الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مخاوف قانون مكافحة الكراهية

مخاوف قانون مكافحة الكراهية


أعلنت اللجنة المكلفة من قبل الأزهر بإعداد قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين الانتهاء من مسودة القانون، تمهيدا لعرضه على هيئة كبار العلماء بالأزهر لمناقشته قبل تقديمه فى صورته النهائية لمجلس النواب.
المبادرة الطيبة التى قام بها الأزهر  لوضع هذا القانون جاءت عقب تصريحات الشيخ سالم عبدالجليل المسيئة  للمسيحية ورد القمص مكارى يونان عليها والذى أساء للإسلام ، ولكن هذه النوايا الحسنة  والتى تريد أن تطفئ نار الفتنة الطائفية  أخشى أن تقودنا إلى جهنم، فإذا كان هدف القانون هو مواجهة بعض الجماعات والتيارات المتشددة والتى تروج لأفكار وفتاوى   تحض على التعصب وكراهية الآخر، ورفض العيش المشترك والمواطنة وعدم احترام العقائد الدينية، وهو الأمر الذى يعانى منه المسيحيون أكثر من المسلمين، فإننى لديّ مخاوف  أن تمتد نصوص القانون لتطول الباحثين والدارسين فى الأديان،  فمن السهل على راغبى الشهرة من المحامين والمحتسبين الجدد استغلال مواد هذا القانون فى تقديم بلاغات ضد المفكرين  والباحثين الذين يقدمون أفكارا جديدة ورؤى حديثة واجتهادات عصرية  قد تخالف ما هو موجود فى بعض  كتب التراث  أو بعض محتوياتها التى لم تعد تناسب العصر، وهو أمر كان موجودا قبل هذا القانون ولكنه قد يزيد بعض صدوره، وليس بعيدا ما حدث مع إسلام البحيرى وحبسه عامين بسبب كلامه حول  كتاب صحيح البخارى ومناقشة بعض ما جاء به من أحاديث يرى أنها  منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأنها لا تتفق مع صحيح الإسلام، وهو فى نهاية الأمر اجتهاد قد يخطئ أو يصيب ولكنه من المفترض ألا يقوده إلى السجن، وغير بعيد عن هذا البلاغات المقدمة ضد الكاتب الكبير إبراهيم عيسى بسبب بعض المقالات التى تنشر فى جريدة «المقال» التى يترأس تحريرها، والتى تحتوى على اجتهادات وآراء لم يرض عنها البعض، وقبلهما ما حدث مع د. نصر حامد أبوزيد والذى تم تفريقه عن زوجته بسبب بعض كتاباته التى حوت اجتهادات لم يرض عنها المنغلقون، وقديما تم سحب شهادة العالمية من الشيخ على عبدالرازق بسبب كتابه المهم «الإسلام وأصول الحكم»  والذى كشف فيه أن الخلافة ليست من أصول الإسلام، مما أثار غضب الملك فؤاد عليه، حيث كان يسعى لوراثة الخلافة العثمانية بعد سقوطها على يد أتاتورك، وهى الآراء التى أصبح الأزهر يتبناها اليوم، وأيضا ما حدث مع قاسم أمين واتهامه بالفسوق والابتعاد عن الدين بسبب دعوته لتحرير المرأة وتعليمها والتى نشرها فى كتابيه «تحرير المرأة» و«المرأة الجديدة» وغير هؤلاء كثيرون من ضحايا محاكم تفتيش العقول والنوايا، لكل هذا أخشى أن يصبح القانون الذى يجرى إعداده سيفا مسلطا على رقاب المفكرين والمجتهدين مما يؤدى إلى  الجمود والخوف من التجديد وهو أمر ليس فى صالح الدين ولا المجتمع،     ولكن ليس معنى هذا أن نترك الأمر «سداح مداح» أمام المحرضين على العنف  والذين ينشرون الكراهية باسم الدين وربما كان فى نصوص القوانين الحالية ما يغنى عن إصدار القانون الجديد، أو يكون قانون  إنشاء مفوضية التمييز أجدى وأنفع، ولهذا أدعو إلى عدم التسرع فى إصدار هذا القانون، وإعطاء الفرصة لمناقشته باستفاضة، ومنح الفرصة للمفكرين والباحثين والأدباء وأساتذة الجامعات والجمعيات الأهلية المعنية بحرية الفكر والإبداع والصحفيين لإبداء رأيهم فيه، حتى لا يغلق القانون  الطريق  أمام التفكير ويخنق الإبداع ويصبح مثل الدبة التى قتلت صاحبها بدلا من حمايته.