
أسامة سلامة
قبل مناهضة الكراهية
كتبت منذ أربعة أسابيع على صفحات «روزاليوسف» متوجسا من قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الأديان الذى يعده الأزهر وذلك قبل نشر نصه فى وسائل الإعلام، وقلت فى المقال الذى كان عنوانه «مخاوف قانون مكافحة الكراهية» أن بعض مواده قد تستخدم لوقف الاجتهاد والحد من حرية التفكير والتجديد،
وهو ما ثبت صحته بعد نشر مشروع القانون، حيث جاءت المادة الرابعة منه لتصب فى هذا الاتجاه وهى تنص على «لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأى والتعبير أو النقد أو حرية الإعلام والنشر أو الإبداع للإتيان بأى قول أو عمل ينطوى على ما يخالف أحكام هذا القانون»، وهى المادة التى اعترض عليها عدد كبير من الكتاب وكان أول من نبه إلى خطورتها الكاتب الكبير حمدى رزق فى عموده اليومى فصل الخطاب على صفحات جريدة المصرى اليوم، وكنت قد طالبت فى مقالى بضرورة خضوع القانون لنقاش مجتمعى موسع والاستماع إلى وجهات نظر المبدعين والمفكرين والصحفيين والأدباء ونشطاء المجتمع المدنى، ولكن حتى كتابة هذه الكلمات مازال الأزهر متمسكا بقانونه وبالمادة المعوقة للاجتهاد والتفكير رغم كل الانتقادات التى وجهت لها، على أننا فى غمرة الاهتمام بهذا القانون نسينا قانون إنشاء مفوضية التمييز والتى نص عليها الدستور وهى إحدى استحقاقاته، وفى رأيى أنها أولى من قانون مكافحة الكراهية لأنها أعم وأشمل، وإنشاؤها يفى بالغرض الذى يهدف إليه هذا القانون، وهو ما تكشفه مذكرته الإيضاحية التى تضمنت أن هدف القانون هو الحفاظ على نسيج المجتمع وغرس قيم الإخاء والتسامح والمودة والتعايش والاحترام والسلام الاجتماعى بين أصحاب الديانات، ووقاية المجتمع من غرس مفاهيم مغلوطة قد تباعد بين أفراده وتمس حقائق دينهم، وإعلاء مبادئ المواطنة والمساواة وحرية الاعتقاد، وعدم استخدام الأفكار والمعتقدات الدينية وسيلة أو ذريعة للفتنة أو الكراهية، والتأكيد على أن جميع الناس سواسية أمام القانون لا يجوز التمييز بينهم بأى شكل من أشكال التمييز خاصة الدين، ومنع التطاول على الذات الإلهية والأنبياء والرسل أو الطعن فى أزواجهم وأصحابهم ومنع التطاول على الكتب السماوية، وكل هذه المبادئ يمكن أن تتضمنها مفوضية منع التمييز التى ستمتد لتشمل جميع أنواع التمييز مثل النوع أو الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعى بجانب الدين، ووجود هذه المفوضية يؤدى نفس دور القانون المقدم من الأزهر ويغطى مساحة أعرض وأكبر ويشمل كل فئات المجتمع دون أن يكون هناك تخوف من وضع العراقيل أمام حرية التفكير والاجتهاد، وإذا كانت هناك بعض النقاط القليلة التى قد تخرج عن مهمة مفوضية التمييز فإن قانون العقوبات به مواد كفيلة بسد هذه الثغرة، ولهذا أدعو المفكرين وجميع المهتمين بحقوق الإنسان إلى تقديم مذكرة إلى مجلس النواب يطالبونه فيها بإصدار قانون المفوضية سريعا، لأنه يفض الاشتباك بين الأزهر والمتخوفين من قانونه، كما أنه يطمئن المواطنين خاصة البسطاء على حصولهم على حقوقهم وهو أمر مطلوب فى هذه الأيام.