الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بقلم رئيس التحرير: العدوان الثلاثي علي الشركات الأجنبية

بقلم رئيس التحرير: العدوان الثلاثي علي الشركات الأجنبية




اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 25 - 06 - 2011


جاء عدد من المستثمرين الفرنسيين إلي مصر، وطلبوا لقاء رئيس الهيئة العامة للاستثمار.. ولكن المسئول رفض مقابلتهم في توقيت نحن أمس فيه لكل مليم يدخل البلاد طالبا أن ينتظروا زيارته لهم في فرنسا.
هذه الحكاية التي تكشف كيف يدار ملف الاستثمار في مصر قال لي أحد المستثمرين الفرنسيين من أصل مصري في اتصال هاتفي وطلب مني عدم ذكر اسمه لأنه لا يهدف مصلحة خاصة وإنما يريد أن ينبه إلي العراقيل التي تواجه الاقتصاد المصري الآن وأخطرها العقلية التي تتحكم في إدارته. المسئول الكبير لم يكلف نفسه أن يستمع إلي رجال أعمال جاءوا حتي باب مكتبه في الوقت الذي نبحث فيه عن استثمارات أجنبية ونستجدي دولا لكي تقنع أقرباءها بالاستثمار في بلدنا لا أعرف الأسباب التي دفعت رئيس هيئة الاستثمار لهذا التصرف ولكنني أؤكد مهما كانت الظروف فإننا نحتاج إلي ثورة حقيقية من أجل جذب المشروعات إلي مصر.. ويكفي أن الموازنة الجديدة جاءت حسب بيان مجلس الوزراء في ظروف استثنائية يمر بها الاقتصاد المصري حيث من المتوقع ألا يزيد معدل النمو خلال العام الجديد علي 5,3% وهو معدل منخفض لا يكفي لخلق فرص عمل تستوعب الداخلين الجدد لسوق العمل مما يعني مزيداً من البطالة.
في هذه الظروف نحن في حاجة ماسة إلي الإمساك بقوة بفرص الاستثمار التي تأتي في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها الآن.. فما بالك بأننا نطارد المستثمرين طالبين منهم انتظارنا في بلدهم حتي نأتي إليهم.
رجل الأعمال المصري - الفرنسي قال لي إن شركات أجنبية عديدة بدأت تلملم أوراقها استعدادا للخروج من مصر، وعدَّد الأسباب التي تجعل المستثمرين خائفين ومترددين من الاستمرار في بلدنا وهي رسالة طلب مني أن أضعها أمام المسئولين عن إدارة الدولة.
أولاً: الأمن أولوية قصوي فلا يوجد مستثمر يأتي إلي مكان لا يشعر فيه بالأمان وهناك العديد من الشركات التي تعرضت لهجوم من البلطجية وتم الاستيلاء علي منتجاتها بعد اقتحام مخازنها، ويزيد من الأمر أن العديد من هذه المصانع موجودة في الأماكن التي لا توجد بها حراسات كافية.
ثانياً: ما يتردد عن تغيير أسعار بعض الخدمات والمزايا التي فرضتها الدولة سابقا مثل أسعار الغاز الطبيعي والسولار والتي علي أساسها أقيمت مصانع وتم توقيع عقود صفقات حددت أسعارها علي أساس أسعار الخدمات المقدمة من الدولة، وأيضاً حافز التصدير الذي تم تخفيضه مما يعني أن مكاسب هذه الصفقات ستنخفض وربما تحقق خسائر.
ثالثاً: اضرابات العمال والتي تهدد بتوقف الإنتاج في المصانع والمطالب التي تتزايد خصوصا فيما يتعلق بالمرتبات وحسب ما قاله لي المستثمر الفرنسي فإن بعض المصانع رفعت المرتبات بنسبة 40% إلا أن العمال يريدونها 100%.
رابعاً: وهو الأهم عدم وضوح رؤية الحكومة الحالية فلا أحد يفهم السياسات الاستثمارية.. فالحكومة تضم وزراء ذوي ميول اشتراكية وأخري ميولهم رأسمالية ويحبذون السوق الحر وهو ما يعني أن الحكومة ليس لها اتجاه واحد وهذا يجعل المستثمر يفكر ألف مرة قبل أن يأتي إلي مصر.. حقيقة إن د. عصام شرف خلال زيارته إلي فرنسا علي هامش اجتماع الدول ال8 الكبار أكد علي أن مصر تتجه إلي السوق الحر وأنه لا عودة عن هذا النظام إلا أن هذا لم يمنع قلق المستثمرين بسبب ضبابية الرؤية وعدم تجانس أعضاء الوزارة فكريا.. وربما هذا ما يؤخر قدوم المستثمرين حتي تتضح الرؤية وتظهر حكومة جديدة بأفكار محددة وواحدة.
--
المستثمر الفرنسي قال لي أيضاً إن الشركات الأجنبية الكبيرة لم تغادر مصر حتي الآن أملا في استقرار الأوضاع وانتهاء المرحلة الانتقالية سريعا، ولأن مصر سوق كبيرة وتحقق لهم ربحاً كبيراً.. وكشف لي المستثمر الفرنسي أن مصر كانت جنة المستثمرين الأجانب خلال النظام السابق لعدة أسباب منها أنه لا توجد بها اشتراطات بيئية مثل الدول المتقدمة وأيضاً لا توجد بها حقوق للعمال، كما أن ضرائبها منخفضة مقارنة بغيرها من الدول بالإضافة إلي تقديمها حوافز كبيرة.. بجانب أن العراقيل التي تواجه أي مستثمر كان يمكن حلها من خلال المسئولين الفاسدين الذين كانوا يضعون العراقيل ثم يحلونها بسهولة ويسر.
ولكن - حسب كلام المستثمر الفرنسي - أن مصر إذا تخلت عن كل الفساد السابق ووضعت اشتراطات بيئية ولائحة وعقودا عادلة للعمالة وضرائب معقولة وقضت علي الفساد فإنها أيضاً ستكون جاذبة للاستثمار وربما أكثر من الأول فهي سوق كبيرة للغاية، وربما كانت من أكبر الأسواق استهلاكا، ولكن كما كان الفساد عامل جذب لبعض الاستثمارات فإنه كان بالمقابل عامل طرد أيضاً.
وقال لي أيضاً إن رجال الأعمال والشركات الأجنبية تتعرض الآن لعدوان ثلاثي أولها يأتي من الحكومة بعدم وضوح رؤاها وكثير من الشركات الأجنبية التي تريد أعمالاً في مصر مثل الموانيء والمطارات والفنادق لا تدري وقد اقترب انتهاء عقودها هل سيتم تجديدها أم لا، وما الشروط الجديدة وهذه الضبابية تجعلهم يبحثون عن مكان رؤاها واضحة؟ وأما العدوان الثاني فيأتي من البلطجية وانعدام الأمن فمن المعروف أن رأس المال جبان وأنه يبحث عن الأماكن المستقرة الآمنة وإذا لم تقم الحكومة بفرض النظام والأمن فلن يأتي مستثمر واحد بأمواله إلي القاهرة، أما الشريك الثالث في العدوان فهو البيروقراطية المصرية والفساد الصغير وهو أمر يحتاج إلي إجراءات حاسمة.
--
اقتراح جديد طرحه المستثمر بتعيين نائب رئيس وزراء للمجموعة الاقتصادية يرأس من خلال المنصب وزراء الصناعة والمالية والاقتصاد والاستثمار والتجارة الخارجية والداخلية والزراعة والقوي العاملة.. وبذلك يمكن التنسيق بين هؤلاء جميعاً بدلا من أن يجتهد كل في مجاله وربما تعارض أفكارهم.. ويقول إن مثل هذا النظام موجود في بريطانيا وهناك وزير للاقتصاد يضع تحت منه وزراء دولة لباقي المجالات الاقتصادية كالمالية والصناعة التي تنتهي هناك الإبداع والتجارة وغيرها من الوزارات المهتمة بالاقتصاد ويقول أيضاً إن الملف الأمني إذا لم يغلق قريباً فلن تستطيع الدولة تحقيق معدل نمو 5,3% رغم ضعفه.
وينهي الرجل كلامه بأن الثورة المصرية محل تعاطف كبير من جانب الدول الأجنبية، ولكن هذا لا يكفي لجذب الاستثمارات ما لم ينته العدوان الثلاثي الذي يمهد لجلاء الشركات الأجنبية عن مصر.. حقيقة مازالت هناك رغبة قوية في استمرار هذه الشركات في السوق المصرية، ولكن هذه الأوضاع سيجعلها ترحل وستكون عودتها مرة أخري صعبة للغاية خاصة إذا استثمرت في دول أخري واستقرت أوضاعها بها.
هذه رسالة من رجل أعمال فرنسي مصري أنقلها كما هي وأضعها أمام المجلس العسكري ومجلس الوزراء وكل القائمين علي إدارة هذا البلد.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.