
أسامة سلامة
الاحتفال بعيد الميلاد واجب وطني.. وديني!
اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 07 - 01 - 2012
المصريون ايد واحدة
كل عيد ميلاد وأنتم طيبون.. أقولها للمصريين جميعا.. المسلمين مثل المسيحيين.. المسيح للجميع.. ومعجزة ميلاده جاءت في القرآن مثل الإنجيل.. ميلاد المسيح مناسبة يحتفل بها كل المؤمنين بالمسيحية والإسلام.
لقد كرم القرآن السيدة العذراء ووصفها بأنها أطهر نساء الأرض.. وهي المرأة الوحيدة التي ذكرت في القرآن باسمها.. وكرمها أكثر فسميت سورة باسمها.
سورة مريم يعشقها المسلمون يحبون سماعها بصوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد.. يخشعون لترتيل الشيخ محمد رفعت لآياتها.. تهز وجدانهم أصوات مصطفي إسماعيل.. ومحمود علي البنا.. والمنشاوي والصياد.. وغيرهم من كوكبة القراء.. المسيحيون يفرحون مع ترانيم تردد قصة الميلاد.. يحكي الإنجيل عن الملاك الذي جاء إلي العذراء مريم بنت الناصرة ليبشرها بمولد ابن تسميه يسوع المسيح.. وصدور أمر أغسطس قيصر بأن تكتتب كل المسكونة وذهاب يوسف ومريم العذراء إلي مدينة بيت لحم ليكتتبا وهناك ولد يسوع.
قداس الميلاد بهذا الوجدان يذكر الناس بأكبر معجزة في تاريخ البشرية، تنطلق الترانيم من الكنائس.. في ربوع مصر تذكر أن طفلا ولد في مزود البقر وأنه جاء إلي مصر هربا من الطاغية الروماني الذي كان يقتل الأطفال في المهد خوفا من نبوءة قالت إن طفلا ولد الليلة سيقضي علي ملكه.. حسب التاريخ الأرثوذكسي فإن العائلة المقدسة العذراء مريم حملت طفلها بصحبة يوسف النجار وهربت إلي مصر.. وهناك تجولت في معظم الأراضي المصرية من سيناء في الشرق إلي الدلتا في الشمال ثم الصعيد في الجنوب.. قبل أن تعود العائلة إلي فلسطين مرة أخري، كانت الرحلة التي استمرت عامين بركة ويمنا وخيرا علي مصر حتي الآن.
يري البابا شنودة أن نهر النيل الذي شرب منه المسيح لا يقل أهمية وبركة عن النهر الذي تعمد فيه يسوع.
يرتل المسلمون سورة مريم، يعشقون معانيها، يشدهم جرسها الشعري «كهيعص. ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادي ربه نداء خفيا»، يستمر الترتيل، يخشع القلب عندما تأتي الآيات: «واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا. فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا. قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا. قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا. قالت أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا. قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا. فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. فأجأها المخاض إلي جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا» .. يعجب الناس من المعجزة ومن الطفل الذي يتكلم في المهد ويدافع عن أمه الطاهرة.. يتلو القارئ قول الله: «ذلك عيسي ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون».
الرواية الإسلامية تتفق في مجملها مع الرواية المسيحية مع اختلاف في بعض التفاصيل القليلة.. ولكن الاثنين يتفقان في المعجزة وطهارة وتكريم العذراء.
القداس يحكي معظم ما جاء في القرآن.. فهل حضوره حرام؟
هل مجاملة المسيحيين وتهنئتهم حرام؟.. لقد كانت هناك فتاوي اختفت الآن حول تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وظهرت الأقاويل الآن أنه لا يجوز حضور القداس باعتباره طقسا دينيا مسيحيا وقال محمد حسان- رئيس المكتب الإعلامي لحزب البناء والتنمية الجناح السياسي للجماعة الإسلامية: هل سيحضر البابا شنودة لو أرسلنا دعوة له لحضور صلاة العيد؟!
الأمر هنا غريب هل مجرد حضور قداس أو صلاة يعني المشاركة فيها؟
كثير ما يحضر المسلمون مناسبات سواء أفراحا أو جنازات أو مناسبات أخري فهل هذا الحضور مشاركة في الصلاة أو القداس أم مجرد مشاركة اجتماعية؟ وعندما يحضر مسيحي مناسبة تبدأ بتلاوة القرآن أو داخل سرادق عزاء ويستمع للقارئ وهو يتلو آيات القرآن هل يعتبر هذا مشاركة في القراءة؟ وهل لو حضر صلاة الجنازة علي أحد المسلمين وانتظر حتي نهاية الصلاة داخل المسجد هل شارك فيها أم أنه شارك أصدقاءه وجيرانه في مناسبة اجتماعية؟!
لقد رفض خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب وصاحب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - الصلاة داخل الكنيسة خوفا من أن يأتي أحد ويقول هنا صلي عمر ويتخذ من هذا الموقف فرصة للاستيلاء علي الكنيسة، ومعني هذا أن الصلاة داخل الكنائس جائزة رغم أنها مكان للعبادة عند المسيحيين، وقد يكون هناك قداس أو صلاة مسيحية في الوقت نفسه الذي يصلي فيه المسلم. الرسول - صلي الله عليه وسلم - يقول: «الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي»، وهذا معناه أن حضور القداس بنية أداء الواجب الاجتماعي والتقارب مع أبناء الوطن الواحد لا شيء فيه وأعتقد أنه في مثل ظروف وطننا واجب وطني.. والاحتفال بعيد ميلاد المسيح واجب ديني.. فقد دعا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إلي صيام يومي التاسع والعاشر من المحرم.. والأخير يوم يعظمه اليهود لأنه اليوم الذي نصر الله فيه موسي عليه السلام، ونجاه من الغرق وهو ما يعني أنه يجوز للمسلم مشاركة اليهود والمسيحيين في المناسبات المشتركة التي تخص معجزات الأنبياء.
فهل هناك أروع ولا أجمل ولا أكثر قدسية من معجزة ميلاد المسيح؟!