الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

معجزة الإسلام .. الخالدة والمتجددة

معجزة الإسلام .. الخالدة والمتجددة
معجزة الإسلام .. الخالدة والمتجددة


فى ليلة السابع عشر من «شهر رمضان».. والنبى - صلى الله عليه وسلم - فى الأربعين من عمره.. أذن الله عز وجل للنور أن يتنزل.. فإذا «جبريل» - عليه السلام - آخذ بالنبى.. يقول له: «اقرأ.. اقرأ باسم ربك الذى خلق.. خلق الإنسان من علق.. اقرأ وربك الأكرم».. وهكذا نزلت أول آية من هذا الكتاب العظيم.. على النبى الرؤوف الرحيم.. فى هذا الشهر الكريم.. والذى شهد النزول الفريد لكتاب الله.. «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان».
 
وهكذا شهدت أيامه المباركة.. إتصال الأرض بالسماء.. وتنزل الوحى بالنور والضياء.. فأشرقت الأرض بنور ربها.. وانقشعت ظلمات الجاهلية.. وقبل ذلك شهد هذا الشهر الكريم.. نزول «القرآن الكريم» جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا فى «ليلة القدر».. «إنا أنزلناه فى ليلة القدر» .. و«إنا أنزلناه فى ليلة مباركة».. إنها تلك الليلة الموعودة.. التى سجلها الوجود كله.. فى فرح وابتهال.. ليلة الاتصال بين الأرض والملأ الأعلى.. ليلة ذلك الحدث الباهر.. الذى لم تشهد الأرض مثله.. فى جلاله.. ودلالته.. وآثاره.. فى حياة البشرية جميعاً.. وهى العظمة التى لا يحيط بها الإدراك البشرى.
 
وفى شهر رمضان يجتمع الصوم والقرآن.. وهذه صورة أخرى من صور ارتباط رمضان بالقرآن.. فتدرك المؤمن الصادق شفاعتان.. يشفع له القرآن لقيامه.. ويشفع له الصيام لصيامه.. ومن صور اختصاص شهر رمضان بالقرآن الكريم صلاة التراويح.. فهذه الصلاة أكثر ما فيها قراءة القرآن.. وكأنها شرعت.. ليسمع الناس كتاب الله.. مجوداً.. مرتلاً.. ولذلك استحب للإمام أن يختم فيها ختمة كاملة.
 
إلا أن للقرآن سطوة وتأثيرًا.. ينفذ إلى أعماق الإنسان.. فإنها تسكب فى قلب المؤمن.. اليقين.. والطمأنينة.. وسعة الأفق.. واستعلاء الإيمان.. ومن أعجب أسرار القرآن الكريم.. وأكثرها لفتاً للانتباه.. تلك السطوة الغريبة.. التى تخضع لها.. النفوس عند سماعه.. وسطوة القرآن ظاهرة حارت فيها العقول.. ظاهرة يصنعها القرآن فى النفوس.. فحين يسرى صوت القارئ فى الغرفة.. يغشى المكان سكينة ملموسة.. وتشعر أن ثمة توتراً يغادر المكان.
ولما كان القرآن الكريم منزلاً من عند خالق الكون سبحانه.. بلسان عربى.. للبشر جميعاً.. كان لابد أن يكون خطابه شاملاً جميع البشر.. ومعجزاً لهم جميعاً.. فكما اشتمل على الإعجاز البيانى والبلاغي.. فى إحكام آياته الباهرات.. اشتمل أيضاً على حقائق كونية معلومة.. وأخرى لم تعلم بعد.. تدل من يدركها.. أن تلك الآيات المبينة لحقائق الوجود.. من عند خالق هذا الكون.
 
ويحسن بمن يقرأ القرآن الكريم عموماً.. وبمن يقرأه فى شهر رمضان على وجه الخصوص.. أن يحاول فهم معانيه.. بالرجوع إلى التفاسير المهتمة ببيان المعنى.. وذلك أدعى إلى تذوق القراءة.. والإحساس بجمالها.. فالقلب كلما تفكر فى معانى كلام الله .. اكتفى من الشبع.. والنمو.. والاستقرار.. والثبات.. والعلو.. والشعور بالأمن.. والرجاء.. والطمأنينة.. فليس من يدرك المعانى ويعلمها.. كمن لا يدركها .
 
ومن آداب تلاوة القرآن الكريم.. إخلاصك النية لله تعالى.. والقراءة بعقل حاضر.. وقلب خاشع.. فارغ من كل شىء.. إلا من حب الله.. والرغبه فى فهم كلامه.. وإستحضار أن الله يخاطبك فى هذا القرآن.. وأن تحسن صوتك.. وتترنم به.. وتتمهل فى ترتيله.. بدون سرعة.. لأن ذلك أعون على تدبر معانيه.. وتذوق حروفه وتعبيراته.