
أسامة سلامة
من هم المشاركون في إشعال الفتنة بالصمت ؟
اسامة سلامة روزاليوسف الأسبوعية : 25 - 09 - 2010
ليس كل السكوت من ذهب.. ففى أحيان كثيرة يصبح الصمت جريمة.. الصامتون فى قضايا الفتنة الطائفية شركاء فى إشعالها ومساهمون فى تأجيجها.. والشريك يوجه إليه نفس تهمة الفاعل الأصلى ويحصل غالبا على نفس العقوبة.
صمت الجهات المعنية عند الفتنة يعطى الفرصة للمتطرفين والمغرضين لكى يحتلوا الساحة، ويؤثروا فى رجل الشارع ويقودوه إلى طريقهم ويغذوه بأفكارهم.. والأحداث الأخيرة أثبتت ذلك، وكشفت أن كل الجهات ارتكبت جريمة الصمت إما عن تقاعس أو تواطؤ والنتيجة أن النيران تزداد اشتعالا . 1
- الكنيسة.. هل تراجعت عن دورها الوطنى؟
ظلت الكنيسة طوال تاريخها حريصة على وحدة الشعب المصرى، وحرصت دائما على رفض التدخل الأجنبى فى شئونها وواجهت بحزم أى محاولة لاستغلالها ضد مصلحة الوطن وتصدت لمؤامرات عديدة كان هدفها قسمة المجتمع المصرى إلى أقباط ومسلمين.. وأكدت الكنيسة دائما على الوحدة الوطنية، ومازال الجميع يتذكر مقولة القمس «سرجيوس» «فليذهب الأقباط وليحيا الوطن».. لكن الأسبوع الماضى صمتت الكنيسة على كلام الأنبا بيشوى الذى يضرب الوحدة الوطنية، ويشق المجتمع المصرى ويفتت النسيج الوطنى، ويمزقه إلى قطع متناثرة، كلام الرجل القوى فى الكنيسة على صفحات المصرى اليوم جريمة كان ينبغى على البابا شنودة والمجلس الملى والمجمع المقدس استنكاره، لقد قال بيشوى «الأقباط أصل البلد.. نحن نتعامل بمحبة مع ضيوف حلوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا»
كلام أسقف دمياط وكفر الشيخ وسكرتير المجمع المقدس يشعل النار، ويغذى التطرف على الجانبين الإسلامى والمسيحى، آراء المطران لا تستند إلى أدلة علمية وإنما إلى أهواء متطرفة مردود عليها.. فلا يمكن لأحد فى مصر أن يثبت أنه من أحفاد الفراعنة، بل إن بيشوى نفسه يمكن أن تكون أصوله العليا عربية أو يونانية أو رومانية أو ليبية أو حتى نوبية، فكل هؤلاء احتلوا مصر لفترات غير قليلة، وعلى سبيل المثال الهكسوس، وهى قبائل قادمة من المنطقة العربية، احتلوا الوجه البحرى بأكمله حتى مشارف أسيوط، قبل أن يطردهم أحمس خارج البلاد، وبالطبع خلال هذه الفترة تعاملوا مع المصريين وتزوجوا منهم وبعضهم فضل البقاء فى مصر على الخروج مع الجيش المهزوم، نفس الأمر ينطبق على الإغريق ثم الرومانيين وغيرهم من الدول التى احتلت مصر، بل إن الفترات الأولى كانت القبائل تنتقل بين الدول، ولم تكن الحدود فاصلة ومحددة كما هى الآن، وكيف يجزم بيشوى أنه من أبناء البلد الأصليين لمجرد أنه قبطى، وحتى لو كان كلامه صحيحا ألا يدرك هذا الرجل أن معظم المسلمين المصريين كانوا مسيحيين ثم أسلموا لأسباب مختلفة، فهل إسلامهم ينفى عنهم أصولهم المصرية أم أن الرجل القوى فى الكنيسة يريد أن يربط بين الديانة والهوية.. وحتى الذين قدموا من خارج مصر، واستوطنوها لفترات طويلة ومرت قرون على وجودهم فى مصر، هل يمكن اعتبار سلالتهم غير مصرية، أن معنى كلمة ضيوف أنهم ليسوا من أهل البلد، وأنهم سيغادرونها يوما ما سواء بإرادتهم أو بغيرها.. إذا رغب المالك الأصلى فى طردهم.. فهل هذه المعانى ترضى عنها الكنيسة.. إن الصمت إزاء تصريحات بيشوى يعنى إما الموافقة على كلام يشعل الفتنة أو التقاعس عن وأدها وكلاهما جريمة لا يجب السكوت إزاءها.
كنت أتمنى أن تخرج الكنيسة ببيان يوضح أن هذا رأى شخصى للأنبا بيشوى، ولا يعبر عن الكنيسة أو أنه أخطأ التعبير ولم يقصد المعانى التى فهمت من كلامه، ولو فعلت الكنيسة، ذلك لهدأت مشاعر المسلمين الذين غضبوا لكرامتهم وللطعن فى وطنيتهم، إن صمت مؤسسات الكنيسة على هذا الكلام، وفى مواقف سابقة أدى إلى الهجوم على البابا شنودة شخصيا، وهو أمر لم يكن يحدث حتى فترات قريبة، حيث كان البابا من الشخصيات المصرية التى تحظى بتقدير الجميع، نظرا لمواقفه الوطنية الواضحة.. فهل تخلت الكنيسة عن ثوابتها الوطنية؟
2- الأزهر ..هل أصبح مستباحاً للمتطرفين؟
منارة العلم وحامى الوسطية فى الإسلام.. وهو الجامع والجامعة الذى تخرج فيه فقهاء عظماء حافظوا على سماحة الدين، وقدموا الفهم الحقيقى للإسلام.. هذه المؤسسة العظيمة صمتت مؤخرا على استلاب اسمها.. ولم تر فى بيان يحمل اسم جبهة علماء الأزهر دعوة لمقاطعة الأقباط اقتصاديا تمهيدا لمقاطعتهم اجتماعيا أى خطورة.. ربما لم يجذب انتباه شيخ الأزهر أن البيان يحمل اسم الأزهر وحتى ولو كان صادرا من موقع إلكترونى بعد موقف الشيخ الراحل محمد سيد طنطاوى الرافض لهذه الجبهة والحكم بحل الجمعية التى تحمل هذا الاسم.. إن مجرد وجود اسم الأزهر العظيم على مثل هذا البيان كان يجب أن يكون كافيا لكى تصدر مؤسسة الأزهر وشيخه بيانا يوضح فيه رأى الإسلام من هذه الدعوة الخطيرة، لقد وصف البيان الكنيسة المصرية بأنها «أصبحت مصدر إرعاب وإرهاب للدولة والأمة» وأنها «تحتقر جميع الأعراف والقوانين والضوابط العرفية والأخلاقية، فضلا عن الشرعية والدينية» لقد وصف البيان الكنيسة بأنها «تستقوى بخصوم مصر وأعدائها مما جعلها معلما من معالم التخريب للوحدة الوطنية وتهديد للأمن الاجتماعى»، الأخطر ما دعا إليه البيان بالوقوف أمام ما أسماه «الصلف الكهنوتى» و«العنف الكنسى»، والدعوة إلى «مقاطعة المصالح المسيحية خاصة المصالح الاقتصادية حتى يثوب النصارى إلى رشدهم ويراجعوا مع المجرمين - حسب نص البيان - أمرهم وحسب البيان، فإن المصالح المطلوب مقاطعتها هى الصيدليات والمستشفيات والعيادات ومحال المصوغات والأثاث ومكاتب المحاماه والمدارس الخاصة.. فهل يرضى الأزهر عن هذا الموقف.. إن صمته وعدم إدانته لهذا البيان يصب فى خانة المتفرج على الحريق بدلا من الإسراع إلى إطفائه..
لقد كنت أتصور أن يأخذ الأزهر موقفا حاسما من مجموعة افتأتت على هذه المؤسسة العريقة واستخدمت اسمها فيما لا يجوز، فالدعوة إلى المقاطعة لا تكون إلا بين الغرباء والأجانب وليس أبناء الوطن الواحد، والأزهر كان دائما حريصا على الوحدة الوطنية.. مستلهما فى كل الأوقات حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن أهل الذمة «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» إن صمت الأزهر عن ما فعلته هذه المجموعة قد يؤدى إلى ظهور مجموعات أخرى كل منها تستخدم اسم المؤسسة الدينية الوسطية وعندها لن يستطيع أحد الفصل بين المتطرفين والأزهر الذى عاش طوال ألف عام منبرا للسماحة وسيفا فى وجه من يحاول شق الوطن.. صمت شيخ الأزهر هنا غير مقبول حتى ولو كانت هذه الجهة ليس لها وضع قانونى، وتوضيح أنها لا تمثل الأزهر وأن رجاله لا يوافقون على أفكار البيان الهادم للأمة ضرورة حتى لا يظن أحد فى الداخل والخارج أن من أصدروه يتحدثون باسم المؤسسة الدينية.
3- وزارة الداخلية .. لو كانت لا تدرى فالمصيبة أعظم
عندما يطلق شخص بحجم الدكتور «سليم العوا» قنبلة بأن الكنائس بها أسلحة فلا يمكن الصمت إزاء هذا الكلام الخطير إذ إنه يعنى ببساطة أن هناك حربا أهلية قادمة فى مصر، ولذلك كان من المفترض أن تتكلم وزارة الداخلية لأنها متهمة فى كل الأحوال. إذا كانت الكنائس بها أسلحة، فكيف دخلت وهل من وراء عيون الأمن أو بمعرفته ؟
وهل تواطأت أجهزة الشرطة مع القائمين على الكنائس لدخول أسلحة مهربة وممنوعة وغير مرخصة إلى هذه المبانى التى تشبه القلاع.
أما إذا لم تكن هناك أسلحة فلماذا لم توضح الداخلية هذا الأمر، إن الصمت هنا يؤدى إلى تصديق رجل الشارع المسلم لهذه المقولات ولو سارعت الداخلية، وكشفت الحقيقة لوضعت الماء على نار الفتنة وأطفأتها فى مهدها، هناك من الأمور لا يصلح معها التجاهل حتى لو كانت غير منطقية ولا تصدق، ومواجهة هذه الأقاويل تمنع النار من الانتشار، خاصة أن الأجواء مهيأة لتصديق مثل هذا الكلام فى ظل اتجاه الشارع للتعصب وسيطرة ذوى الأفكار المتطرفة على عقل وأذن المواطن البسيط، وهو الأمر الذى سيؤدى يوما إلى كارثة إذا استمررنا نتجاهل مثل هذه الكلمات ولا نرد عليها
4- المجلس القومى لحقوق الإنسان.. لا أرى لا أسمع لا أتكلم
رغم التفاؤل الكبير الذى واكب إنشاؤه منذ أكثر من سبع سنوات إلا أن الأمل فى القيام بد وره تضاءل شيئاً فشيئاً حتى أصبح يطلق على هذا الكيان الحاضر الغائب.. المجلس القومى لا يتحرك إلا إذا دفعه أحد ولكنه لا يبادر أبداً ويخفى رأسه فى الرمال مثل النعامة.. متصوراً أن أحدا لن يلومه مادام لم يطلب منه أحد التدخل.. أليس أحد أدواره الحفاظ على حقوق المواطن المصرى.. ألم يسمع أحد فى هذا المجلس الضجيج الدائر حول المواطنة كاميليا شحاتة وما يقال من بعض المسلمين بأن الكنيسة أجبرتها على دخول الدين وتغيير عقيدتها وإعادتها للمسيحية رغما عنها بعد إسلامها.. ألم تسمع الكلام الآخر الصادر من الكنيسة بأن كاميليا مازالت مسيحية ولكن ليس من حق أحد أن يسأل عنها.
ألم ير المجلس فتنة كاميليا وهى تنتشر وتكاد تحرق الجميع.. أليس أحد أدوار هذا المجلس تقصى الحقائق فى قضايا حقوق الإنسان.. لماذا إذن لم يبادر ويطلب من الكنيسة السماح لعدد من أعضائه لقاء كاميليا.. إن هذا الطلب سيكون مصيره واحدا من احتمالين الأول أن الكنيسة سترفض وفى هذه الحالة لابد من إصدار بيان يكشف الكنيسة ويضعها فى موقف حرج لأن المجلس جهة محايدة وهو هنا يطمئن على مواطنة.
ترددت أقاويل أنها مختطفة ومجبرة على الإقامة بأحد الأديرة رغما عنها، الاحتمال الثانى أن الكنيسة سمحت لوفد المجلس بمقابلة كاميليا فإنه سيصدر بيانا بما سمعه منها ورأيها والتحقق من عقيدتها التى تريد اتباعها.
إن مثل هذا البيان كان سيوقف حملات كثيرة ومظاهرات تمت فى المساجد من الممكن أن تتطور فى المرات القادمة إلى الأسوأ ويكون السبب فى هذا صمت المجلس المعنى بحقوق الإنسان فى مصر والذى يرأسه رجل بحجم بطرس غالى.
5- لجنة المواطنة بالمجلس الأعلى للثقافة خارج الأحداث.. دائماً
لا أحد يعرف ما هو دور هذه اللجنة التى أنشئت منذ أقل من عام.. ورغم قصر عمرها فإن أحدا لم يشعر بها.. هل هى لجنة لتداول الأفكار بين مجموعة من المثقفين؟ إذن ما هى هذه الأفكار التى توصل إليها أعضاء اللجنة وكلهم شخصيات مرموقة خلال الاجتماعات السابقة هل دور اللجنة تقديم مقترحات للجهات المعنية وإذا كان الأمر كذلك فما هذه المقترحات؟ هل منوط باللجنة مخاطبة الرأى العام ومحاولة التأثير فيه؟ أم دراسة أسباب الفتنة والكشف عنها وتقديم اقتراحات لمواجهتها؟.. إن أحدا لم يشعر بها على الإطلاق ولا يعرف دورها وإذا كانت هذه اللجنة التى تحمل اسما رائعا وتنتمى إلى مجلس مهم - يتبع وزارة الثقافة - لم تجد فى الأحداث الأخيرة خطرا يجب مواجهته فمتى يمكن أن تتكلم؟ إنها حتى لم تصدر بيانا يدعو إلى التسامح.. أو يشجب كلاما يمكن أن يؤدى إلى فتنة لا نعرف عواقبها.. أليس المجلس الأعلى للثقافة الذى تنتمى إليه اللجنة به أعضاء متخصصون فى الانثربولوجى ومهتمون بالمواطنة يمكنهم الرد على ادعاءات بيشوى والعوا؟.. أم أنها لجنة للكلام دون الفعل وأنها مجرد حلية يتزين بها المجلس الأعلى للثقافة حتى يقول لدينا لجنة للمواطنة.
6- الأحزاب.. تحالف ضد المواطنة
تعتقد الأحزاب السياسية فى مصر أن دورها المنافسة فى الانتخابات والحصول على بعض المقاعد فى البرلمان، ومن أجل ذلك يمكنها أن تتحالف مع بعضها أو مع الإخوان المسلمين كما فعل بعضها من قبل، وتكشف سياسة هذه الأحزاب أن المهم بالنسبة لها هو التواجد فى مجلسى الشعب والشورى بأى طريقة.. ولكن هذه الأحزاب لا تنفعل من أجل ما يعكر صفو الوحدة الوطنية.. لم نر الحزب الوطنى وهو حزب الأغلبية يقدم على خطوة ملموسة لمعالجة هذه القضية وإذا كان بالفعل حزبا جماهيريا كما يدعى وإذا كان له تمثيل فى كل قرية ونجع ومركز ومحافظة فكيف لم يستغل هذه الجماهيرية فى مواجهة الفتنة الطائفية، إن الحزب الوطنى بحكم قربه من الحكومة ولأنه صاحب الأغلبية كان ينبغى أن يسرع لمناقشة جميع القضايا التى تمس الأمن القومى المصرى، حقيقة أنشأ الحزب لجنة للمواطنة ولكنها ظلت مسمى بلا عمل حقيقى لم تزر أماكن الفتنة.. ولا ناقشت أسبابها وطرق مواجهتها.. لم تتقدم بتشريعات تساعد على إخماد الفتن.. أحزاب المعارضة الأخرى التى ملأت الدنيا ضجيجاً بالحديث عن الفساد السياسى والمالى خرست وصمتت فى مواجهة المشكلة الطائفية.. وأبرز مثال أن أحدا لم يسمع لها حسا رغم خطورة الأحداث الأخيرة ولا هى أدانت تصريحات بيشوى ولا رفضت كلام العوا ولا استنكرت بيان جبهة علماء الأزهر فى كل الدول المتقدمة تتحالف الأحزاب حتى مع حزب الحكومة لمواجهة الخطر الذى يهدد الأمة، ولكن فى مصر لا ترى الأحزاب كلها أى خطر فى انقسام الشعب.
كان فى وسع الأحزاب أن تنظم مظاهرات ضد مظاهرات الكنائس والمساجد.. كان يمكنها أن تصدر بيانات وترسل وفودا تناقش الكنيسة فيما قاله بيشوى حتى يحس قادتها أن الأفكار المتطرفة ستصيب أول ما تصيب الكنيسة.. كان يمكن أيضاً للأحزاب أن تقول للعوا احذر فالاتهامات لا تلقى جزافا وإلا أشعلت نارا لا تنطفئ وأنك ستخسر رصيدك الشعبى.. كانت تستطيع الأحزاب أن تقف ضد دعوى جبهة علماء الأزهر وأن تفندها ولكنها بدلا من ذلك اهتمت بالانتخابات البرلمانية القادمة والحديث عن التزوير القادم، بينما البلد سيحترق ويومها لن ينفع الندم.
7- النخبة والمثقفون.. التيه الكبير
فى كل دول العالم تلعب النخبة دورا مهما عندما تحس بالخطر يهدد الوطن وفى مصر كلنا يذكر بيان المثقفين والكتاب قبل حرب أكتوبر والذى طالب الرئيس السادات بالحرب بعد أن أعلن أن عام 1972 هو عام الضباب السياسى ولا يمكن الحرب فيه.. ولكن النخبة فى مصر الآن ترى وتسمع وتناقش وتتكلم وتجادل ثم لا تفعل شيئا لم يحاول أحد أن يشكل وفدا يقابل البابا شنودة ويناقشه فى خطورة أفكار بيشوى وأن تصدر مثل هذه الآراء من أحد قيادات الكنيسة، نفس الأمر مع سليم العوا الذى يحظى بصداقة عدد غير قليل من النخبة المصرية.. لم ينظم أحد وقفة احتجاجية على تنامى الأفكار المتطرفة داخل المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية. اكتفى البعض منهم بالكتابة فى الصحف وهم يعرفون أن هذا الأسلوب لن يرد أحدا عن خطئه، ولن يجعل أحدا يتراجع ويعتذر عن أفكار تحرق المجتمع وتقسمه.. فمتى تدرك النخبة ويعرف المثقفون أن دورهم ليس الكلام فقط وإلا أصبح جعجعة بلا طحن، وقد آن الأوان لأن يخرجوا من التيه الكبير.
8- المجالس التشريعية.. الحاضر الغائب
لا أحد يدرى فى مصر ما الذى يؤخر صدور قانون بناء دور العبادة الموحد أو على الأقل قانون بناء الكنائس والكل يعلم أن صدور هذا القانون سيقلل من الاحتقانات التى تنشب بسبب بناء الكنائس.. لا أحد يعلم لماذا لا تأخذ هذه المجالس باقتراح المجلس القومى لحقوق الإنسان وإصدار قانون تجريم التمييز على أساس الدين أو النوع أو الوضع الاجتماعى والذى سينهى صدوره حوادث وادعاءات الاضطهاد الدينى والإحساس الزائف به، هذه المجالس لم تناقش قضايا الفتنة الطائفية بجدية منذ أحداث الخانكة عام 1971 عندما شكل البرلمان لجنة تقصى حقائق برئاسة الدكتور جمال العطيفى ورغم أن دورة الانعقاد فى مجلسى الشعب والشورى انقضت وتفرغ أعضاء الشعب لانتخاباتهم إلا أن الأحداث السابقة تؤكد أن البرلمان كان سيظل صامتا لا يتحرك حتى لو أحرقت النار يديه.
9- النيابة والقضاء.. العدالة يجب أن تكون مفتوحة العينين
عندما تكون الجريمة متكاملة هل يجب أن تنتظر النيابة بلاغا حتى تحقق فى الأمر. إن ما جرى فى الأيام الماضية جريمة واضحة المعالم والمتهم فيها معروف لكن النيابة لم تبدأ التحقيق فيها حتى الآن رغم وجود بلاغات بالفعل تقدم بها بعض المحامين المسلمين والأقباط.. إن حساسية المنصب الدينى للأنبا بيشوى لا يجب أن تكون حائلا دون التحقيق معه فيما قاله، كما أن التحقيق معه يرفع الحرج عن النيابة فى التحقيق مع الدكتور العوا.. بسبب ما ادعاه.. ولا يمكن القول هنا إن كلام الاثنين يندرج تحت حرية الفكر، فما قالاه ليس آراء وإنما قنابل انفجرت فى المجتمع.. وأعتقد أن استدعاء الاثنين للتحقيق واتخاذ إجراء قانونى ضدهما سيردع الآخرين عن تكرار مثل هذه الآراء المدمرة.
10- الحكومة: لا ..للمواجهة
هي المتهم الأول في كل الأحداث انسحبت وتركت الساحة فاحتلها المتطرفون وسيطروا على المواطن البسيط واستغلوا الإعلام والتعليم فى تأصيل أفكارهم لدى الأجيال الجديدة فخرجت مؤمنة بالتعصب والتطرف ورفض الآخر، وآن الأوان لأن تعود الحكومة لأداء دورها فى مواجهة الفتنة بدلا من أن تغمض عينيها وتسد أذنيها وتغلق فمها.. وأن تطبق القانون بحزم على الجميع بدلا من المصالحات العرفية التى تؤدى إلى تكرار الأحداث.. إن الحكومة لم تر فى كلام بيشوى عيبا ولا فى تصريحات العوا خطرا وأظن أنها ستندهش عندما ترى الفتنة تشتعل.. إن الحكومة دائما تتحرك بعد فوات الأوان.. رغم أن الخطر على بعد خطوات منها.