
طارق الشناوي
نـــور عــلى نـــور!
جاءت جائزة إنجاز العمر فى مهرجان دبى التى مُنحت لنجمنا نور الشريف لتقول له: أكمل المسيرة.
نور الشريف أكمل عامه الثامن والستين، فى نفس الوقت سيكتب مذكراته ولكنه لن ينشرها فى حياته - أمد الله فى عمره - وسيتركها لابنتيه مى وسارة، المنطق أن تُصبح المذكرات فى متناول الجميع، وصاحبها قادر على أن يضيف شيئا أو يشرح أو يجيب عن نقطة ما قد تبدو غامضة أو يرد على من لديه تصحيح ورواية أخرى، نور سيتناول بالتأكيد شخصيات عامة إما أنها تعيش بيننا أو هناك كُثر عاشروهم أو عاصروهم.. لم أتبين الأمر لماذا يكتبها الآن ولا يريد أن ينشرها الآن؟!
العديد من الفنانين لا يرحبون بكتابة قصة حياتهم أو بتقديمها فى عمل درامى، هكذا مثلاً كانت وصية الفنانة الراحلة هند رستم لابنتها الوحيدة بسنت، وطلبت منها عدم السماح لأحد بالاقتراب ونفذت بسنت الوصية رغم الإغراءات المادية التى وصلت لعدة ملايين، شادية قبل نحو سبع سنوات خرجت عن صمتها لأول مرة وطالبت بإيقاف تصوير مسلسل كانت إحدى شركات الإنتاج قد شرعت فى تنفيذه.
من حق الفنان أن يقول: «بيدى لا بيد عمرو» ويكتب بقلمه قصة حياته وهو لا يزال قادراً على أن يتذكر تفاصيلها على شرط ألا ينحاز لنفسه على حساب الحقيقة أو يكتفى بنصف الحقيقة.
أتمنى أن ينجز الفنان الكبير نور الشريف قصة حياته وأن ينشرها الآن لنرى زمنا خصبا مليئا بالتفاصيل، كان نور شاهد إثبات على الكثير من أحداثه على مدى يقترب من خمسة عقود من الزمان.
عندما يمر الزمن ونبدأ فى تقييم النجوم الذين أضاءوا حياتنا فى الخمسين عاماً الأخيرة ونبحث عمن هو صاحب الرصيد الفنى الباقى؟! لو سألتمونى عن هذا النجم أقول لكم إنهما اثنان يحتلان المركز الأول أحمد زكى ونور الشريف.. كل منهما له اختيارات سينمائية وإبداعات خاصة تبقى مع مرور السنوات.. الفارق بين أحمد زكى ونور الشريف أن أحمد زكى يختار الدور ويؤديه بمشاعره، بينما نور الشريف مزيج من العقل والمشاعر وفى أحيان كثيرة يترك لعقله الرأى الفاصل والنهائى، ما سوف يبقى مع الزمن للنجمين من أعمال فنية هو الأكثر عدداً، رصيد نور فى العدد ربما يصل إلى ضعف ما قدمه أحمد زكى لأن نور دائماً ما يترك مساحة للعقل الذى يقول له أن هناك وجها آخر للسينما وهى الأعمال التجارية والفنان بين الحين والآخر لا بأس من أن يقدم المذاقين معاً!
نور يدرك بالضبط متى يصمت وينتظر ومتى يعتذر للناس.. نعم يعتذر حيث إنه لم يجد أى حرج فى أن يعلن قبل نحو عشر سنوات أن مسلسل مثل «عيش أيامك» لم يكن على المستوى.. وتغيب عاما ثم عاد بمسلسلات «حضرة المتهم أبى»، «الدالى» واستطاع أن يعقد صلحاً مع الجمهور الذى تعلق به فى مسلسلات مثل «هارون الرشيد»، «لن أعيش فى جلباب أبى»، «الحاج متولى» ورغم أن «الحاج متولى» قوبل بعاصفة نقدية سلبية فإنه على المستوى الجماهيرى يعد واحداً من أكثر المسلسلات شعبية فى تاريخ التليفزيون المصرى!
نور الشريف فى السينما هو العقل البارد جداً شديد الانضباط والقلب الساخن جداً شديد التمرد.. لكن حتى قلبه لا يتحرك قبل أن يأخذ تعليمات من عقله، نور سعدت بتكريمك وأنتظر وينتظر الجميع المزيد!∎