أعقد الأعوام فى مسار العدوان
2025.. الدماء والسلام فى غزة
مرڤت الحطيم
نقترب من وداع عام 2025؛ والاستعداد لاستقبال عام جديد؛ نتذكر الأحداث التى عصفت 12 شهرا بغزة؛ والتى شملت فى نهايتها وقف إطلاق النار بموجب اتفاقية شرم الشيخ بقيادة مصر والولايات المتحدة.
ويظل 2025 من أعقد الأعوام فى مسار الحرب على غزة؛ حيث برزت مسارات متوازية من مفاوضات ناقصة فى بداية 2025؛ وصفقات تبادل واسعة وعمليات عسكرية كثيفة أعادت رسم مشهد الصراع من جديد؛ وبين وقف إطلاق نار لم يصمد وعمليات إسرائيلية اتسعت شمالا وجنوبا؛ ظل الفلسطينيون يدفعون أثمانا إنسانية قاسية، فى حين تحركت واشنطن وتل أبيب وحماس فى دوائر سياسية وأمنية متشابكة شكلت خريطة العام.
هدنة هشة
بدأ عام 2025 بآمال ضعيفة حول إمكانية تثبيت تهدئة طويلة فى غزة بعد شهور من القتال والاستنزاف؛ ورغم التوصل إلى اتفاق أولى لوقف إطلاق النار فى يناير 2025؛ سرعان ما ظهر التصعيد السياسى داخل إسرائيل والخلافات حول شروطه مما جعل الهدنة تبدو هشة منذ لحظتها الأولى.
وفى 15 يناير كان هناك إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد مفاوضات طويلة؛ وفى 19 يناير بدأ وقف إطلاق النار لمدة 42 يومًا وإطلاق أول 3 رهائن إسرائيلية. وأعلن إيتمار بن غفير انسحاب حزبه من الحكومة اعتراضا على الاتفاق؛ يوم 21 يناير ألغى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عقوبات فرضها سلفه جو بايدن على مستوطنين فى الضفة الغربية؛ بينما فى 27 يناير تم السماح بعودة الفلسطينيين إلى شمال غزة؛ وفى 30 يناير دخل قرار حظر أنشطة الأونروا فى إسرائيل حيز التنفيذ.
تبادل الأسرى
شكلت الأسابيع الأولى من الهدنة مرحلة تبادل أسرى هى الأكبر منذ سنوات؛ فى محاولة لبناء مسار تدريجى نحو المرحلة الثانية من الاتفاق؛ لكن خلف صفقات التحرير كانت تتراكم توترات سياسية وأمنية؛ ومعها بدأت الهشاشة تتسلل إلى أى حديث عن تسوية؛ ومع نهاية فبراير 2025 بدا واضحا أن التفاهمات تصطدم بواقع ميدانى وسياسى أكثر تعقيدا من قدرة الأطراف على احتوائها.
معبر رفح
وفى 1 فبراير تم إعادة فتح معبر رفح وإطلاق 183 أسيرا فلسطينيا؛ بينما فى 4 فبراير ألمح الرئيس الأمريكى ترامب لاحتمال سيطرة أمريكا على غزة؛ وفى 8 فبراير أطلقت حماس سراح 3 رهائن مقابل 183 أسيرا فلسطينيا؛ 15 فبراير تم إطلاق سراح 369 أسيرا إضافيا؛ 20 فبراير تم تسليم جثامين 4 رهائن إسرائيليين؛ 26 و27 فبراير تم إطلاق سراح 642 أسيرا فلسطينيا على دفعتين.
التحول الأخطر
مع بداية مارس شهدت غزة التحول الأخطر بمسار الأحداث، بعدما أعادت إسرائيل إطلاق عمليات عسكرية واسعة أنهت الهدنة فعليا؛ ومع اتساع الهجمات وتقدم القوات الإسرائيلية؛ دخل قطاع غزة مرحلة جديدة من المعاناة الإنسانية، وسط حصار خانق أدى إلى موجة وفيات بسبب الجوع ونقص الدواء.
شنت إسرائيل يوم 18مارس هجومًا جويًا واسعًا معلنة انتهاء الهدنة؛ فشلت محادثات القاهرة يوم 14 أبريل للوصول لاتفاق جديد بسبب التعنت الإسرائيلى؛ أعلنت إسرائيل يوم 17 مايو بدء عملية عربات جدعون الأولى؛ وفى 19 مايو كانت هناك أوامر إسرائيلية بإخلاءات جديدة فى خان يونس وبنى سهيلة؛ وفى 20 مايو كان هناك وفاة 326 شخصا بسبب سوء التغذية ونقص الأدوية بعد الحصار الكامل.
وفى 22 مايو تم اغتيال محمد السنوار؛ وفى 9 يونيو اعترضت إسرائيل سفينة مادلين التى كانت تحمل مساعدات لغزة؛ و13 يونيو شنت إسرائيل غارات جوية على إيران؛ بينما فى 26 يونيو تم وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، وفى النصف الثانى من عام 2025 اتجهت إسرائيل لتوسيع العمليات النوعية واستهداف قيادات بارزة من حماس بالتوازى مع تطويق شامل لمدينة غزة. واستمرار الضربات فى الخارج وهذه التطورات رفعت منسوب التوتر الإقليمى والدولي؛ وأعادت الصراع إلى دائرة احتكاك أوسع تجاوز حدود القطاع فى حين استمرت الجهود الدولية لمحاصرة تداعيات التصعيد.
تطويق غزة
وفى 3 سبتمبر تم تطويق مدينة غزة بالكامل استعدادا لاقتحامها؛ وفى 6 سبتمبر تم إنشاء منطقة إنسانية فى خان يونس توزع فيها إسرائيل المساعدات؛ بينما كانت تستهدف الفلسطينيين الجوعى والعطشى للقليل من الطعام؛ بينما فى 9 سبتمبر تم استهداف قادة حماس خلال اجتماع فى الدوحة لاغتيالهم؛ وفشلت المحاولة الإسرائيلية، وفى 3 أكتوبر كان هناك تحرك دولى بينما اعترضت إسرائيل 13 قاربا من أسطول الصمود العالمى المتجه إلى غزة.
2025
ومع اقتراب نهاية 2025، أخذت ملامح انفراجه سياسية جديدة تظهر على السطح؛ بعدما دفعت الضغوط الدولية والإقليمية الأطراف إلى العودة للمفاوضات؛ وكانت اتفاقية شرم الشيخ التى تم فيها إعلان المرحلة الأولى من خطة السلام؛ وتفعيل دور أمريكى مباشر فى المراقبة شكلا جديدًا أعاد الأمل فى خفض التصعيد؛ ولو مؤقتا بينما بدأت عمليات تبادل رهائن جديدة تعيد ترتيب حسابات الأطراف.
وفى 9 أكتوبر أعلن الرئيس الأمريكى ترامب توقيع المرحلة الأولى من خطة السلام؛ بالتزامن مع التوصل لاتفاق لوقف الحرب فى شرم الشيخ برعاية مصرية كاملة فى قطاع غزة، أسفرت الضغوط الأمريكية عن اتفاق على وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل فى شرم الشيخ بقيادة مصرية دخل حيز التنفيذ فى العاشر من أكتوبر.
وبعد عامين من حرب مدمرة أودت بحياة الكثير من الفلسطينيين، وأتاح ذلك الاتفاق الذى استند إلى خطة سلام مقترحة من الرئيس الأمريكى ترامب إلى إطلاق سراح حماس للرهائن المحتجزين لديها فى القطاع أحياء وأمواتا، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين بالسجون الإسرائيلية؛ وأتاحت دخولا متزايدا للمساعدات الإنسانية إلى غزة؛ رغم أنها لا تزال أقل بكثير من حاجات السكان وفقا للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى.
وأبرز بنود الاتفاق الـ20 بين حركة حماس وإسرائيل، انسحاب إسرائيل التدريجى من محيط غزة؛ وتقديم حركة حماس معلومات عن الأسرى الإسرائيليين؛ وفى خلال 72 ساعة من التوقيع تسلم حركة حماس جميع الأسرى الأحياء الموجودين لدى الفصائل فى قطاع غزة.
وبعد 72 ساعة تسلم حركة حماس رفات 28 أسيرًا إسرائيليًا فى غزة مقابل تقديم إسرائيل جميع المعلومات المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين لديها؛ يتم تشكيل آلية تبادل المعلومات عن الأسرى بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء والصليب الأحمر الدولي.
وترسل حركة حماس قائمة بالبيانات المتوافرة لديها عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات؛ وتتم عملية تسليم الأسرى دون أى مظاهر احتفالية أو إعلامية؛ وتم تسليم الأحياء وفى يوم الأحد 12 أكتوبر حتى الساعة 6 صباحا من اليوم التالي؛ مع تسليم ما أمكن من الجثامين وتنسق حركة حماس فى قطاع غزة مع الصليب الأحمر بشأن الأسرى الإسرائيليين؛ وحين تكتمل الإجراءات عند الطرفين تتحرك السيارات التى تحمل الأسرى من الجانبين.
وفى 13 أكتوبر أفرجت حماس عن 7 رهائن ضمن الدفعة الأولى التى شملت 20 رهينة أحياء، بينما فى 24 نوفمبر أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية إنهاء عملياتها فى غزة بعد أن أثارت الجدل المحلى والدولى لشهور.
وفى 4 ديسمبر أعلنت إسرائيل مقتل ياسر أبو شباب فى صراع داخلى؛ وفى 8 ديسمبر تم الإعلان عن اللقاء السادس بين نتنياهو وترامب لإطلاق المرحلة الثانية من خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة.
ينتهى عام 2025 على أمل فى إعادة إعمار غزة مع تقدم خطة ترامب وصولا إلى إرساء سلام مستدام بالقطاع، إلا أن المرحلة الثانية لم تبدأ بعد بسبب تعنت الجانب الإسرائيلى حول تسليم سلاح حماس.
ويبدو أن المفاوضات على المرحلة اللاحقة من الاتفاق خصوصا حول نزع سلاح حماس ستكون حساسة للغاية، فيما يتبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، ونفذت إسرائيل سلسلة من الضربات العنيفة على قطاع غزة فى الأسابيع الأخيرة؛ مؤكدة أنها ترد على هجمات لحماس.
تتضمن المرحلة الثانية التى لم تبدأ بعد تصورا لإنشاء هيئة دولية تحمل اسم مجلس السلام؛ يضطلع بدوره فى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب برياسة ترامب؛ إلا أن هناك تعقيدات إسرائيلية مرة أخرى، جعلت المرحلة الثانية تتوقف حتى نهاية هذا العام.وفيما يخص الضحايا فى غزة حتى نهاية عام 2025 وفقا للجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى فقد وصل عدد الشهداء الفلسطينيين فى القطاع إلى 70670 شهيدًا منهم 158593 طفلا و12400 من النساء و4412 مسنًَّا و1411 من الطواقم الطبية، وشهد عام 2025 واحدا من أكثر الأعوام دموية؛ حيث استشهد 252 صحفيًا، و800 من الكوادر التعليمية و203 من موظفى الأونروا و113 من الدفاع المدنى وأكثر من 11200 مفقود منهم 4700 من الأطفال والنساء.







