الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«روح أكتوبر».. التى فى ميدان التحرير

«روح أكتوبر».. التى فى ميدان التحرير




اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 01 - 10 - 2011


بعد أيام قليلة تحل الذكرى ال 38 لنصر أكتوبر العظيم، ذكرى عزيزة وغالية على قلب كل مصرى، وهى مناسبة تجعلنا نتدبر الأمر ونستلهم منه ما يفيدنا فى حربنا الحالية. نعم نحن نخوض حربا من أجل دولة ديمقراطية مدنية حديثة والجهاد من أجلها الآن لا يقل عن الجهاد الذى خضناه ضد من احتلوا سيناء لمدة 6 سنوات.
أسباب الانتصار فى 6 أكتوبر عديدة ودراستها تجعلنا ننتصر فى معركتنا التى نخوضها الآن.
أولاً: وحدة الهدف، فقد كان فى عام 1973 وما سبقه لا صوت يعلو على صوت المعركة، وكان تحرير سيناء وعودتها إلى حضن مصر هو الأمل الذى عاش من أجله الشعب.. وتحمل فى سبيله كل شىء.. استشهاد الأعزاء الإخوة والآباء والأبناء، وعدم توافر كثير من متطلبات الحياة اليومية، المعاناة من الغارات الجوية التى ظلت تشنها إسرائيل داخل عمق الأراضى المصرية حتى تم بناء حائط الصواريخ.
الآن يجب أن نوحد الأهداف مثلما حدث فى 73، ونسعى من أجل بناء دولة ديمقراطية حقيقية، ومثلما طهرنا سيناء من رجس الإسرائيليين وعدوانهم مطلوب منا أن نسعى لتطهير البلاد من الفساد والفاسدين واجتياز خط الدكتاتورية البغيض مهما كلفنا من تضحيات.
ثانيًا: كان أكبر عامل للنصر هو الإحساس بعار الهزيمة والانتقام لشهدائنا فى نكسة 67 وفى حرب الاستنزاف ورد كرامة الجندى المصرى، ولعل هذا ما جعل الشعب يتحمل ظروف الحرب القاسية فى الجبهة الداخلية، وكان هو الدافع للتضحية بكل غال فى جبهة القتال، اليوم نحتاج أيضا إلى نفس الحماس لمحو عار إذلال الشعب طوال 30 عاما، وإعادة الكرامة للمواطن التى أهدرت بسبب القهر والقضاء على الوساطة والمحسوبية التى حرمته من حقوقه، والأهم هو عدم ضياع دماء شهداء ثورة يناير التى تكاد تضيع فعلا بسبب ألاعيب المحامين الكبار وتواطؤ البعض خاصة أن بعض المتهمين بقتل الثوار ظلوا فى مواقعهم، مما أتاح لهم الفرصة للعبث بأدلة ثبوت الاتهام، نحتاج أن نتعامل مع محاكمة القتلة بروح أكتوبر التى أعطت الجنود القدرة على الانتقام لشهدائنا الأبرار.
ثالثًا: وحدة الشعب، فلم تكن هناك فرقة ولا فتنة طائفية ولا خلافات دينية، ولا أحد يعرف المسلم من المسيحى، أو الفقير من الغنى، لم يكن هناك تكفير أو تخوين أو إقصاء للآخر، وعلى رمال سيناء اختلطت دماء الجميع وكتبت أجمل الانتصارات وأعظمها، ولاشك مطلوب الآن هذه الوحدة وأن ننسى خلافاتنا الصغيرة والمصالح الضيقة، فحتى الآن لم تكتمل الثورة ولم تصل إلى أهدافها، ولم يتحقق منها سوى القليل، فالنظام السابق لم يسقط ومازال يحاول الاستمرار وإجهاض الثورة وإفراغها من مضمونها، من خلال بث الفرقة بين صناعها وإلهائهم بمكاسب رخيصة حتى تنشب الخلافات وينتهى الاتحاد بين التيارات المختلفة الذى كان واحدا من أهم عوامل نجاح الثورة، لقد شاهدنا جميعا المسيحى يصب الماء للمسلم ليتوضأ، والمسلمين يحيطون بالمسيحيين عند إقامة القداس فى ميدان التحرير. كان العامل بجانب الطالب والفلاح مع الصانع، وأستاذ الجامعة مع تلاميذه، والمرأة فى كتف الرجل، كانت روح أكتوبر تحلق فى الميدان أثناء الثورة ولابد من التمسك بها حتى النهاية.
رابعًا: استطاع المجتمع المصرى بعد هزيمة 1967 أن يتغلب على الإحباط، وتمكن من مواجهة الطابور الخامس الذى كان يحاول زرع اليأس فى نفوس المصريين والإيعاز لهم بعدم القدرة على مواجهة إسرائيل والانتصار على الجيش الذى وصفوه بأنه «لا يقهر»، كان هناك من يحاول الإيهام بقدرة غير عادية للإسرائيليين ووصل الأمر بأنها تمتلك قنبلة ذرية وأن سلاحها لا يمكن مواجهته وجنودها ذوو قدرات غير عادية، ولأن المصريين قاوموا هذا الطابور وكشفوه لم يتسلل إليهم اليأس واستطاعوا الانتصار.
حاليا يوجد من يحاول إعادة النظام السابق مستخدمين الأموال التى ستمكنهم من استرداد الوضع القديم، ويرون أنها مجرد فترة تمضى ثم تعود الحال إلى ما كانت عليه.
هؤلاء بالفعل يجهزون أنفسهم وبعضهم كون أحزابا بديلة للحزب الوطنى المنحل بحكم قضائى، ولهذا فإن الاستسلام لهذا الأمر خطيئة والإصرار على تطبيق قانون الغدر فريضة، مهما حاول البعض القول إنه قانون ضد حقوق الإنسان، والحقيقة أن ما ارتكبه بعض رجال النظام السابق يستحق ما هو أكثر من قانون الغدر، ولهذا فإن التصدى لهؤلاء وكشف تحركاتهم يساوى التصدى فى سنوات ما بعد حرب يونية للطابور الخامس.
خامسًا: العلم.. لولاه لما حاربنا وانتصرنا، فقد كان الإعداد والتخطيط علميا وليس عشوائيا وكان التنفيذ دقيقا، لقد واجهت قواتنا كثيرا من العقبات، لكن التفكير العلمى ساهم فى الوصول إلى حلول لها مثلا كيفية التخلص من الساتر الرملى الذى واجهناه بخراطيم المياه، وهى فكرة نبعت لدى ضابط مسيحى اسمه باقى زكى يوسف وذلك خلال عمله لفترة فى السد العالى، وهناك مشكلة أنابيب النابالم التى حلها أحد الضباط بابتكار كور الأسمنت التى تسد فوهات الأنابيب، وغيرها من الأفكار وقبل ذلك التدريب الجاد والحقيقى، والتخطيط الواعى الذى وصل إلى حد دراسة تأثير المد والجزر فى القناة والتيارات المائية بها ودراسة أساليب العدو وأفضل الأوقات لمهاجمته وخداعه فى الوقت نفسه، نحتاج فعلا إلى العلم من أجل دولة مدنية حديثة، نحتاج من الآن أن نطور تعليمنا وجامعاتنا، وأن نقضى على أساليب الفهلوة التى زرعها النظام السابق فى نفوس البعض وجعلها الوسيلة الأولى للارتقاء فى المجتمع والحصول على الأموال حتى فقدت مصر روح الابتكار وإيمانها بالعلم.
سادساً: لقد شارك الجميع فى حرب أكتوبر ولم يحاول أحد أن ينسبها لنفسه حتى إن حاول البعض الإعلاء من الضربة الجوية - على أهميتها بالفعل - على حساب باقى الأسلحة، واليوم لابد من التضافر فالكل شارك فى الثورة ولا يجب أن يختطفها أحد لنفسه ويزعم أنه لولا ضربته الجوية ما كان النجاح، فهذا الأمر هو الذى سيؤدى إلى عدم إكمال الثورة مسيرتها، فنحن مازلنا فى البداية، اللهم انصرنا الآن كما نصرتنا فى 73.
أخيرا تحية لرجال قواتنا المسلحة الباسلة فى ذكرى الانتصار العظيم.