
أسامة سلامة
دراسة اجتماعية لـ «حرائر الإخوان»
من أبرز الظواهر التى بدأت فى العام المنتهى، واستمرت مع العام الجديد، هو مظاهرات فتيات ونساء الإخوان وما واكبها من عنف قمن به، حتى إن كثيرين يتشككون فى أنهن طالبات جامعيات أو سيدات محترمات وإنما معظمهن بلطجيات مأجورات.
وسيظل فى الذاكرة طويلا مشهد طالبات الإخوان الأزهريات، وهن يعتدين بالضرب على أساتذتهن بجامعة الأزهر، فقد قمن بالاعتداء على د. ليلى شكر وحاولن خلع حجابها، وضربن د.نيفين سيد أحمد عندما حاولت الدفاع عن زميلتها، واقتحمن محاضرة تلقيها د.منى صبرى بكلية الدراسات الإسلامية ومنعوها من استكمال المحاضرة وخلعوا حجابها وأجبرن الطالبات على ترك القاعة، كما حاصرن مكتب د.مهجة غالب أربع مرات، بل وذهبن إلى منزلها وشتمنها لأن الإمام الأكبر د.أحمد الطيب اختارها فى لجنة الخمسين التى كانت مكلفة بتعديل دستور الإخوان، بالإضافة إلى مشاهد اعتدائهن على رجال الأمن بالجامعة، وسيرهن فى طرقات الجامعة وهن يحملن فى أيدهن عصى من الخشب والحديد ويطرقن بها أبواب المدرجات لإثارة الشغب والتشويش على زميلاتهن اللاتى يرفضن الاشتراك فى الإضراب عن الدراسة، ويواصلن تلقى المحاضرات أو حضور الامتحانات، وفى اعتقادى أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة عميقة من أساتذة علم النفس والاجتماع، فما الذى يجعل فتيات متعلمات وأمامهن مستقبل مشرق يتحولن إلى أعمال البلطجة والشغب؟!
وكيف استبدلن الاحتجاج السلمى المشروع بالضرب والاعتداء وتحطيم جامعتهن؟ وكيف تم زرع أفكار العنف فى رؤوسهن؟ ومتى تم إقناعهن أنهن بهذه الأفعال القبيحة يدافعن عن الإسلام؟ وأين تدربن على كل هذه الأعمال القتالية الموجهة للأمن فى جامعتهن؟
والأهم هل تغير فكر الإخوان من النظرة الدونية للمرأة، أم أنها مرحلة تتطلب استخدام الحرائر فى حربهم ضد النظام الحالى، وبعدها تعود المرأة الإخوانية مرة أخرى إلى درجتها الأقل كثيرا من الرجل داخل الجماعة؟
لا أدرى هل قرأت فتيات الجماعة كلام مؤسس الإخوان حسن البنا عن تعليم النساء أم لا؟ وإذا قرأنه، فما رأيهن فيه؟ ولماذا يخالفن تعاليمه وآراءه؟!
يقول البنا فى مقال له بمجلة المنار «ليست المرأة فى حاجة إلى كل التعليم فهى ليست فى حاجة إلى التبحر فى اللغات المختلفة، وليست فى حاجة إلى الدراسات الفنية، والمرأة للمنزل أولا وأخيرا، وليست المرأة فى حاجة إلى التبحر فى دراسة الحقوق والقوانين، وحسبها أن تعرف ما يعرفه عامة الناس، علموا المرأة ما هى فى حاجة إليه بحكم مهمتها ووظيفتها التى خلقها الله لها، تدبير المنزل ورعاية الأطفال.
هذا هو رأى البنا والذى سار عليه الإخوان طويلا، بل نفس النظرة الدونية للمرأة استمرت حتى الآن، فهى ممنوعة من دخول مكتب الإرشاد، ولا تمثل فى دوائر اتخاذ القرار فيها، بل إن وصولها إلى أى موقع مشروط بأن يكون رئيسها رجلاً، ناهيك عن الجماعة تحرم ترشح المرأة لرئاسة الجمهورية لأنها من الولاية الكبرى الممنوع على النساء توليها، ورغم هذه النظرة التى تحط من قيمة المرأة وتقلل من شأنها ووضعها، فإن الفتيات المنتميات للإخوان ينفذن التعليمات دون تفكير، فقد قالت قيادات الجماعة إن عدم اختيار امرأة فى موقع قيادى بالجماعة خوفا عليهن من بطش رجال الأمن الذى يتعرض له رجال الجماعة، ورغم ذلك فقد كانوا يدفعون بالنساء لمواجهة الأمن فى الانتخابات قبل ثورة يناير دون أن يخشوا عليهن من اعتداء الأمن، وبعد وصول الإخوان للحكم وفى ظل وجود رئيس منتمٍ إليهم، وبرلمان أغلبيته منهم ظل وضع المرأة كما هو داخل الجماعة، وبعد ثورة 30 يونيو وعزل مرسى وإزاحته بالإرادة الشعبية عن رئاسة الجمهورية، دفع الإخوان بالنساء إلى الشوارع، وأمروهن بالاعتداء على من يعارض الإخوان أو ينتمى إلى النظام الجديد، دون خوف من اعتداء الأمن عليهن، وإذا كانت قيادات الجماعة لا تريد سوى مصالحهم الخاصة ولو على دماء المواطنين، فإن نساء الجماعة يحتجن إلى دراسة عميقة بعد أن تحولن إلى العنف بعد أن كن يسمين أنفسهن الحرائر، وينفذن تعليمات مؤسس الجماعة بأن البيت أفضل من العمل، وأنه يجب البعد عن الاحتكاك بالأمن حتى لا يؤذين، أليس التناقض يحتاج إلى دراسة بالفعل.