
هناء فتحى
كلمات متقاطعة
لم أستغرق وقتاً كى أدرك المسافة التى قطعها الزمن، من الخطوة التى شهدت ميلاد نجيب سرور مبدعاً مسطراً أول أشعاره تحت تأثير نفسى وسياسى بعدد كبير من المصريين من (الطلبة والعمال) أثناء المظاهرات الشعبية الحاشدة المناهضة للاحتلال البريطانى لمصر، تحديداً ضد مشروع «صدقى-بيفين» بين مصر وبريطانيا عام 1952 إلى الخطوة التى شهدت ميلاد فرقة «هنمثل» وهى تقدم هذا الأسبوع أول عروضها المسرحية: «كلمات متقاطعة» لنجيب سرور على مسرح (مدينة الطلبة)، فهل ثمة رابط بين احتجاجات (الطلبة) الذين شكلوا وعى وموهبة نجيب سرور عام 1952 وبين مسرح (الطلبة) بالمهندسين، حيث يقف الآن على خشبته 16 مبدعًا ليعيدوا من جديد فى أربع لوحات فنية جميلة عملاً عن نص قديم- وتمت صياغته وتقديمه من قبل عشرات المرات- للشاعر العبقرى الجميل «نجيب سرور» بعنوان «الكلمات المتقاطعة»؟
تدور أحداث المسرحية -فى قالب كوميدى- حول الأوضاع السياسية المقلوبة والمتناقضة والملتبسة فى المجتمع المصرى. لكن نجيب سرور كان قد كتبها لتناقش الأوضاع السياسية إبان نكسة يونيو 67 حيث إن الفن وقتها قام على سرق النصوص والأفكار وليس على الإبداع الشخصى، مثلما كانت الزوجة خائنة، وليست مخلصة -هذا الواقع المجسد لخيانة الزوجة تحديداً هو ما عذب نجيب سرور بشكل خاص، وقد ضمن المؤلف فى نصه الأصلى-قبل التأويل- أحداثا حقيقية مثل زيار «سارتر» قبل ثورة يوليو.
أما فرقة «هنمثل» التى تعرض هذه المسرحية الآن فقد انبثقت من ورشة «معاك» الفنية لإعداد الممثل، وهى ورشة تقوم بتدريب الطالب فى فنون السينما والفيديو والمسرح فى قاعة «اسكتش» بالهرم.
الورشة يرأسها المخرج «خالد أبوبكر» أما فرقة هنمثل فيرأسها «عمرو غالى»، و«محمد منصور» هو مخرج مسرحية «كلمات متقاطعة» ومعه ستة عشر فنانًا وفنانة هم: خلود جلال، أحمد عصفورة، إيمان جلال شيكو، رضا فيجور، عبدالرحمن فتحى، عمر غالى، أحمد سامى، تامر غضنفر، محمد مسعود، هشام على، علاء عفيفى، محمد هانى، عمرو عادل، خالد تيمو، وضيف الشرف محمد سابق.. ومخرج منفذ عبد الله سليم.
جميل جداً أن يتخلق مسرح مصرى جديد الآن من رحم شاعر كبير ومسرحى عظيم وإنسان متفرد مثل نجيب سرور، هذا يدلك على أن القادم المصرى بخير، فلم تأخذنا سنوات اللخبطة والحزن والموت المجانى الأربع الماضيات إلى سكك فن ردىء مع أنها أفرزت نخبة رديئة وإعلاميين أكثر رداءة وحياة اجتماعية وسياسية متردية، لكن الفن هو وحده من سيردنا للنور والأمان، فالرهان دوما على الفكر والفن لهذا يبتدئ أهل التخلف والجهالة أولى معاركهم مع الجمال. ∎