
أسامة سلامة
قبل أن تشتعل الفتنة الطائفية في نقابة الصحفيين
اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 12 - 11 - 2011
هذه رسالة تحذير مبكرة، فلا يجب أن ننتظر حتي يشتعل الحريق ثم نبحث عن سبل إطفائه، ولا يمكن أن نتوقع انفجار القنبلة ثم نتركها دون نزع الفتيل أو نتجاهل خطورتها. الرسالة موجهة إلي مجلس نقابة الصحفيين ونقيبها الزميل العزيز ممدوح الولي وإلي جموع الصحفيين.
بداية وقبل أن أبدأ في رسالة التحذير، أؤكد علي أهمية حرية إنشاء الصحف، وأن من حق كل الاتجاهات التعبير عن نفسها وأفكارها مادامت لا تخرج علي الآداب العامة ولا تكفر أحدا ولا تخون المختلفين معها، كما أن من حق أي شخص تنطبق عليه شروط الانضمام لنقابة الصحفيين الانتماء إليها مهما كانت انتماءاته السياسية والفكرية.
إنني أحذر من حرب دينية إعلامية قادمة، وفتنة طائفية قد تشتعل في أي وقت علي صفحات الجرائد ثم تمتد إلي باقي الوطن، لقد لاحظت ظهور صحف تنتمي إلي أحزاب دينية، وهذا حق لا يمكن إنكاره فحرية إنشاء الصحف ضرورة مادامت تحافظ علي الثوابت الوطنية، ولكنني أخشي أن تصدر في المقابل صحف مسيحية في مواجهة صحف إسلامية، وأن يصبح هناك سباق طائفي علي إصدار مثل هذه الجرائد.. الخطورة التي أحذر منها مسبقا لها عدة أوجه، أولها مهني فالخوف أن تتحول صفحات هذه الصحف إلي سجال ديني يحرق البلد، خاصة أن ظهور التيارات الدينية والائتلافات والأحزاب يمكن أن يفتح «صندوق باندورا» المملوء بالشرور.. فهناك من يكفر المسيحيين ويوجد من يرد عليه بتكفير المسلمين، ووجود صحف في يد هؤلاء قد يصل بنا إلي الجحيم.. وغير بعيد ما يحدث في بعض الفضائيات مثل قناة الحياة المسيحية التي تبث من الخارج علي «الهوت بيرد» وتهاجم القرآن والرسول وقنوات أخري إسلامية تهاجم المسيحية، والخوف أن تتحول الصحف إلي قنوات فضائية أخري متطرفة، والحل في هذه المشكلة في رأيي هو إعادة صياغة ميثاق الشرف الصحفي، بحيث ينص صراحة علي عقوبة صارمة لمن ينشر ما يزدري الأديان أو يهين الآخر في معتقده أو يستخدم المطبوعة في الهجوم علي الأديان دون أن تمس هذه القواعد حرية الرأي والتعبير والتفكير مطلوب أيضا أن يحدد الميثاق الجهة التي يمكنها التحقيق والمساءلة وتحديد العقاب المهني الذي يصل إلي حد إغلاق الجريدة لفترة محددة، هذا بخلاف المساءلة الجنائية إن وجدت.
الخطر الآخر الذي أستشعره،وأرجو ألا أكون مبالغا في تخوفاتي،هو أن تتحول هذه الصحف إلي وسيلة للسيطرة علي النقابة من خلال الدفع بعدد كبير من المنتمين لها إلي الحصول علي عضوية النقابة،خاصة أن شروط الانضمام للنقابة بسيطة وسهلة وميسورة،فقط أن يتم تعيين الشخص والتأمين عليه مع تقديم إنتاج صحفي بسيط للغاية واختبار شكلي أمام لجنة القيد لا يسمن ولا يغني من جوع، وهناك أعمال صحفية مهمة لا تحتاج إلي تقديم أعمال صحفية إلي اللجنة مثل سكرتارية التحرير والإخراج الصحفي والتصحيح والاستماع وأقسام المعلومات.
ولأنني أخشي من سباق محموم للسيطرة علي النقابة من خلال الدفع بأكبر عدد للحصول علي عضوية النقابة سواء كان هؤلاء فعلا يقدمون أو يقومون بأعمال صحفية حقيقية أم لا، ووقتها سنجد أن حربا طائفية ستشتعل في النقابة، بجانب هذا التخوف من الفتنة الطائفية هناك خطر آخر وهو سيطرة رأس المال علي النقابة، فهناك صحف عديدة يمتلكها رجال أعمال، وهؤلاء يمكنهم أيضا فرض سطوتهم علي النقابة، إذا توحد أكثر من رجل أعمال ممن يصدرون الصحف الخاصة، خاصة أن المجال أصبح مفتوحا أمام حرية الإصدار، وهذا أمر مطلوب ومرغوب بالطبع، ولكن في مقابل ذلك لابد من وضع ضوابط حقيقية للحصول علي عضوية النقابة، وفي هذا السياق أقترح أن يتم تعديل قانون ولائحة النقابة سريعا، بحيث يتم إقرار مادة تحدد اختبارا جديا وحقيقيا لطالبي عضوية النقابة، علي أن يكون هناك امتحان تحريري وآخر شفوي تحت رعاية حكماء المهنة، ويكون دور لجنة القيد الإعداد لهذا الامتحان وتحديد مواعيده وعدد المرات في العام وتوفير اللجان والاتصال بكبار الصحفيين الذين سيتولون وضع الامتحان وتصحيح الإجابات، وأيضا إجراء الامتحان الشفوي لكل متقدم،كل في تخصصه،بجانب المعلومات العامة، هذا الاقتراح سيمنع كل من ليس صحفيا من الحصول علي عضوية النقابة.
أما كل من يجتازه فأهلا به عضوا في الجمعية العمومية للصحفيين، هذا الامتحان سيمنع الفساد والمجاملات في التعيين في كل الصحف سواء قومية أو حزبية أو خاصة، لأنه سيمنع السكرتيرات وأقارب رؤساء التحرير ومندوبي الإعلانات من الحصول علي عضوية النقابة،لأنها ستكون فقط لمن يستحق دون النظر إلي انتمائه السياسي.
أرجو ألا أكون مبالغا في تخوفاتي، ولكنها قضية مطروحة للنقاش وأعتقد أنها ليست خاصة بفئة معينة أو أنها لا تهم إلا الصحفيين.. فالمجتمع كله سيحترق بها إذا لم نواجهها مبكرا لا قدر الله.