طالبات على رصيف الجامعة!

هدي منصور
لأول مرة فى تاريخ المدن الجامعية، تواجه الطالبات عقبة كبرى فى شروط جديدة اعتبرنها مجحفة للالتحاق بالسكن الجامعى، ومنها عدم قبول الطالبات إلا بعد مرور أسبوع على بدء الدراسة، حتى يتم الانتهاء من تسكين الحاصلات على تقدير عام جيد جدا، الأمر الذى جعل الفتيات حائرات ما بين العودة إلى محافظاتهن النائية أو القريبة، والبحث عن سكن الطالبات مع ما فيه من مخاطر عدم الأمان ورفض الأهالى لهذا السكن.
«روزاليوسف» رصدت رأى الطالبات المغتربات عن الشروط الجديدة للسكن فى المدن الجامعية.
تقول مريم محمد: حضرت إلى القاهرة من محافظة أسوان، وهذه هى زيارتى الأولى للعاصمة، وأنا طالبة فى كلية الطب البشرى، وكان يتملكنى الحماس لألتحق بالمدينة الجامعية، لأنها بداية المشوار فى دراستى، ولكن كانت المفاجأة الكبرى أننى لن أتمكن من دخول المدينة إلا بعد أسبوع كامل من الدراسة، ولم أجد حلا سوى افتراش حقائبى المتواجدة أسفل بوابة المدينة الجامعية، خصوصا أن رجال أمن المدينة رفضوا تماما دخولى وانضمامى للمدينة وليس أمامى إذن إلا حلين، الأول عودتى إلى منزلى وترك الدراسة التى إذا انقطعت عنها أسبوعا كاملا كان الفصل بداية طريقى فى عامى الدراسى، والحل الثانى أن أنضم لأحد بيوت الطالبات المجاورة للجامعة، وذلك هو الأصعب لأن أهلنا فى محافظة أسوان يرفضون وجودنا فى هذه البيوت خوفا على حياتنا وأمننا لما نسمعه عنها بأنها غير آمنة على الفتيات المغتربات.
تضيف مريم: وبعد أن بحثت فى أمر تلك البيوت لأنضم لأحدها فوجئت أن المبلغ المطلوب من 0001 إلى 0051 جنيه كشهر مقدم، وآخر للتأمين، فمن أين أحضر ذلك المبلغ الضخم، بالإضافة إلى أن بيوت الطالبات يتواجد فيها خمس طالبات فى الغرفة الواحدة، والحقائب ترمى أسفل السريرين، ومن الممكن أن أتعرض للسرقة.
وتؤكد مريم أن المديرة المسئولة عن المدينة الجامعية لم تستمع لشكواهن، وتقول إن رجال الأمن أصروا على أن هناك قواعد فى التسكين لن يتم تغييرها، ونصحوها بالعودة للمنزل حتى يمر الأسبوع الأول من الدراسة.
وتجلس فاطمة السيد الطالبة فى العام الثانى من كلية الطب بجوار مريم وتقول إنها من محافظة قنا، وكانت موجودة العام الماضى فى المدينة الجامعية منذ اليوم الأول، ولكن هذا العام تغيرت الضوابط والشروط، حيث لا يسمح بالدخول فى الأسبوع الأول سوى للحاصلات على تقدير جيد جدا فقط، وتضيف فاطمة: علمت من زميلاتى أن الغرف فى الداخل فارغة، ونحن متواجدات على الأرصفة أمام البوابة دون السؤال فى أمرنا، وليس أمامنا سوى الانتظار لنهاية اليوم، وفى هذه الحالة إذا لم أجد حلا سوف أستقل القطار وأعود إلى بيتى، لأننى ليس لدىّ مأوى آخر، وبيوت الطالبات مكدسة، وفى تلك الحالة ستعاقبنى الكلية بالإنذار.
وتقول شيماء مصطفى الطالبة فى الفرقة الثانية بكلية الهندسة: تواجدت من الساعة السابعة صباح اليوم، وأنا من محافظة سوهاج، وليس معى أحد، وما جعلنى أصبر حتى الآن، تواجد غيرى من البنات، رغم أن لدينا حلولا عرضناها على المسئولين رفضوها ومنها أن تبيت البنات مع بعضهن خصوصا لو كن من قرية واحدة وبلد واحد.
وفى مشهد قد يعكس مدى قلق أولياء الأمور وربما علمهم بما ينتظر بناتهم، يجلس محمد مهنا أحد أولياء الأمور الذى حضر مع ابنته من محافظة الوادى الجديد ويقول: هناك قواعد حاسمة طالبت بها الجامعة هذا العام، وهى الفيش الجنائى وتحليل السموم، ولن تدخل فتاة إلى المدينة الجامعية بدونها، لذلك حضرت مع ابنتى لأساعدها فى استخراج تلك الأوراق، لأنها المرة الأولى التى تحضر فيها إلى القاهرة وإلا سوف يكون مصيرها هو بيوت الطالبات وهى الأخطر من التواجد فى الشوارع فليس فيها أى أمان، ونحن نخضع للشروط رغم أنها مكلفة لنا ونحن بسطاء الحال.
وتضيف أسماء عبدالسلام من محافظة قنا بالفرقة الأولى كلية الطب: حضرت منذ الصباح الباكر وفوجئت برفض دخولى، وكل ما يوجد بجوار البوابات الحديدية لافتات بيضاء موجود عليها أرقام تليفونات بيوت طلبة وطالبات للمغتربين، لكن للأسف لا نملك المبلغ المالى لهذه المنازل غير الآمنة، وأولياء أمورنا يرفضون ذهابنا إليها.
المشهد الأخير هو انتشار سماسرة التسكين أمام المدينة الجامعية، الذين يستغلون روتين الجامعة ليؤجروا بعض الشقق للطالبات بأسعار مضاعفة، وهناك بعض الطالبات اللاتى يلجأن لهذا الأمر لبعد المسافة والأعباء التى سيعانين منها إذا عدن إلى مدنهن.∎