ارتكزت عليها الثورة فى تغيير المجتمع، وكان إحدى وسائلها فى ذلك التعليم المجاني، وتوظيف الخريجين فور حصولهم على الشهادة - بجانب الإصلاح الزراعى وقوانين إنصاف العمال - وهو ما أدى إلى اتساع رقعة الطبقة الوسطى فى المجتمع، فكل طالب حصل على تعليم مجانى وتوظف ارتقى بأسرته ودفعها للقفز إلى الطبقة الوسطي، ولعل ذلك هو الإنجاز الأهم لثورة يوليو لأن هذه الطبقة هى عماد المجتمع وهى القادرة على الحفاظ على القيم وكلما زاد عددها وأصبحت الأغلبية فى المجتمع ارتقى وأصبح متماسكا ومتمسكا بالأخلاق، ولكن مع السبعينيات وما بعدها وحتى الآن اختلف الأمر وزادت الفجوة اتساعا بين الأغنياء والفقراء وشيئا فشيئا انحدر كثير من الأسر من الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الفقيرة، ومثلما انحدرت الطبقة الوسطى انحدرت أيضا منظومة التعليم المجاني، وأصبحت المدارس الحكومية لأبناء الفقراء فقط بعد أن كانت لكل الطبقات ولجأ الأغنياء وبعدهم أبناء الطبقة الوسطى إلى المدارس الخاصة والدولية، وصارت الدروس الخصوصية لا غنى عنها لأى طالب فى الثانوية العامة حتى أن معظم المتفوقين فى الثانوية هذا العام قالوا إنهم لم يذهبوا طوال العام إلى مدارسهم واستبدلوها بالدروس الخصوصية، ومن هنا كانت المفاجأة بحصول مريم وعبدالراضى على مجموع يفوق الـ 99 % وهما من أبناء المدارس الحكومية ودون حصولهما على الدروس الخصوصية، وهما بذلك أعادا الاعتبار إلى أحد إنجازات ثورة يوليو وكأن فى ذكراها الـ 65 أرادت أن تقول: مازلت أحيا وأتنفس وأقدم خدماتى للمواطنين الفقراء، وما زالت مبادئى قائمة.
مريم وعبدالراضى من أبناء ثورة يوليو وسيلتحقان بكلية الطب الحكومية وسيصبحان طبيبين وسيرتقيان بأسرتيهما الفقيرتين ويصعدان بهما إلى الطبقة الوسطي، وأظن أن أكثر الناس سعادة بهما ليس أسرتاهما ولا من احتفوا بهما على الفيس بوك أو الذين زاروهما من المشاهير وتصوروا معهما، وإنما جمال عبدالناصر.