السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
المادة التي ستحرق مصر!

المادة التي ستحرق مصر!










 
 
في عام 2000 أجريت انتخابات الرئاسة الأمريكية في جو مشحون، وكانت نتائج الاستطلاعات متقاربة جدا بين المرشح الجمهوري جورج بوش والمرشح الديمقراطي آل جور.. حتي إن أحدا لم يستطع حسم من سينجح منهما.. وبعد فرز الأصوات التي كانت متكافئة. . جاءت النتيجة لصالح بوش بفارق ضئيل جدا كسبه من أصوات ولاية فلوريدا التي كان حاكمها شقيقه الأكبر.. وسرعان ما تفجرت  المفاجأة.. المنافس الديمقراطي أعلن عن وجود تزوير في هذه الولاية.. وظل الأمر معلقا ولم تعلن النتيجة لمدة تقترب من شهرين، واتجه الاثنان إلي القضاء،
 
حيث قضت المحكمة الدستورية العليا بإعادة فرز أصوات الولاية يدويا.. وبعدها أعلن فوز بوش وإن ظلت الشبهات تطول الانتخابات، ولكن آل جور استسلم للنتيجة مرغما لأنها جاءت بعد قرار قضائي ومن أجل تماسك البلاد.
هذه الواقعة أهديها للمدافعين عن المادة «28» من الإعلان الدستوري التي تحصن قرارات اللجنة القضائية المشرفة علي الانتخابات الرئاسية من الطعن عليها.. وهو أمر خطير وقد يؤدي إلي عواقب وخيمة.. إذا كانت شبهة التزوير طالت انتخابات بلد ديمقراطي مثل أمريكا.. ولم يحسم الجدل والاحتقان سوي اللجوء إلي القضاء.. فما بالك بما قد يحدث في مصر؟! وفي بلد مازال في سنة أولي ديمقراطية.. خطورة الأمر أن تحصين قرارات اللجنة سيؤدي إلي متاعب كثيرة.. مثلا ماذا لو رفضت اللجنة استبعاد عمر سليمان وأحمد شفيق من كشوف المرشحين للرئاسة رغم تعديلات قانون ممارسة الحقوق السياسية وإفساد الحياة السياسية والذي صدر من مجلس الشعب يوم الخميس الماضي؟! حقيقة قد تستند اللجنة إلي أسباب قانونية.. سواء كانت قوية أو واهية، إلا أن قرارها لن يكون مقنعا لبرلمان رأت أغلبيته صدور قانون من أجل استبعاد الفلول، كما أنه لن يكون أمرا سعيدا للسلفيين والإخوان ولا الثوار الذين لن يجدوا حلا قضائيا للطعن علي قرار اللجنة، وبالتالي لن يكون أمامهم سوي الاعتراض بوسائل أخري مثل المظاهرات المليونية.. والاعتصامات.
تحصين قرار لجنة الانتخابات قد يؤدي إلي كارثة أخري إذا تم استبعاد مرشحين مع عدم إعطائهم الحق في الطعن علي القرار، وما قد يشوبه من خطأ وارد.. وقد يتم تأويل القرار بأنه سياسي أو تم إملاؤه علي اللجنة وبهذا يضع أعضاء اللجنة أنفسهم موضع الشبهات، الأخطر أن يري أحد المرشحين أن ثمة تزويرا ما تم أثناء الانتخابات أو يحدث خطأ مادي أثناء جمع الأصوات، أو أن يقوم قاض أثناء الفرز بارتكاب خطأ يترتب عليه تغيير أوضاع المرشحين، ولأن قرار اللجنة تم تحصينه فكيف يتصرف المرشح المظلوم أو الذي يظن أنه تم التزوير ضده؟ هل يأتي الرئيس القادم مطعونا في شرعيته أو مجرحا بالشبهات؟ وهل يظل سيف الاتهام معلقا علي رقبته طوال فترة رئاسته؟ أم نظل ندور في فلك الاحتجاجات التي قد تصل إلي العنف.. خاصة لو كان فارق الأصوات بين الفائز ومنافسه ضئيلا.
الطعن أمام القضاء وصدور حكم قضائي يمنع هذه الافتراضات المؤلمة، وأعتقد أن المرشحين جميعا في حاجة إلي التكاتف من أجل إلغاء هذه المادة السيئة.. وأتصور أن جميع القوي السياسية وائتلافات شباب الثورة والأحزاب بجميع انتماءاتها مطالبة بالوقوف الجدي ضد هذه المادة، ومن أجل تعديلها.. في أمريكا يكون الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا ويمكن أن ندخل تعديلا مماثلا علي المادة بحيث يسمح بالطعن علي قرارات اللجنة أمام المحكمة الدستورية.. وبهذا يتاح للمرشحين الاطمئنان علي عدم التزوير أو يضمن عدم صدور قرار خاطئ من اللجنة، كما يشعر المواطن أن رئيسه جاء بإرادة شعبية فعلا وحتي لو كانت هناك شبهة تزوير.. فإن القضاء يحسم هذا الأمر، من أجل بلدنا ومن أجل مستقبل أفضل يجب تعديل هذه المادة التي ستحرق مصر. 









لجنة الانتخابات الرئاسية وتحصينها سقطة دستوريا
 
 









بوش فى جولته الانتخابية عام 2000